هآرتس: هكذا أحرجت إسرائيل حسن نصرالله

هآرتس: هكذا أحرجت إسرائيل حسن نصرالله
الوقائع الإخبارية : نشر الكاتب الإسرائيلي، عاموس هرئيل مقال رأي في صحيفة "هآرتس العبرية" حول اغتيال الشهيد صالح العاروري في العمق اللبناني وتبعاته.

وتاليا نص المقال الكاتب:
الاغتيال المنسوب إلى إسرائيل لشخصية رفيعة في حماس، صالح العاروري، وبالأساس المكان الذي نفذت فيه عملية الاغتيال أول أمس (حي الضاحية الشيعي في جنوب بيروت) تضع حزب الله أمام معضلة بخصوص طبيعة مشاركته في مواصلة الحرب مع إسرائيل. رئيس حزب الله، حسن نصر الله، هدد في آب الماضي بالرد بقوة على أي عملية لإسرائيل ضد لبنان. المس بالعاروري، وهو شخصية بارزة في حماس، في لبنان وفي قلب معقل حزب الله، يلزم نصر الله برد شديد.

لكن أقوال نصر الله أمس في الخطاب الذي تحدد موعده آنفاً، لم تدل على رغبة جامحة في الذهاب إلى معركة من ناحية رئيس الحزب. وصف حسن نصر الله في خطابه، اغتيال العاروري ثلاث مرات على التوالي بـ "العملية الإجرامية” وأن الحزب لن يمر عليه مرور الكرام. مع ذلك، ظهر من أقوال حسن نصر الله أن توجه حزب الله ليس الحرب الشاملة بمبادرته. إذا قررت إسرائيل شن حرب كهذه، قال، عندها سيرد حزب الله بقوة كبيرة دون ضوابط ولا قيود على نشاطاته.

الدكتور شمعون شبيرا، مؤلف كتاب "حزب الله بين إيران ولبنان”، قال للصحيفة إن حسن نصر الله قد خصص جزءاً كبيراً من خطابه لعرض الحرب التي شنتها حماس في 7 أكتوبر كهزيمة عسكرية لإسرائيل، التي يتوقع أن تحطم المجتمع هنا وتزيد تمزقاته الداخلية الكثيرة. وقال رئيس حزب الله إن الحرب في غزة كشفت قيود ردع إسرائيل، وإخفاقات أجهزة الاستخبارات، وضعف سلاح الجو، الذي حسب قوله لم ينجح في تحقيق هزيمة حماس.

وتحدث حسن نصر الله في اجتماع بذكرى قتل الجنرال قاسم سليماني، قائد "قوة القدس” في حرس الثورة الإسلامية، الذي اغتيل قبل أربع سنوات في عملية اغتيال أمريكية. في هذه الأحداث، اعتاد المشاركون على وضع إشارات حزب الله، لكن جميع من تبوأوا الصفوف الأولى هذه المرة وضعوا شالات ظهر عليها علم فلسطين وصورة قبة الصخرة. وقال شبيرا الذي يتابع حزب الله منذ تأسيسه، إنه لم ير يوماً كمشهد دعم من حزب الله للفلسطينيين اليوم.

المواجهة بين إسرائيل وحزب الله بدأت في 8 أكتوبر، في اليوم التالي للهجوم الإرهابي لحماس على بلدات الغلاف. حسن نصر الله، الذي لم يعرف مسبقاً عن نية هجوم حماس في هذا التوقيت، وجد نفسه في تردد. وبالتشاور مع سيده الإيراني، اختار طريقاً وسطاً: هجمات يومية كثيفة، بالأساس على قوات الجيش الإسرائيلي، على طول الحدود اللبنانية دون محاولة القيام بهجوم شامل يشمل إطلاق آلاف الصواريخ واقتحامات لقواته إلى داخل أراضي إسرائيل. وردت إسرائيل وفقاً لذلك، وركزت هجماتها على أهداف حزب الله قرب الجدار على الحدود.

وقامت إسرائيل أيضاً بخطوة أخرى زادت من تعقيد وضعها، وهي إخلاء عشرات آلاف المدنيين من القطاع الذي يبعد حتى 3.5 كم عن الحدود. هكذا حظي حزب الله، ربما بدون تعمد ذلك، بإنجازه الكبير: جمهور إسرائيلي من الشمال تحول إلى لاجئ في أرضه، إضافة إلى المخلين من بلدات الغلاف. وإن طلبهم المنطقي من الحكومة تأمين عودتهم في واقع أمني أفضل، يضع إسرائيل وحزب الله على مسار تصادم أكثر شدة، حتى بدون صلة بتصفية العاروري.

إن اختيار تصفية العاروري ومعه ستة نشطاء إرهابيين في لبنان في قلب الضاحية، يعطي إشارة لحزب الله وإيران بأن إسرائيل، المتهمة بذلك، على قناعة بأنها مستعدة بما فيه الكفاية حتى لاحتمالية الحرب في لبنان. هذا رهان غير بسيط، لكن اتخاذ قرار التصفية يتعلق بدوافع أخرى أيضاً؛ فبعد ثلاثة أشهر على الحرب، لم تنجح إسرائيل في تصفية أي قائد كبير في حماس. وتصفية العاروري، الشخصية البارزة التي كان لها دور كبير في تخطيط مئات العمليات في الضفة الغربية، تعد اليوم بمثابة بديل معقول.

رئيس الموساد، دادي برنياع، قال أمس في جنازة أحد أسلافه في المنصب، تسفي زمير: "كل أم عربية يجب أن تعرف بأن دم ابنها الذي شارك في مذبحة 7 أكتوبر بات مهدوراً”. أقوال برنياع هذه تشير إلى نوايا إسرائيل المقبلة. فليس مخربو النخبة هم المستهدفين، بل أيضاً قادة حماس في البلاد والخارج.

ثمة حادثة أخرى جرت أمس، وهي انفجارات حدثت في إيران وقتل فيها 95 شخصاً مشاركاً (حتى كتابة هذه السطور)، في الاحتفال بالذكرى السنوية لوفاة الجنرال سليماني، ليست من فعل إسرائيل. الدلائل تشير إلى هجوم لـ "داعش” أو أحد تنظيمات المعارضة السنية المتطرفة. ولم يزعج ممثلي النظام اتهامه لإسرائيل، لكن يبدو أن الأقوال لم تقل بقناعة ذاتية كبيرة.

 إلى جانب حزب الله، وفي بيروت فتح حساب لحماس تريد المنظمة إغلاقه. ربما يأتي هذا الرد بإطلاق كثيف للصواريخ من قبل أعضاء المنظمة في لبنان، أو من خلال محاولة تنفيذ عمليات في الضفة الغربية. الأيام المقبلة في الضفة والقدس ستكون أكثر حساسية، كثيرون من أعضاء الذراع العسكري لحماس في الضفة الغربية، الذين حصلوا منها على التوجيهات والأموال، سيرغبون في الثأر الآن حتى بشكل يتجاوز المشاعر القوية بسبب عمليات القتل في قطاع غزة.


تابعوا الوقائع على