قلة الأجور وارتفاع كلف رعاية الأطفال والنقل تضعف مشاركة المرأة في العمل

قلة الأجور وارتفاع كلف رعاية الأطفال والنقل تضعف مشاركة المرأة في العمل
الوقائع الاخبارية:في وقت يدرس فيه البنك الدولي، تمويل مشروع يهدف لتمكين المرأة في سوق العمل قدره 250 مليون دولار العام الحالي، يرى خبراء أن السبب الرئيس وراء ضعف مشاركة المرأة في القوى العاملة، تكمن في قلة الأجور مقابل ارتفاع كلف رعاية الأطفال والنقل. بالإضافة لعدم توفر حضانات مدعومة للأمهات العاملات، وبنية تحتية مناسبة تقلل من فرص المرأة للالتحاق بسوق العمل وزيادة مشاركتها الاقتصادية.

يشار إلى أن مشروع البنك الدولي يحمل عنوان "تعزيز الفرص الاقتصادية للمرأة في الأردن"، ويهدف لـ"معالجة ما تواجهه النساء من قيود للدخول والبقاء في سوق العمل بشأن ظروف مكان العمل، والشمول المالي، والنقل، والحضانات".

وسيركز المشروع المقترح على 4 أبعاد رئيسة، تماشيا مع الرؤية الإستراتيجية للحكومة والتزامها بزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، وتوسيع النمو الاقتصادي في الوقت نفسه، وهذه الأبعاد هي: تعزيز بيئة قانونية وبيئة عمل أكثر تمكينا، تعزيز الإدماج المالي للمرأة وريادة الأعمال، تحسين السلامة في وسائل النقل العام، وتوسيع الوصول لخدمات رعاية الأطفال عالية الجودة.

مديرة برامج العمل اللائق للمرأة، في مكتب منظمة العمل الدولية للدول العربية ريم اصلان، قالت إن هناك دراسات لمنظمة العمل الدولية، تبين أن المشاركة المنخفضة للنساء في سوق العمل، لها الكثير من العلاقة بجودة الوظائف المقدمة والمتاحة.

وعامل آخر حاسم، برأي أصلان هو حقيقة أن العمل الرعائي غير المدفوع يجري بشكل رئيس من النساء، نتيجة القيود الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذا يعني أن معدلات المشاركة المنخفضة للنساء، تعكس بان توفر فرص العمل محدودة، ما يؤثر سلبا على قدرة النساء على كسب المال والأمن الاقتصادي لهن.

وبينت أصلان أنه في المستقبل عبر التعامل مع هذه العقبات وغيرها، مثل تعديل التشريعات لتتواءم مع معايير العمل الدولية كتوفير: إجازة أمومة وأبوة أطول، وإجازة والدية وأسرية مدفوعة الأجر، ومراكز رعاية ذات جودة عالية ومدعومة، وأجور عادلة، وبيئة عمل آمنة ومستقرة، وتكافؤ الفرص بين الجنسين، سيكون هناك تأثير برفع معدلات مشاركة النساء في سوق العمل، وتقليل الفجوة بين الجنسين بوتيرة أسرع بكثير مما هو متوقع حاليا، وسيساهم ذلك أيضا بزيادة نمو القوة العاملة عبر خلق فرص عمل جديدة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.

ولفتت إلى أنه في العقدين الماضيين، لم يترجم التقدم الكبير للنساء في التعليم إلى تحسين وضعهن في العمل، ويرجح بأن نسبة النساء العاطلات عن العمل ستظل كذلك، وستبقى النساء تواجه فرصا أقل للمشاركة في السوق، وعندما تتاح لهن فرص عمل، يتعين عليهن غالبا قبول وظائف منخفضة الجودة، وفق دراسات المنظمة.

وكان التقدم المحرز في التغلب على هذه العقبات بطيئا ومحدودا في عدة دول، ومنها الأردن. حتى في بلدان استطاعت زيادة مشاركة المرأة في السوق، لكن تظل جودة وظائف النساء موضع قلق.

وأشارت أصلان إلى أن الأردن، وضع العقد الماضي تشريعات تدعم عمل المرأة، وهناك جهود حكومية ونقابات عمالية وجهات تمثل أصحاب العمل، تطبق التشريعات الحديثة بالتعاون مع مؤسسات مختصة، لتحقيق العدالة والعمل اللائق والآمن للنساء.

وما تزال مشاركة المرأة في السوق الأردني من بين أدنى المعدلات في العالم (15 %) مقارنة بـ65 % بين الرجال، كما أن ربع النساء في القوى العاملة عاطلات عن العمل، مقارنة بالرجال (16 %).

وأثرت جائحة كورونا على المشاركة الاقتصادية للمرأة، فانخفضت مشاركتهن في القوى العاملة من 17.3 % عام 2017 إلى 14.2 % عام 2020، ثم 13.9 % عام 2022، مصحوبة بزيادة في معدلات البطالة.

من جانبه قال المتخصص في علم الاجتماع والتنمية د. حسين الخزاعي الأكاديمي، إن السبب الحقيقي في ضعف مشاركة المرأة في السوق، ارتفاع نسبة العاطلات عن العمل والتي تشكل نحو 31 %، وأن نحو 84 % منهن يحملن البكالوريوس، وبالتالي تزيد شروط أصحاب العمل والتفضيلات في التعيين.

وأوضح الخزاعي أن توفر أعداد كبيرة من العاطلات عن العمل، تجعل صاحب العمل يتحكم بالتوظيف ووضع الشروط من حيث الأجر وساعات العمل، بمعنى آخر "إذا لم يعجبك العمل يوجد غيرك كثيرات".

والسبب الثاني لضعف مشاركة المرأة في السوق برأي الخزاعي، الدخل الشهري القليل المتأتي من العمل، مشيرا إلى نسبة كبيرة من الموظفين يحصلون على راتب متدن (أقل من 300 دينار).

وأضاف أن التي تريد أن تعمل تحسب الجهد والوقت وكلفة التنقل والمواصلات والمصاريف التي تترتب عليها، وإذا كانت أعلى أو مساوية للراتب الشهري، فلن تعمل وتفضل المكوث في البيت. الى جانب طبيبعة ظروف العمل والحماية الاجتماعية والبيئة المتوفرة فيه، كذلك توفر حضانات قدر المستطاع، أو دعم وجودها في المؤسسات لأجل الأمهات العاملات.

بدورها قالت عضو الفريق التنفيذي لمؤسسة "صداقة" سهر العالول، إن انسحاب النساء من السوق، له أسباب هيكلية أساسية، كارتفاع العبء الرعائي على النساء وعدم توفر بنية تحتية من حضانات ودعم لها، بحيث تستطيع وضع ابنائها في الحضانات لتخرج للعمل.

وأضافا العالول أيضا، عدم توفر المواصلات والنقل وكفاءة النقل الفعالة المناسبة للدخل، لذلك فإن 40 % من نساء الأردن يرفضن، أو يعزفن عن الوظيفة لعدم توفر مواصلات.

ولفتت أيضا إلى أن عدم تكافؤ الأجور وعدم توفر الحمايات الاجتماعية الكافية من تأمينات صحية وعدم خضوعهن للضمان، وضعف الأجور، مشيرة إلى أن متوسط الأجور للنساء أو الرواتب التقاعدية، تكون نحو 500 دينار تقريبا، فهذا الاجر لا يعكس حجم التعب او حجم الجهد المبذول في سوق العمل، لذا فإن انحساب النساء من السوق، وبقائهن في البيوت أوفر لهن من تحمل عبء وكلفة المواصلات وقلة الأجور.

وتوضح أهمية وجود الحمايات والقوانين التي تمنع من العنف والتحرش، مشيرة إلى أنها موجودة في القانون كبدايات ولكنها غير كافية، وبالتالي فهذه الاسباب والعقبات، تشكل تحديات هيكلية، تمنع النساء من دخول السوق.

وترى العالول، أن أساس المشكلة ولبها، هو العبء الرعائي، فالنساء الأمهات يتحملن أكثر من الرجال بنحو 3 أضعاف الرجل، ولكن للأسف هذا الأمر غير معترف به، وكأنه عمل تقوم به النساء كجزء من دورهن أو متوقع منهن، وبالتالي يصبح عليهن أعباء مضاعفة.
تابعوا الوقائع على