اللاءات الإسرائيلية في التفاوض.. هل تريد تل أبيب فعلا صفقة تبادل؟
الوقائع الاخبارية: خلال الشهور الماضية، وبالتوازي مع المعارك الضارية التي تدور في أرجاء قطاع غزة بين المقاومة والاحتلال، شهدت عواصم عديدة معارك أخرى بين وفود التفاوض لرسم خرائط النصر والهزيمة في مرحلة ما بعد صمت أزيز الرصاص.
وبينما اللهب الإسرائيلي يرسم ألوان الموت على الأجساد الجائعة، تتواصل المفاوضات بين حماس وإسرائيل، ولا تقطع خطوة إلى الإمام إلا عادت القهقرى أكثر، وقامت عقبات جديدة أمام الأفق الذي كان ينفتح بين الحين والآخر في النوافذ المظلمة التي يقبع خلفها عشرات المحتجزين الإسرائيليين الذين وقعوا دفعة واحدة بيد القسام والكتائب الفلسطينية الأخرى صبيحة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تعدد الوسطاء، وتعددت محطات المحادثات والنقاش والتفاوض، وارتفعت بين الحين والآخر على منصات الإعلام معلومات عن قرب الاتفاق، وضغط أهالي الأسرى في مسيرات متواصلة، ولكن سقف الأمل ينهار كل مرة، وتنقض إسرائيل غزلها وتنكث عهدها بشأن إنقاذ الشيوخ والفتية والنساء اللائي وقعن بيد القسام، وسارت بهم الأنفاق إلى ضمائر غيب ليس من السهولة الاطلاع عليه.
مفاوضات مستمرة وقصف ينهي حياة الأسرى
عقد حتى الآن العديد من جلسات التفاوض والمباحثات، بعضها مباحثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، وبعضها لوسطاء دون مشاركة حماس أو إسرائيل، ففي صبيحة 23 فبراير/شباط الماضي، كانت باريس على موعد مع اجتماع بمشاركة من وفود وممثلين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، ولم تكن الدولة المضيفة بغائبة دون شك.
وانتهى ذلك الاجتماع إلى اتفاق على إطار عام لإقامة صفقة تبادل للأسرى بين حماس وإسرائيل، إضافة إلى مسار لإيقاف لهب النيران الفتاكة في قطاع غزة ولو مرحليا.
ولم يكن اجتماع باريس، في أواخر فبراير/شباط، هو الأول للأطراف الدولية والإقليمية الوسيطة في التفاوض، فقد سبقه اجتماع آخر في باريس نهاية يناير/كانون الثاني من السنة الحالية، ووضع المشاركون فيه أيضا إطارا للتفاوض، قبل أن يرفض الطرفان المعنيان بمخرجاته عرض الآخر، وقدمت حماس ردها على مقترحات ذلك الاجتماع، لكن نتنياهو رد على العرض الحمساوي بأنه خيالي ولا يمكن تنفيذه بحال، على حد قوله.
أما حماس فقد رأت في مواقف نتنياهو محاولة لإطالة أمد الحرب، وذكرت بشروطها التي تضمن لها الاحتفاظ بالمحتجزين ما لم توقف إسرائيل حربها المجنونة، ومالم تفرج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين شب بعضهم وشاب خلف الزنازين الصماء.
مفاوضات القاهرة
احتضن شهرا فبراير/شباط ومارس/آذار العديد من المحادثات والمفاوضات في القاهرة، بعضها بين الوسطاء، وبعضها بمشاركة ممثلين عن حماس أو إسرائيل (مفاوضات غير مباشرة)، ففي أسبوعه الأول، كانت القاهرة على موعد مع جولة مفاوضات مطولة، شارك فيها ممثلون عن حماس واستمرت 3 أيام، كما استقبلت القاهرة عقب ذلك مفاوضين من الجانب الإسرائيلي للتباحث بشأن صفقة التبادل.
وفي 13 من الشهر ذاته، عقد أيضا في القاهرة اجتماع لبحث التهدئة في قطاع غزة وتبادل الأسرى، وذلك بمشاركة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ومسؤولين مصريين.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي حينها عن مصدر إسرائيلي أن محادثات القاهرة بين إسرائيل والولايات المتحدة وقطر ومصر بشأن صفقة تبادل بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) انتهت من دون تحقيق تقدم ملموس، مضيفا أن الفجوة التي تمنع الانتقال إلى مفاوضات أكثر جدية تتمثل في عدد الأسرى الذين تطالب حماس بإطلاقهم مقابل كل محتجز إسرائيلي، خاصة مقابل الجنود الأسرى.
وبالتوازي مع مفاوضات القاهرة والدوحة، بدأ في القاهرة اليوم الخميس اجتماع عربي تشارك فيه السلطة الفلسطينية، ويبحث هو الآخر سبل إقامة هدنة إنسانية في القطاع، تنقذ من تبقى من الأرواح وما بقي من رواء الأرض المحروقة.
مفاوضات الدوحة
كما تستضيف الدوحة لقاء جديدا بعدما استضافت في السابق جولات عديدة من اللقاءات والمفاوضات غير المباشرة، من أبرزها تلك التي عقدت في 19 مارس/آذار الجاري بين وفدي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في الدوحة.
وأرسلت إسرائيل إلى هذه المفاوضات وفدا مكونا من مسؤولين في الموساد والاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام، بعد الحصول على تفويض من مجلس الحرب الإسرائيلي لبحث تفاصيل القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات.
وجاءت هذه الجولة لنقاش مقترح جديد قدمته حماس، وقالت إنها أبدت مرونة، وإن مقترحها تضمن تنازلات قدمتها الحركة استجابة لمطالب الوسطاء القطريين والمصريين، من أجل التوصل لصفقة توقف إطلاق النار في غزة.
رؤية حماس
تؤكد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن المبادئ الأساسية التي يقوم عليها تصورها لملف المفاوضات والتي قدمتها للوسطاء في مصر وقطر ترتكز على 5 نقاط رئيسية، هي وقف إطلاق النار، وعودة غير مشروطة للنازحين، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة، ودخول المساعدات ومواد الإغاثة، وإعادة الإعمار.
وأكدت أن هذه المبادئ والأسس التي قدمتها تعتبر ضرورية للاتفاق وملف تبادل الأسرى، وأكدت أنها ستبقى منحازة لحقوق وهموم الشعب الفلسطيني.