في الذكرى السنوية الأولى لوفاته: مضر بدران.. رجل دولة بمسيرة سياسية وأمنية حافلة
الوقائع الاخبارية:في غفوة التاريخ وبين أضواء الزمان،ترجل الفارس عن صهوة جواده وارتقى شخص عظيمٌ، قد أضاء سماء الوطن بنجومه الساطعة، إلى عرش الذكرى الخالدة. إنه الرجل الذي غمرته القيم والمبادئ، وأشرقت عليه راية الشرف والعزة، فأصبح أيقونةً ترتقي عالياً في سماء التاريخ، لتبقى حكايته مثالاً للتفاني والتضحية.
هذا الرجل، الذي بنى جسراً من الأمل بين ماضي الأمة ومستقبلها، وسطر أروع الصفحات في كتاب الوطن، قد أرتقى إلى جوار ربه مثل هذا اليوم قبل عام ، تاركاً وراءه بصماته الواضحة في أرض العطاء والبناء، إذ تألقت حياته كنجمٍ ساطع في سماء السياسة، وتحلّقت أفكاره كنسرٍ في سماء الحكمة، فأضحت سيرته مصدر إلهامٍ للأجيال القادمة.
في ذكراه العطرة، نترحم على أعماله النبيلة، ونستحضر ذكرياته الجليلة، مؤكدين على أنه لن يغيب عن ذاكرة الوطن وابناءه أبداً، بل سيظل قائداً أسطورياً في سجلات التاريخ، يرافقنا بروحه النبيلة وإرثه العظيم إلى الأبد.
يتذكر الوطن اليوم رجلاً من رجال الدولة الذين أثروا التاريخ بعطائهم وتفانيهم في خدمة الوطن والمواطنين، فقد وافته المنية بمثل هذا اليوم قبل عام الفريق الراحل مضر بدران، الذي ترك بصماته الواضحة في مسيرة البناء والتقدم في بلادنا الأردن الحبيب.
يحلق الحزن والأسى في سماء الوطن كلما استذكرنا رجل الدولة الفريق مضر بدران والذي كرس حياته لخدمة الوطن وتحقيق طموحات شعبه، وقد عرف الراحل بحنكته السياسية وحكمته العظيمة، وكان رمزاً للعمل الجاد والتفاني في خدمة الوطن.
كان الراحل قد ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ البلاد، فقد كان رجلاً مخلصاً ومتفانياً في مهمته، وساهم بشكل كبير في تحقيق التقدم والازدهار في كافة المجالات، وبموته فقد الوطن قائداً وطنياً عظيماً، وروحاً نبيلة ستظل تحتضنها ذاكرة الأجيال.
إننا نستذكر اليوم إنجازات وإسهامات الراحل، ونعبر عن تقديرنا وامتناننا لما قدمه للوطن والمواطنين، وإذ نرثيه ونودعه إلى مثواه الأخير، فإننا ندعو الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
وقفات في حياة الراحل دولة مضر بدران
انتقل إلى جوار ربه، السبت 22 -04- 2023 مدير المخابرات الأردني الأسبق ورئيس الديوان الملكي ورئيس الوزراء الفزيق مضر بدران، الذي اعتزل العمل السياسي منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وظل ملتزماً بتقاليد الصمت، بعيداً عن الأضواء والمناصب.
وولد الراحل بدران في محافظة جرش من عام 1934، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها، قبل أن ينتقل مع والده القاضي الشرعي إلى محافظة الكرك الجنوبية، حيث أنهى دراسته الثانوية (المترك) لتأخذه ظروف التعليم الجامعي وقتها من القاهرة، التي رغب دراسة الطب فيها، إلى دمشق التي لم يجد مقعداً في جامعتها إلا في كلية الحقوق، فخضع لشروط القدر والظروف.
وفور عودته إلى عمّان عام 1956 التحق بالقوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) ضابطاً في الاستشارية العدلية، لينتقل بعدها إلى دائرة المباحث العامة، بعد اختياره مع زملاء له لتأسيس جهاز المخابرات سنة 1964، حيث صاغ قانونه، وتسلم منصب مساعد المدير للشؤون الخارجية، ثم رئاسة الجهاز الناشئ في عام 1968، بعيد النكسة بعام وقبل حرب الكرامة بوقت قصير.
وفي مطلع سبعينات القرن الماضي عيّن بدران مستشاراً أمنياً للراحل حسين، وأمينًا عاماً للديوان الملكي، وقد أصيب خلال أحداث أيلول الشهيرة برصاصة باليد ظلت آثارها مصاحبة له حتى وفاته، وهي الإصابة التي دفعته لمغادرة البلاد لتلقي العلاج في بيروت، وبعدها إلى لندن في ذلك الوقت.
وفي عام 1973 وفي أثناء تشكيل حكومة زيد الرفاعي الأولى، استدعاه الملك الراحل حسين، وكلفه بدخول الحكومة فوافق، وقد اختير لوزارة التربية والتعليم، واستطاع أن ينفذ أولويات تلك المرحلة، عبر بناء المدارس وزيادة رواتب المعلمين، وابتعاث طلبة من الثانوية العامة إلى الخارج ليعودوا مدرسين في الوزارة، وتحديداً في القرى النائية والأطراف.
وفي مطلع عام 1976، كلفه الراحل حسين برئاسة الديوان الملكي، وبعد أشهر استدعاه وكلفه بتشكيل الحكومة الأولى، وحتى عام 1979 استطاع بدران إنشاء مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية، التي اختارها لتكون مشاريع وطنية في مجالات التنمية المستدامة، حيث نفذ شبكات الطرق والاتصالات والكهرباء، ومشاريع الصناعات المتحولة في البوتاس والفوسفات، ودعم قطاع السياحة والإنشاءات بتنفيذ مشاريع حكومية شجعت القطاع الخاص على خوض المغامرة.
وفي مطلع عام 1980 كلفه الراحل حسين بتشكيل الحكومة الثالثة له، حيث استكمل بدران ما كان قد بدأه في مشاريعه الاستراتيجية، واستطاع أن يحقق قفزة في الانتعاش الاقتصادي رغم تذبذب المساعدات العربية والأجنبية. وفي تلك المرحلة تعرض لمحاولة اغتيال على يد النظام السوري، وبدعم رفعت الأسد لكن المخابرات الأردنية أفشلتها قبل وقت قصير من تنفيذ العملية.
وفي أبريل (نيسان) من عام 1989 بدأت أحداث هبة أبريل في أثناء غياب الراحل حسين في زيارة للولايات المتحدة الأميركية ومعه رئيس الوزراء زيد الرفاعي وقائد الجيش الأمير زيد بن شاكر، وقد كان بدران تنبأ بالأزمة تلك، والتي كان عنوانها «انهيار الدينار الأردني أمام الدولار»، وهو ما قاله ذات مرة قبل عام من الأزمة لصديقه زيد بن شاكر.
ومع الأحداث استدعى الراحل حسين بدران وأبلغه بقراره أن يرأس الديوان الملكي، وأن يدعم الأمير زيد بن شاكر بتشكيل حكومة مهمتها إجراء انتخابات حرة ونزيهة، ومن ثم التزم بدران بأمر الملك، وأسهم في إدارة المرحلة التي انتهت باجتماع مجلس النواب الحادي عشر في مطلع ديسمبر (كانون الأول) من عام 1989. ليكلفه الحسين بتشكيل حكومته الرابعة، التي حاول بدران الاعتذار عنها، مبرراً بقاء الأمير بن شاكر بعد قدرته على إجراء انتخابات نزيهة، واستطاعته إسكات المعارضة من خلال مساحات الديمقراطية خلال أشهر التحضير للانتخابات.
وبعد إصرار الراحل الحسين، دخل بدران التجربة مسلحاً بسلاسة انتقاله من شخصيته الأمنية الصلبة، إلى شخصيته السياسية الديمقراطية المرنة، لم تهدأ المرحلة طويلاً حتى باغت الغزو العراقي للكويت، وبدأ المشهد الداخلي متوتراً بين الخيارات الصعبة المتاحة للقرار السياسي.
وفي تلك المرحلة خاض بدران «مهمته الانتحارية»: فقد فشلت كل المساعي الأردنية في اكتشاف الحل العربي ورفض التدخل الأميركي عبر التحالف الدولي، وتحمل كلفة الانحياز للعراق وشعبه، بعد أن استنفد الحسين كل الفرص لانسحاب صدام، هناك واجه مضر بدران المسؤولية، وسعى لتأمين الأردن بمتطلبات الصمود أمام الحصار عليه؛ لأنه على اتصال بري مع العراق، وأخذ على عاتقه ومجلس النواب دعم موقف الحسين الذي لن يستطيع إسكات شعبه، إذا ذهب للتحالف الدولي عسكرياً.
اعتزل بدران العمل السياسي في يونيو (حزيران) من عام 1992 بعد أن رفض فكرة المشاركة في مفاوضات مع إسرائيل وجهاً لوجه، لأنه ظل مصراً على أن الاحتلال لن يعطي أرضاً للفلسطينيين، ولن يمنحهم دولة.
نسأل الله الرحمة والمغفرة له، وندعو له بالثبات في الدار الآخرة، حيث لا يزول الجمال والفخر، وحيث يعيش الأبرار في جنات النعيم.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون
هذا الرجل، الذي بنى جسراً من الأمل بين ماضي الأمة ومستقبلها، وسطر أروع الصفحات في كتاب الوطن، قد أرتقى إلى جوار ربه مثل هذا اليوم قبل عام ، تاركاً وراءه بصماته الواضحة في أرض العطاء والبناء، إذ تألقت حياته كنجمٍ ساطع في سماء السياسة، وتحلّقت أفكاره كنسرٍ في سماء الحكمة، فأضحت سيرته مصدر إلهامٍ للأجيال القادمة.
في ذكراه العطرة، نترحم على أعماله النبيلة، ونستحضر ذكرياته الجليلة، مؤكدين على أنه لن يغيب عن ذاكرة الوطن وابناءه أبداً، بل سيظل قائداً أسطورياً في سجلات التاريخ، يرافقنا بروحه النبيلة وإرثه العظيم إلى الأبد.
يتذكر الوطن اليوم رجلاً من رجال الدولة الذين أثروا التاريخ بعطائهم وتفانيهم في خدمة الوطن والمواطنين، فقد وافته المنية بمثل هذا اليوم قبل عام الفريق الراحل مضر بدران، الذي ترك بصماته الواضحة في مسيرة البناء والتقدم في بلادنا الأردن الحبيب.
يحلق الحزن والأسى في سماء الوطن كلما استذكرنا رجل الدولة الفريق مضر بدران والذي كرس حياته لخدمة الوطن وتحقيق طموحات شعبه، وقد عرف الراحل بحنكته السياسية وحكمته العظيمة، وكان رمزاً للعمل الجاد والتفاني في خدمة الوطن.
كان الراحل قد ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ البلاد، فقد كان رجلاً مخلصاً ومتفانياً في مهمته، وساهم بشكل كبير في تحقيق التقدم والازدهار في كافة المجالات، وبموته فقد الوطن قائداً وطنياً عظيماً، وروحاً نبيلة ستظل تحتضنها ذاكرة الأجيال.
إننا نستذكر اليوم إنجازات وإسهامات الراحل، ونعبر عن تقديرنا وامتناننا لما قدمه للوطن والمواطنين، وإذ نرثيه ونودعه إلى مثواه الأخير، فإننا ندعو الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
وقفات في حياة الراحل دولة مضر بدران
انتقل إلى جوار ربه، السبت 22 -04- 2023 مدير المخابرات الأردني الأسبق ورئيس الديوان الملكي ورئيس الوزراء الفزيق مضر بدران، الذي اعتزل العمل السياسي منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وظل ملتزماً بتقاليد الصمت، بعيداً عن الأضواء والمناصب.
وولد الراحل بدران في محافظة جرش من عام 1934، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها، قبل أن ينتقل مع والده القاضي الشرعي إلى محافظة الكرك الجنوبية، حيث أنهى دراسته الثانوية (المترك) لتأخذه ظروف التعليم الجامعي وقتها من القاهرة، التي رغب دراسة الطب فيها، إلى دمشق التي لم يجد مقعداً في جامعتها إلا في كلية الحقوق، فخضع لشروط القدر والظروف.
وفور عودته إلى عمّان عام 1956 التحق بالقوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) ضابطاً في الاستشارية العدلية، لينتقل بعدها إلى دائرة المباحث العامة، بعد اختياره مع زملاء له لتأسيس جهاز المخابرات سنة 1964، حيث صاغ قانونه، وتسلم منصب مساعد المدير للشؤون الخارجية، ثم رئاسة الجهاز الناشئ في عام 1968، بعيد النكسة بعام وقبل حرب الكرامة بوقت قصير.
وفي مطلع سبعينات القرن الماضي عيّن بدران مستشاراً أمنياً للراحل حسين، وأمينًا عاماً للديوان الملكي، وقد أصيب خلال أحداث أيلول الشهيرة برصاصة باليد ظلت آثارها مصاحبة له حتى وفاته، وهي الإصابة التي دفعته لمغادرة البلاد لتلقي العلاج في بيروت، وبعدها إلى لندن في ذلك الوقت.
وفي عام 1973 وفي أثناء تشكيل حكومة زيد الرفاعي الأولى، استدعاه الملك الراحل حسين، وكلفه بدخول الحكومة فوافق، وقد اختير لوزارة التربية والتعليم، واستطاع أن ينفذ أولويات تلك المرحلة، عبر بناء المدارس وزيادة رواتب المعلمين، وابتعاث طلبة من الثانوية العامة إلى الخارج ليعودوا مدرسين في الوزارة، وتحديداً في القرى النائية والأطراف.
وفي مطلع عام 1976، كلفه الراحل حسين برئاسة الديوان الملكي، وبعد أشهر استدعاه وكلفه بتشكيل الحكومة الأولى، وحتى عام 1979 استطاع بدران إنشاء مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية، التي اختارها لتكون مشاريع وطنية في مجالات التنمية المستدامة، حيث نفذ شبكات الطرق والاتصالات والكهرباء، ومشاريع الصناعات المتحولة في البوتاس والفوسفات، ودعم قطاع السياحة والإنشاءات بتنفيذ مشاريع حكومية شجعت القطاع الخاص على خوض المغامرة.
وفي مطلع عام 1980 كلفه الراحل حسين بتشكيل الحكومة الثالثة له، حيث استكمل بدران ما كان قد بدأه في مشاريعه الاستراتيجية، واستطاع أن يحقق قفزة في الانتعاش الاقتصادي رغم تذبذب المساعدات العربية والأجنبية. وفي تلك المرحلة تعرض لمحاولة اغتيال على يد النظام السوري، وبدعم رفعت الأسد لكن المخابرات الأردنية أفشلتها قبل وقت قصير من تنفيذ العملية.
وفي أبريل (نيسان) من عام 1989 بدأت أحداث هبة أبريل في أثناء غياب الراحل حسين في زيارة للولايات المتحدة الأميركية ومعه رئيس الوزراء زيد الرفاعي وقائد الجيش الأمير زيد بن شاكر، وقد كان بدران تنبأ بالأزمة تلك، والتي كان عنوانها «انهيار الدينار الأردني أمام الدولار»، وهو ما قاله ذات مرة قبل عام من الأزمة لصديقه زيد بن شاكر.
ومع الأحداث استدعى الراحل حسين بدران وأبلغه بقراره أن يرأس الديوان الملكي، وأن يدعم الأمير زيد بن شاكر بتشكيل حكومة مهمتها إجراء انتخابات حرة ونزيهة، ومن ثم التزم بدران بأمر الملك، وأسهم في إدارة المرحلة التي انتهت باجتماع مجلس النواب الحادي عشر في مطلع ديسمبر (كانون الأول) من عام 1989. ليكلفه الحسين بتشكيل حكومته الرابعة، التي حاول بدران الاعتذار عنها، مبرراً بقاء الأمير بن شاكر بعد قدرته على إجراء انتخابات نزيهة، واستطاعته إسكات المعارضة من خلال مساحات الديمقراطية خلال أشهر التحضير للانتخابات.
وبعد إصرار الراحل الحسين، دخل بدران التجربة مسلحاً بسلاسة انتقاله من شخصيته الأمنية الصلبة، إلى شخصيته السياسية الديمقراطية المرنة، لم تهدأ المرحلة طويلاً حتى باغت الغزو العراقي للكويت، وبدأ المشهد الداخلي متوتراً بين الخيارات الصعبة المتاحة للقرار السياسي.
وفي تلك المرحلة خاض بدران «مهمته الانتحارية»: فقد فشلت كل المساعي الأردنية في اكتشاف الحل العربي ورفض التدخل الأميركي عبر التحالف الدولي، وتحمل كلفة الانحياز للعراق وشعبه، بعد أن استنفد الحسين كل الفرص لانسحاب صدام، هناك واجه مضر بدران المسؤولية، وسعى لتأمين الأردن بمتطلبات الصمود أمام الحصار عليه؛ لأنه على اتصال بري مع العراق، وأخذ على عاتقه ومجلس النواب دعم موقف الحسين الذي لن يستطيع إسكات شعبه، إذا ذهب للتحالف الدولي عسكرياً.
اعتزل بدران العمل السياسي في يونيو (حزيران) من عام 1992 بعد أن رفض فكرة المشاركة في مفاوضات مع إسرائيل وجهاً لوجه، لأنه ظل مصراً على أن الاحتلال لن يعطي أرضاً للفلسطينيين، ولن يمنحهم دولة.
نسأل الله الرحمة والمغفرة له، وندعو له بالثبات في الدار الآخرة، حيث لا يزول الجمال والفخر، وحيث يعيش الأبرار في جنات النعيم.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون