رحلات المهاجرين للبحث عن عمل انطفئت قبل وصولهم
الوقائع الاخبارية : بين عمليات تهافت آلاف الأردنيين على هجرة غير شرعية إلى أميركا والتي تشغل أحاديث الشارع منذ عدة شهور، وتزامنها من غير ترابط مع أزمة "الحج غير النظامي" المتعلقة بسفر أردنيين للحج بلا تصاريح، يأتي ملف "لجوء" أعداد ما تزال مجهولة لايرلندا ليتصدر المشهد مؤخرا، في قضايا تفتح ملفات ساخنة لما يمكن تسميته بـ "السفر نحو المجهول"، والتي وضعت سلامة أردنيين وأرواحهم وأموالهم تحت التجربة.
سفر أردنيين بمحض إرادتهم إلى مصير غير مضمون، بات هاجسا لعدد كبير من المواطنين، اعتمدوا رويات تحقيق الأحلام في زمن المستحيل، والتي ربما كتبت بسيناريوهات "التغرير" أو "الترويج" مع ما قدمته من ضمانات السلامة لرحلة غير آمنة.
وفي وقت تتصدر أحاديث "السفر" المشهد على المستوى الشعبي، فإن التحرك الرسمي لا يزال محدودا ومتأخرا، بينما تجارب هذا النوع من السفر وما ينطوي عليها من خطورة ومغامرة تحدث منذ فترة بشكل علاني، ويرتبط بها الحديث عن سماسرة ومكاتب حجز وسفر ووسطاء من الخارج، لا يعرف عنهم سوى كنيتهم.
وفي حين وصلت قضية الحجاج الأردنيين غير النظاميين إلى حد كارثي، بعد إعلان الحكومة عن وفيات ومفقودين ومصابين بالعشرات، ما يزال ملف "الهجرة غير الشرعية" و"اللجوء غير المبرر" مفتوحا، ويطرح سيناريوهات مختلفة لما يمكن أن تؤول اليه الأمور، لعل أكثرها تفاؤلا وصول سليم لمواجهة مصير مجهول.
في رصد لملف سفر أردنيين إلى ثلاث وجهات لأهداف مختلفة، سواء "الهجرة" أو "الحج" أو"اللجوء"، فإن القاسم المشترك، هو قناعات أصحاب التجربة بإمكانية تحقيق مرادهم حتى وإن كان بطريقة غير نظامية، في حين إن هذه القناعات تولدت من الجو العام المحيط بقصص السفر والتجارب السابقة التي يروج لها بطريقة مقصودة أو غير مقصودة عبر صفحات مواقع التواصل وسماسرة ومكاتب سفر مستفيدة، ما يطرح التساؤل عما إذا كان قبول السفر قد تم بعد التغرير وتقديم ضمانات وهمية أم لا؟.
روايات أصحاب التجارب المختلفة أو مقربين منهم، تكشف أن عامل السلامة أخذ عند قرار السفر بدرجة قليلة، وأن الأهم هو الوصول إلى مكان تحقيق الحلم، وهناك فرصة سانحة من الممكن أن لا تأتي مرة أخرى.
عبدالله اسم مستعار لشاب يبلغ من العمر 28 عاما، كان دخل اميركا بطريقة غير شرعية في شهر نيسان (ابريل) الماضي، بعد رحلة استغرقت 21 يوماً بدأها بمغادرة مطار الأردن الى بريطانيا ومن ثم كولومبيا وبعدها عبر عدة دول بطرق رسمية وغير رسمية وصولا الى المكسيك قبل اجتياز الحاجز إلى بلد "الأحلام" كما يصفها.
ورغم أن عبدالله يعتبر أوضاعه غير مستقرة حتى الآن، إلا انه يطمح بتحسينها، معتبرا انه كان محظوظا بالحصول على فرصة عمل بعد وصوله بأسابيع، قائلا "العمل مجهد وساعاته طويلة قد تمتد الى اكثر من 12 ساعة، لكنه يبقى افضل من التعطل في الأردن"، مؤكدا "ليس كل من يصل اميركا يجد ما كان يحلم به، ربما ينجح وربما يفشل ولكن فرص النجاح أكثر".
تفاصيل رحلة عبدالله والتي تعتبر قصيرة وسهلة مقارنة بغيره ممن حذوا حذوه، لم تعد مجهولة، إذ أن قصص المهاجرين غير الشرعيين الأردنيين وكيفية هجرتهم لأميريكا، وأدق تفاصيل الرحلة، باتت تملأ صفحات مواقع التواصل وحتى المواقع الاخبارية والقنوات الفضائية، ولم يعد بالإمكان إخفاء ما أصبح مكشوفا وظاهرا للعلن بالصوت والصورة.
صمت رسمي غير مفهوم
حتى وقت قريب ورغم كل التفاعل حول "السفر الى المجهول" الذي شغل مواقع التواصل وبات محط أحاديث جلسات الأردنيين وسهراتهم، لم تحرك أي جهة معنية ساكنا، ولم يصدر أي تصريح حكومي ولو بشكل تحذيري من امكانية وجود عمليات احتيال قد يقع ضحايها مواطنون، أو خطر يهدد أرواحهم، رغم معرفة الكل بأن أحد أنماط هذه المغامرات-الهجرة غير الشرعية- تتم تحت إشراف وسيطرة عصابات خطرة في الدول التي يعبرها الأردنيون.
تحرك متأخر هل يكون مؤثرا؟
مؤخرا وفي تطور رسمي وحيد، دخل ملف الهجرة غير الشرعية حيز القضاء، اذ قرر مدعي عام إربد-المدينة المتصدرة لعدد الراغبين بالهجرة غير الشرعية- توقيف شخص لمدة 15 يوما بتهمة الاتجار بالبشر، بعد أن عمل سمسارا في تسهيل سفر أشخاص إلى دول أخرى بطرق مخالفة للقانون وتعريض حياة الضحايا للخطر والتي باتت تعرف بقضايا الهجرة غير الشرعية.
ووفق ما نشرته وكالة الأنباء الأردنية بترا مؤخرا، فقد قررت النيابة العامة أيضا منع شخص آخر صاحب مكتب خدمات سياحية من السفر لمدة 3 أشهر قابلة للتمديد لمدة سنة على ذمة القضية بموجب المادة 15/أ/3 من قانون منع الاتجار بالبشر.
وأصل القصة، أن شخصين وقعا ضحية للهجرة غير الشرعية تقدما بشكوى لدى الجهات الأمنية المختصة وقامت وحدة الاتجار بالبشر بالتحقيق فيها، وتبين وجود شبهة ارتكاب جناية الاتجار بالبشر بالاشتراك بحدود المواد 9/ج/8 و9/ج/2، وهي جريمة ذات طابع عبر وطني يتعدد فيها الجناة والمجني عليهم، وبدلالة المادة 3 من قانون منع الاتجار بالبشر رقم 9 لسنة 2009 وتعديلاته والمادة 76 من قانون العقوبات.
وتشير أبعاد القضية إلى أن الظروف الأمنية التي يتعرض لها ضحايا الهجرة غير الشرعية خطيرة جدا، وأن الأشخاص والسماسرة والتجار الذين يتم التعامل معهم مجهولون ولا يعرف عنهم إلا أسماء مثل أبو حلا اليمني وغيرهم، وبالتالي يصعب معرفتهم وملاحقتهم، بالإضافة إلى المبالغ المالية المرتفعة التي يتم الاستيلاء عليها في مثل هذا النوع من الهجرة، وتعريض حياتهم للخطر، وانتهاك قوانين الدول وحرمة الحدود، وتمزيق جوازات السفر والأوراق الثبوتية بكل شخص، والادعاء أنهم من بلاد حروب وقتل وتشريد، وعدم الاعتراف بأماكن سكنهم الأصلية.
وأثارت القضية على نحو متسارع الرأي العام، وسط تساؤلات عن اسباب انتظار كل هذا الوقت الذي تعرض فيه مواطنون للتضليل والتغرير من قبل سماسرة ومكاتب خدمات سياحية، في حين تزداد المطالبات بفتح تحقيق بملف الحج غير النظامي، والمرتبط بسفر أردنيين الى السعودية بتأشيرات زيارة والمكوث لحين قدوم موسم الحج لتأدية مناسكه.
وفي وقت تسارعت الجهود الرسمية لاحتواء أزمة الحجاج غير النظاميين بعد تسجيل وفيات ومفقودين ومصابين، عبر تشكيل خلية ازمة وتنسيق مشترك بين الأردن والسعودية وفق ما اعلنته حكومة الأردن، يقبع ملف سفر أردنيين إلى ايرلندا لطلب اللجوء خارج دائرة الاهتمام الرسمي.
فحتى كتابة هذا التقرير، لا توجد أي تصريحات رسمية تجاه عمليات سفر الأردنيين لوجهات مختلفة من المعلوم ان فيها مخاطرة ومغامرة.
إيرلندا وجهة الأحلام الجديدة
بعد أن اصبح سفر الأردنيين إلى دولة بريطانيا أمرا سهلا عبر تأشيرات سياحية، بدأت احلام الهجرة وطلب اللجوء تداعب مخيلة آلاف الأردنيين، وبات قرار السفر متوقفا لدى الكثير على تحصيل ثمن التذاكر فقط.
يقول أحد الاشخاص والملقب بـ "ابو العسل" وكان سافر الى بريطانيا ومن ثم إلى ايرلندا، "توهمت بما كان يروج عن حياة جديدة ومستقبل يحقق الاحلام".
"قررت السفر مع أسرتي إلى بريطانيا، وكان هدفي الوصول بعدها إلى ايرلندا لطلب اللجوء وهذا ما حدث فعلا".
ويتابع ابو العسل "بالبداية كنت مسرورا لبلوغ هدفي، الآن أعيش حياة أكثر من صعبة، تكاليف المعيشة بايرلندا باهظة، ولم نجد ما كنا نسمع عنه، ربما تم التغرير بنا أو ربما أردنا أن نتعلق بأي أمل حتى لو كان زائفا".
ويقول فيما يخص أوضاع الأردنيين "هناك اعداد كبيرة ربما تصل الى الآلاف، منهم شبان وبينهم اسر جميعنا نطلب اللجوء على أمل أن نحظى بعيشة كريمة ومعاملة لطيفة، لكن اغلبنا يعاني، ومنا الكثير يرغبون بالعودة الى الأردن لكن هناك التزامات مالية يجب تسديدها قبل العودة فالكثير استدان من اجل السفر على نية السداد حين الوصول".
حسن اسم مستعار، لرب اسرة آخر، كان باع كل ما يملكه بالأردن حتى أثات منزله من أجل تأمين ثمن التذاكر للسفر الى بريطانيا ومن ثم الدخول الى ايرلندا بهدف طلب اللجوء.
ووفق ما نقله احد المقربين من حسن، فإن تجربته لم تنجح، ويعتزم العودة بأقرب فرصة، مضيفا أنه غامر بكل شيء لكي يصل إلى السراب، معتقدا أن العديد من المواطنين باتوا يفضلون تصديق اي شيء والوثوق باي جهة تتبنى نظريات تغيير الحياة للأحسن، المواطنون مدفوعون بظروفهم الصعبة التي تجبرهم احيانا على التشبث بالوهم.
هل يغرر بالمواطنين؟
تعيد قضايا السفر نحو المجهول لأذهان العديد من المواطنين، قضايا "البورصة الوهمية" وقضايا "المنصات الالكترونية" التي وقعت قبل سنوات، وكيف تم التغرير بالمواطنين الذين وجدوا انفسهم ضحايا لعمليات احتيال وبعضها اتخذ وصف شبهة احتيال، إضافة الى العديد من القضايا المشابهة التي تندرج تحت التضليل والتغرير والاحتيال.
ورغم اختلاف أبعاد القضايا ونوعها، إلا أن ما يدور من تساؤلات في الشارع الأردني هو لماذ يتعرض مواطنون بين الحين والآخر وعلى نطاق واسع ومعروف لعمليات تغرير وتضليل؟ وما دور الجهات المعنية في توعية المواطنين من مثل هذه العمليات خاصة وانها تتم بشكل علني ومعلن.
يقول استاذ علم اجتماع التنمية والجريمة في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين إن من الشباب من يحب المغامرة والتجريب ويدفعهم التأثر بأقرانهم الذين يستمعون منهم إلى آراء حالمة أو توقعات مبالغ فيها كنتيجة للهجرة المفترضة، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي وعبر ثقافة الصورة التي تغوي الشباب وتغريهم للاقتناع بها من جهة، وتقليد من شاهدوا عبر الصورة المبثوثة بقصدية اليهم وهي عمليات تمثل الفجوة بين الواقع الذي يعيشه الشباب الأردني والصورة المتخيلة بأن فرص ثرائهم التي يحلمون فيها لا تتجلى الا بهجرتهم الى دول غريبة.
واضاف محادين أن العناصر تدفع بالأشخاص للقيام بهذه المغامرات غير محسوبة النتائج ويغامرون بأموال يدفعونها ومخاطر يخوضونها دون أن تكون مضمونة وأن عملية الهجرة للوصول الى اميركا أو أي بلد آخر أقرب إلى التهور واحتمالات الفشل كبيرة، وخصوصا أن هناك تمايزا بين مهارات هؤلاء الذين يرغبون بالهجرة غير القانونية، حيث يعتقد بعضهم أنه بمجرد وصوله الى اميركا ستكون الأبوب مفتوحة في حين أن دول غربية أخرى تعرض برامج قانونية لمن يمتلك مهارات حتى لو كانت حرفية وبعضهم لا يشترط اللغة على أمل أن يتقنها مستقبلا وهذا السبيل الآمن إليهم والأوفر اقتصاديا.
وأكد أنه ليس من المعقول أن يستدين شاب متعطل عن العمل آلاف الدنانير هو وذووه ويذهبون باتجاه حلم نسبة تحققه متدنية، اذا ما قورن بصورة متوازية مع الكلف الاقتصادية والتوتر النفسي واحتمالية أن يجد فرصة عمل أو لا، أو يصبح شخصا يتخذ من الشارع مكانا لسكناه أو متجولا في الشارع.
هل نحن أمام قضايا اتجار بالبشر؟
"تعد الهجرة غير الشرعية وفق القانون جريمة اتجار بالبشر ويحمل ارتكابها ظرفين مشددين، الأول أنها جريمة ذات طابع عبر وطني، والثاني، تعدد الجناة والمجني عليهم وتصل عقوبتها إلى السجن حتى 20 عاما وغرامة مالية تصل إلى 20 ألف دينار".
يقول المحامي احمد سعيد عبيدات إن هناك فرقا بين الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية من الناحية القانونية وخصوصا فيما يتعلق بالركن المادي، موضحا أن جريمة الاتجار بالبشر تتطلب قصدا جرميا خاصا باستغلال الضحية، فيما الهجرة غير الشرعية لا تتطلب سوى القصد الجرمي العام.
وبين أن الهجرة غير الشرعية يمكن أن تتحول إلى جريمة اتجار بالبشر إذا نجم عن الهجرة غير الشرعية الاتجار بالبشر كالخداع أو الاستغلال وغيرها وهو الركن المعنوي للاتجار بالبشر من خلال مساعدة المهاجر غير الشرعي المهاجر لأغراض أخرى غير المتفق عليه، وهو عبور حدود دولة معينة.
وأكد عبيدات أنه وحسب القوانين والمواثيق الدولية فإن الاتجار بالبشر هو عبارة عن جريمة يتم من خلالها الاعتداء على الإنسان، بينما في الهجرة غير الشرعية تكون الجريمة اعتداء على سلطات وقوانين الدول المصدرة والمستقبلة التي يتم بها الدخول أو الخروج غير الشرعي للمهاجر، وبناء استغلاله لغاية المتاجرة به، بينما المهاجر غير الشرعي يكون متهما أمام السلطات المختصة، فالاتجار بالبشر قد يكون داخل حدود دولة معينة، ولا يشترط فيه أن يكون عابرا للحدود الوطنية على خلاف الهجرة غير الشرعية التي تنطوي دائما على عبور غير شرعي للحدود الوطنية.
وأشار إلى أن العلاقة ما بين المهاجر والمهرب هي علاقة ربحية تنتهي بمجرد وصول المهاجر إلى الوجهة المطلوبة واستلام المهرب المبلغ المتفق عليه، الا أن العلاقة بين المهاجر والضحية علاقة مستمرة باستغلال التاجر للضحية وجني الأرباح من خلال استغلاله بوسائل مختلفة.
وأوضح أن الهجرة غير الشرعية تتطلب لجوء المهاجر إلى المهرب في بعض الأحيان؛ للاتفاق على الطريقة التي سيتم بها نقله أي هنالك إرادة، لكن في الاتجار بالبشر لا يكون هناك موافقة من قبل الضحية وذلك لأن عملية المتاجرة تتم من خلال الخداع والغش.
وأكد عبيدات أن الهجرة غير الشرعية تتحول إلى اتجار بالبشر من خلال لجوء المهرب الى استخدام أحد عناصر جريمة الاتجار بالبشر التي تتمثل بالخداع والغش، كما قد يتعرض هؤلاء المهاجرون عند عبورهم الحدود وبعد دخولهم الدولة المعنية إلى خداع وغش أو إكراه من قبل أحد المتاجرين وبالتالي يتحول من مهاجر غير شرعي إلى ضحية اتجار بالبشر.
وأوضح أن هؤلاء الشباب يذهبون إلى دولة أوروبية مسموح السفر إليها ومن ثم يدخلون بطرق غير شرعية وبالتالي فان الأردن لا يستطيع متابعتهم والجهة المعنية بمتابعتهم هي مكتب بالأمم المتحدة المعني بقضايا المخدرات والجريمة والتي تندرج متابعة ملف الهجرة غير الشرعية ضمن صلاحياته.
لماذا يغامرون بسلامتهم وأموالهم؟
يقول الخبير الاقتصادي مازن مرجي في تشخيصه لظاهرة الهجرة والسفر غير الشرعيين أو لتحقيق أهداف بطريقة المغامرة، إن المشكلة أو الظاهرة بدأت واضحة وظاهرة للعيان، وأن هناك عملية تدفق لأعداد كبيرة من الشباب التي تحاول الوصول الى الولايات المتحدة.
وقدر عدد الداخلين الى أميركا من خلال حدود المكسيك في عام 2023 بحوالي مليونين ونصف مليون شخص من كافة أنحاء العالم بشكل غير قانوني.
وأضاف أن هناك تساهلا من قبل السلطات الأميركية إما لأهداف سياسية أو إنسانية والتي تحاول إدخال أكبر عدد من الأشخاص وخصوصا من دول الجوار، ونسبة لا تقل عن 20 % من باقي دول العالم ومنها الأردن، لافتا إلى أن هناك زخما عاليا من قبل الشباب الأردني تجاه الهجرة بعد أن وصل عدد منهم بنجاح الى الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن هناك قرى في إربد هاجر منها ما يزيد على 500 شخص، ودخلوا الى أميركيا، وهذا نتيجة ما يتم مشاهدته من فيديوهات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أشخاص نجحوا في الوصول الى اميركا ويتحدثون عن الرفاهية التي وصولوا اليها مقارنة بما كانوا عليه في الأردن، مما شجع العديد من الشباب في الأردن الى الحذو حذوهم والمغامرة للوصول الى اميركا.
وأشار إلى أن إقبال الشباب على الهجرة يزداد قبل نهاية العام الحالي بسبب وجود انتخابات وتخوفات من تشديد الإجراءات مستقبلا على عملية الدخول وإيقاف الهجرة غير القانونية.
وعن دوافع الهجرة، يعتقد مرجي أن نسبة البطالة تتجاوز 22 %، ووصلت إلى 25 % قبل عامين، وهذه الأرقام الرسمية، وهناك نحو 486 ألف طلب في ديوان الخدمة المدنية بانتظار الحصول على وظيفة، بينما معدل النمو الاقتصادي يصل 2 بالعشرة، ولا يخلق وظائف في القطاع الخاص أو الحكومي، وقليلون هم من يحظون بفرصة عمل في الأردن توفر لهم العيش الكريم ومعظم المتعطلين عن العمل هم من فئة الشباب.
وقال إن الغلاء والوضع الاقتصادي والبطالة تدفع بالشباب الى التفكير بالهجرة وبناء مستقبل لهم، والهجرة إلى أميركا والدول الغربية نظرة موجود منذ زمن طويل وخصوصا كما يصفها البعض هي بلد الفرص لكنها في الوقت الحالي ليست كالسابق.
وأكد مرجي أن هناك تشجيعا للشباب من قبل بعضهم البعض، وهذا لا يتوقف على المتعطلين، وهو مؤشر على البعد الاجتماعي والاقتصادي العميق الذي يعاني منه الشباب الأردني ومن الذين يعملون في قطاعات مختلفة ويتقاضون رواتب تصل الى 600 دينار، وهذه الرواتب باتت لا تسد الاحتياجات الاساسية من أجور منزل وفواتير وغيرها، ناهيك عن أن الحد الأدنى للأجور متدنية وغير كافية، وبالتالي الطموح والهروب أصبح حلما يراود كل شاب أردني.
وفيما يخص أوضاع المهاجرين بعد وصولهم لأميركا، أوضح مرجي أن الشباب عادة ما يساعدون بعضهم البعض، قائلا "ربما يعيشون في ظروف لا تكون مثالية ولكنها بالنسبة لهم أفضل من البقاء في الأردن يستجدون أسرهم للحصول على مصروفهم".
وأوضح أنه ليس مع هجرة الشباب ولكن في الوقت الحالي لا تستطيع منع أي شخص عن البحث عن فرص عمل أو مستقبل أفضل في مكان آخر، حتى لو كان البحث ناجما عن أوهام أو أحلام أو مخاطر، مؤكدا أن الرحلة الى أميركا تنطوي على مخاطر وكلفتها لا تقل عن 7 آلاف دينار، وقد تصل إلى 12 الف دينار للشخص الواحد، وهناك عصابات تتولى عمليات التهريب، ولا يوجد ما يجبرهم على الالتزام بالاتفاق الذي تم بينهم وبين السماسرة الذين تولوا عملية ايصال الشباب اليهم من أجل تهريبهم لأميركا.
واعتبر مرجي أن الرحلة محفوفة بالمخاطر وليس الجميع يتمكن من الدخول، وقد يفقد البعض حياتهم بسبب التنافس بين العصابات، وعمليات السطو على الحافلات، ولا توجد أي ضمانات حقيقية بالوصول الآمن الى أميركا أو استرجاع الأموال التي دفعها المهاجر في حال الفشل.
تعطل وغياب الفرص
باسعراض آراء شبان وذويهم حول دوافع المغامرة بأرواحهم وأموالهم من أجل الهجرة، يقول الشاب احمد من مدينة اربد، "دفعتني الظروف المعيشية الصعبة وعدم حصولي على أي فرصة عمل في الأردن للمغامرة والهجرة إلى أميركا مع مجموعة من الأصدقاء عن طريق الهجرة غير الشرعية".
ووفق والده الذي يتابع عملية هجرته فإن نجله الوحيد تخرج في الجامعة منذ سنوات ولم يفلح في الحصول على أي فرصة عمل، ما دعاه للتفكير للذهاب إلى الخارج من أجل الحصول على أي فرصة عمل، لافتا إلى أنه تقدم أكثر من مرة للحصول على فيزا للسفر بشكل قانوني إلى الولايات المتحدة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
وأشار إلى أنه تقدم خلال السنوات الماضية بعشرات طلبات التوظيف الى الشركات الخاصة ومكاتب التوظيف من أجل الحصول على وظيفة، إلا أن جميعهم يشترطون الخبرة، ما دفعه للتفكير بالهجرة بعد أن شاهد مجموعة من أصدقائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقد وصلوا الى أميركا عن طريق التهريب.
ولفت إلى أن ابنه تواصل معهم وأخبروه عن شخص يقوم بالتنسيق مع جماعات تتولى عمليات تهريب المهاجرين، لافتا إلى أنه تم التواصل مع هذا الشخص الذي أخبره أن تكلفة الرحلة تبلغ 10 آلاف دينار، تبدأ من حجز التذاكر والفنادق والمزارع الخاصة للوصول الى المكسيك.
وأشار إلى أن ما يتم تداوله حول وجود مخاطر أثناء السفر ليس دقيقا، وخصوصا وان هناك المئات من الشباب وربما الآلاف وصلوا إلى الولايات المتحدة وحصلوا على وظائف في قطاعات مختلفة.
النجاحات مقياس والفشل ليس معيارا
يقول رئيس بلدية الوسطية عماد العزام إن ظاهرة الذهاب الى اميركا ليست قديمة، وأنها نشطت في الآونة الأخيرة بعد أن أصبح السفر الى بريطانيا سهلا، مشيرا إلى وجود مئات الشباب ذهبوا الى اميركا بهذه الطريقة قبل سنوات واستقروا هناك.
واشار الى أن هناك عشرات الشباب من لواء الوسطية ذهبوا الى اميركا من خلال المكسيك، واستقروا ووجدوا وظائف وامورهم ممتازة، على حد تعبيره، ولم يتعرضوا للأذى أثناء رحلتهم التي تستغرق ما يقارب العشرين يوميا.
ولفت إلى أن الهجرة الى أميركا لا تقتصر على فئة المتعطلين عن العمل فقط، فهناك شباب تقدموا باستقالاتهم من المؤسسات والشركات وهاجروا من أجل تحسين وضعهم المادي.
وأكد العزام أنه على تواصل مع مجموعة كبيرة من الشباب من لواء الوسطية الذين هاجروا مؤخرا وأمورهم ممتازة، لافتا إلى أن غالبيتهم تمكن من الحصول على فرصة عمل وبرواتب مجزية.
وأشار الى أن ادارة الهجرة بأميركا عندما تأخذ المهاجر وتسجل بياناته تسمح له بالعمل لحين استكمال إجراءات الهجرة، علاوة على أن بعضهم وفور دخول أميركا يعمل لدى أرباب عمل وشركات.