في ظل موجات الحرارة المرتفعة.. هل ينجح الأردن في التكيف مع المتغيرات المناخية؟

في ظل موجات الحرارة المرتفعة.. هل ينجح الأردن في التكيف مع المتغيرات المناخية؟
الوقائع الاخبارية :  يُنذر النهج الحكومي المتبع حاليا في التعامل مع تأثيرات التغيرات المُناخية مثل الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة،  "الأردن سيدفع ثمناً باهظاً نتيجة التباطؤ في تنفيذ إجراءات التكيف مع أزمة المُناخ"، وفق خبراء.

ورغم كل ما أوردته وزارة البيئة من سيناريوهات توضح تبعات التغيرات المُناخية على المملكة حتى عام 2100، والتي تُرجح بشكل واضح أن "ترتفع درجات الحرارة خلال الأعوام 2070 و2100 بين 1.2 و2.7 درجة مئوية"، لكن التكيف مع هذه التبعات ما يزال "غير واضح المعالم"، بحد قول الخبراء.

ولا توجد مؤشرات واضحة حول حجم الإنجاز المحقق في الخطة الوطنية للتكيف مع التغير المُناخي، التي أطلقتها وزارة البيئة سابقاً، ما استدعى وضع مسودة إطارية لنظام رصد ومراجعة وتعلم، تهدف الى تتبع مدى تحقيق الوزارات المعنية للإجراءات الموضوعة في الخطة.

ويتوقع أن ينشأ النظام بتمويل من صندوق المناخ الأخضر، والذي يمنح مرة واحدة للدول من أجل خطة التكيف مع التغير المناخي، يبلغ 3 ملايين دولار، وفق تصريحات رسمية لوزارة البيئة. 

ويسير الأردن بـ"تسارع بطيء جدا" في ملف التكيف مع التغير المُناخي، رغم وجود العديد من الإستراتيجيات الحكومية، لكنها "غير منفذة بالشكل المطلوب"، في رأي مؤسس ومدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية د. أحمد عوض.
عوض.
واستند إلى رأيه في أن "مؤشر التحول الى الطاقة المتجددة، والذي يعد أحد متطلبات التكيف مع التغير المُناخي، والتخفيف من آثاره، يواجه جملة من التحديات، والذي يناقض ما دون في التعليمات والأنظمة الحكومية، التي من المفترض أن تيسر هذا التحول لا أن تعقده".

ولفت الى أن "الاستجابة في الأردن لمواجهة تداعيات التغيرات المُناخية، مثل ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة، التي تشهدها المدن حالياً، لم ترتق الى المستوى المطلوب".

فمن وجهة نظره "الحكومة لم تعمل على رفع قدرات المزارعين لمواجهة التأثيرات المُناخية وعبر استخدام التقنيات الزراعية المستجيبة للمُناخ وشح المياه، رغم أنهم من الفئات الأكثر تأثراً بتلك التداعيات". 

ويخلو "الأردن من وجود معاهد تدريبية متخصصة للمزارعين تُشرف عليها الجهات الحكومية، بحيث تساعد هذه الفئة بالتعامل مع التقنيات الحديثة المستجيبة للمناخ"، بحد قوله.

وأشار الى أن "درجة استجابة الحكومات المتعاقبة لأزمة المُناخ متدنية، اذ لا يصدر عنها سوى التصريحات الرسمية بشأن التعامل مع ملف التكيف المُناخي، لكن عند النظر على أرض الواقع لا يوجد إنجاز يذكر".

وحذر من أن "استمرار النهج الحالي للحكومة الحالية، وأي حكومات ستشكل مستقبلاً سيدفع بالأردن الى مواجهة مصير قاتم في ظل تداعيات المُناخ المتطرفة التي سنشهدها مستقبلاً".

ومن أجل مواجهة هذه التحديات دعا عوض الى "تسريع وتيرة العمل الحكومية بشأن التكيف مع التغيرات المُناخية، مع مشاركة كافة الجهات المعنية لدى إقرار السياسات، وبالأخص أفراد المجتمع المحلي".

وكان تقرير البلاغات الوطني الرابع أظهر أن "المملكة ستشهد انخفاضاً في إجمالي غلة المحاصيل بنسبة
20 ٪"، في حين أن التأثيرات المُناخية على المحاصيل المرورية ستتركز في زيادة معدل انتاج الخضراوات بـ16 ٪، فيما سترتفع نسبة استهلاك المحصولات للمياه بين 12-30 ٪".

وستنخفض المراعي والأعلاف "بنسب 31 ٪  إلى 15 ٪، في وقت ستزيد فيه كميات الشعير بين 18-25 ٪، في حال بقي معدل الأمطار حوالي 200 ملم"، وفق نتائج التقرير ذاته.

ورغم ما تشير اليه سيناريوهات البلاغات الوطني الرابع من تأثيرات مُناخية ستطال المملكة خلال السنوات المقبلة، الا أن "النهج الحكومي في التكيف مع هذه التأثيرات لم يتغير حتى اللحظة"، من وجهة نظر رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة د. دريد محاسنة.

وأضاف أن "انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن قطاع النقل في المملكة، والمسببة للتغيرات المُناخية لم تتخذ الحكومة بشأنها أي إجراءات فعالة، مثل تحويل وسائط النقل العام العاملة بالوقود الأحفوري الى أخرى تعمل على الكهرباء".

ولا يقتصر الأمر على ذلك فبالنظر "الى محطات الكهرباء ما تزال تعتمد على الوقود الأحفوري بإنتاج الطاقة، في وقت أن قانون الطاقة الجديدة يضع قيوداً كبيرة على الفترة الزمنية لاستخدام الطاقة المتجددة، والذي يعيق من التقدم في ملف التعامل مع التحديات المُناخية"، بحسبه.

وأما في قطاع المياه، بحد قوله فإن "محطات التنقية البالغ عددها 35 في المملكة، فقط محطة واحدة منها تعمل على الطاقة المتجددة".

ولفت الى أن "الحكومة تعتمد بالدرجة الأولى على رفد الخزينة بما تحققه من عوائد على المشتقات النفطية، وليس على نظام الحوافز، والذي يتناقض مع التزامات المملكة باتفاق باريس الذي يدعو الى التحول نحو الاعتماد على مصادر أخرى بعيداً عن الوقود الأحفوري، للتخفيف والتكيف مع التغيرات المُناخية".

وهذه المؤشرات توضح أن "الأردن ما يزال يدور في حلقة مفرغة في التعامل مع ملف التكيف المناخي، والذي يستدعي تغير النهج الحالي الى آخر يعتمد على مبدأ الاقتصاد الأخضر، والتسريع في وتيرة العمل به"، بحسب المحاسنة.

ومن اجل الاستدلال على الإنجاز المحقق في الخطة الوطنية للتكيف مع التغير المُناخي أنهت وزارة البيئة حالياً المسودة الأولية الإطارية لنظام الرصد والمراجعة والتعلم لقطاعات المياه، والزراعة، والامن الغذائي، والتنوع الحيوي، والأنظمة البيئية، وإدارة المناطق الساحلية، وغيرها، وفق رئيسة قسم التكيف المناخي في وزارة البيئة المهندسة سارة الحليق.

وهذه المسودة سترسل للوزارات المعنية بتنفيذ الاجراءات في الخطة لأخذ الملاحظات، قبل اعتماد الإطار بصورته النهائية، 


وأشارت الى أن "إنشاء النظام سيكون عبر التمويل المقدم من صندوق المناخ الأخضر الذي يمنح مرة واحدة للدول من اجل خطة التكيف مع التغير المناخي، والبالغ 3 ملايين دولار". 

وكانت الخطة الوطنية للتكيف مع التغير المُناخي، التي أطلقتها وزارة البيئة عام 2022، حددت سبعة قطاعات ذات أولوية من بينها المياه والزراعة والصحة والتنمية الحضرية، والتي على إثرها وضعت عدة إجراءات للتكيف من قبل الوزارات المعنية.
وتتابع وزارة البيئة ما ورد في خطة التكيف من إجراءات مع الجهات المعنية بالتنفيذ، للتأكد من سير العمل ووفق المسار الوارد في بنودها، والذي يتواءم مع وثيقة المساهمات المحددة وطنياً.

ومن بين المشاريع التي تنفذ حالياً ضمن خطة التكيف مشروع بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ في الأردن من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه في قطاع الزراعة، بحد قول الحليق.

ورغم مواجهة المشروع عراقيل عدة، فإن "العام الحالي بدأ يشهد إنجازات بعد إدماج المشروع في رؤية التحديث الاقتصادي"، كما أشارت.

ومن بين المشاريع كذلك، ما يتم تنفيذه مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بشأن رفع قدرات المجتمعات المستضيفة للاجئين في الأردن ولبنان للاستجابة مع التغيرات المُناخية في قطاعي المياه والزراعة، بحد قولها.
تابعوا الوقائع على