مليون طفل غزي يصارعون تحديات صحية واجتماعية ونفسية ومعرفية
الوقائع الإخبارية : ناقش خبراء وحقوقيون أوضاع الطفولة في الأراضي الفلسطينية المحتلة على مستوى "حق الصحة والتعليم والحماية والصمود" في ظل استمرار الحرب المستعرة من الكيان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية، خلال انطلاق أعمال مؤتمر إقليمي بعنوان "الصمود رغم الإبادة" لدعم أطفال فلسطين أمس، بمشاركة عربية وإقليمية واسعة لعدد من منظمات والشبكات المعنية بالطفولة.
وعقد المؤتمر الذي يستمر حتى اليوم، بالشراكة بين مؤسسة جذور للإنماء الصحي والاجتماعي الفلسطينية والمجلس الوطني لشؤون الأسرة في الأردن، والشبكة العربية للطفولة المبكرة، والشبكة الفلسطينية للطفولة المبكرة.
وركز المؤتمر على مدار جلساته في اليوم الأول، على ضرورة "تطوير استجابات تشاركية عربية ودولية، وحشد الدعم لتلبية الاحتياجات الفورية وطويلة الأمد للأطفال في فلسطين، مع التركيز على قطاع غزة المنكوب.
وتوافق المشاركون في المؤتمر، على ضرورة تشجيع المؤسسات الدولية على إعادة توجيه برامجها الإنسانية نحو معالجة الظرف الطارئ في غزة، مع التأكيد على ضرورة التدخلات الفورية والموجهة، والحشد للتضامن الإقليمي والدولي ولحقوق الطفل في فلسطين، وتنسيق الجهود وتعبئة الموارد بين الأطراف المعنية والمنظمات المحلية والدولية، وتعزيز عمل المؤسسات والهيئات المحلية التي تقدم الدعم وخدمات الطفولة المبكرة للأطفال، وتحديد التوقعات والاحتياجات من الشركاء والممولين الدوليين، مع التأكيد على أهمية دعمهم في استكمال مبادرات المؤسسات المحلية في غزة.
من جهته، قال الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة د. محمد مقدادي، إن أعمال القتل والتخريب والدمار والتشريد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، نقيض لرسالة عمان الداعية للمحبة والسلام وإن القتل والعنف بصورهما كافة، لا مكان لهما في قلوب الأردنيين، مؤكدا أن ما يجري في غزة أصبح أمرا محبطا نتيجة سكوت العالم عن هذه المجازر غير الإنسانية.
وأشار مقدادي في كلمته، إلى ضرورة التركيز على ما يتعرض إليه الأطفال وقت الأزمات وما لهم من حقوق وأبرز الإستراتيجيات للتعامل مع هذه الأزمات، مشيدا بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله في المحافل الدولية التي تستنكر ما يتعرض له أهل غزة من جرائم ومجازر تستهدفهم بلا رحمة إو إنسانية، داعيا لضرورة تكاتف الجهود الدولية لوقف الحرب وإعادة بناء ما دمرته الحرب من مرافق صحية وتعليمية وإنسانية.
أما المنسق العام للشبكة العربية للطفولة المبكرة د. غسان عيسى، فقد أشار إلى أن صمود الفلسطينيين القابعين تحت الإبادة وقوتهم هو عنوان هذا المؤتمر، مشيرا إلى إطلاق العديد من الشعارات والحملات لمواجهة الحجج المتطرفة التي تمارسها الجهات الخارجية لإبعاد الأنظار عما يحدث للأطفال في فلسطين وغزة.
وأضاف بأن الإبادة وما يحدث في غزة لم يغب عن وسائل الإعلام التي تعنى بها الشبكة والمؤسسات المتعاونة معها بهدف إبقاء قضية الأطفال الفلسطينيين على رأس الأولويات والتركيز على التبعات التي أحدثتها هذه الحرب التي يقوم بها مجرم مدعوم بغطاء لا إنساني، مشددا على السعي لإعادة إحياء غزة بالتكاتف مع المؤسسات الدولية وبناء الطفولة فيها.
ودعا مدير عام مؤسسة جذور للإنماء الصحي والاجتماعي د. أمية خماش، إلى ضرورة تكثيف الجهود الدولية لإنقاذ أطفال غزة وتسليط الضوء على الأحداث التي تشهدها غزة وما يتعرض له الأطفال في فلسطين، مؤكدا أهمية الجهود التي يقوم بها الأردن لإيجاد حلول للازمة في غزة.
واستنكر خماش انتهاك الاحتلال للمعايير الدولية واستهدافه المستمر للمدنيين والأبرياء من الأطفال والنساء والبنى التحتية والصحية في غزة، مبينا أن مليون طفل في غزة يصارع تحديات وأخطار جسيمة وظروف لا إنسانية إذ يستشهد طفل كل 12 دقيقة في غزة.
من جانبها، قالت رئيسة مجلس أمناء مركز السلام للطفولة المبكرة ريما صلاح، أن الاستثمار في الطفولة المبكرة يكون في الأمن والسلام المستدام وتقليل التهديدات التي يتعرض لها الأطفال في موطن نشأتهم، مناشدة بضرورة تحقيق السلام في العالم وحماية الأطفال في مواطن الصراع وتحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية الرعاية والحماية للأطفال.
وبحسب وثيقة المؤتمر التي حصلت عليها "الغد"، فتستند إلى أن الحرب على غزة ضاعفت من معاناة الأطفال إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يصارع مليون طفل في غزة تحديات جسدية وعاطفية واجتماعية ومعرفية عميقة بحسب الوثيقة، ستلازمهم مدى الحياة، حيث قتلت هذه الحرب حتى الآن ما يصل إلى 38.000 فلسطيني، من بينهم ما لا يقل عن 15.800 طفل، و10.500 امرأة، و500 عامل صحي، وتسببت في إصابة عشرات الآلاف غيرهم. كما يتمت أكثر من 20.000 طفل، أو تركتهم وحيدين، وما تزال تتسبب في بتر أطراف 10 أطفال يوميا.
ويواجه الأطفال في غزة ظروفا قاسية جراء تدمير البنية التحتية، بعد أن حرموا من مكونات الرعاية الأساسية، بما فيها الصحة، التغذية، السلامة، الأمان، التعليم، حيث تعرض 103 مرافق صحية للضرر أو التدمير الكامل، من بينها 32 مشفى، كما تعرضت 119 مدرسة لأضرار بالغة، من بينها 65 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تعرضت للهجوم أو التخريب، وأصبح جميع أطفال غزة، تقريبا، مشردين، يفتقرون للحاجات الأساسية، ويواجهون تهديدات وشيكة بالمرض والمجاعة.
منذ بداية الحرب، توقف التعليم بالكامل، ودُمرت المرافق التعليمية، مما أدى إلى القضاء على فرص التعليم والنمو الفكري لأطفال القطاع. وفوق كل هذا، يعيش الأطفال في ملاجئ مزدحمة وفي الشوارع، حيث يواجهون تهديدات مستمرة بالعنف والاستغلال والجوع، كما يضطر الكثير منهم إلى العمل لإعالة أسرهم، في حين يضطر بعضهم إلى رعاية أشقائهم الأصغر سنا بعد فقدان والديهم.
وفيما يخص الضفة الغربية، فقد أشارت الوثيقة إلى أنها أيضا ضحية لتصاعد أعمال العنف، وأن هناك تغاضيا عن التحديات التي يواجهها الأطفال هناك، مثل نقص الغذاء والماء، وتعطل التعليم، والتعرض للعنف، وتعطل النظام الأُسري، وكشفت الوثيقة أنه وحتى منتصف أيار "مايو" الماضي، فقد قتلت قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنون 124 طفلا في الضفة الغربية، ومع الهجمات اليومية على المدن ومخيمات اللاجئين، ومع تصاعد العنف، والاشتباكات، والحصار العسكري، والتشريد، لم يعد هناك مكان آمن للأطفال الفلسطينيين.