الخوف من الآثار الجانبية أثر كثيرا على تقبل الأردنيين لتلقي اللقاحات

الخوف من الآثار الجانبية أثر كثيرا على تقبل الأردنيين لتلقي اللقاحات
الوقائع الإخبارية : أظهرت نتائج دراسة علمية حول "العوامل المرتبطة برفض التطعيم لدى عينة من السكان الأردنيين"، أن الخوف من الآثار الجانبية المستقبلية والحالية، وعدم الثقة في فعالية اللقاحات وعملية تطويرها، والحماية المحدودة، كانت من بين الأسباب الأكثر شيوعا لرفض اللقاح. 


وشكك المشاركون في فعالية اللقاحات ضد فيروس كورنا المستجد، وفضلوا الطرق الطبيعية والتغذية الصحية للحماية. 

وقالت الدراسة التي تنفرد "الغد" بنشر أبرز نتائجها، إن بعض المشاركين يعتقدون أن الشباب والأطفال لا يحتاجون للقاحات، مشيرين إلى وفيات بين الأفراد تم تطعيمهم، كما تم الاستشهاد بالدوافع التجارية ونظريات المؤامرة كأسباب لرفض اللقاح. 
وسلطت الدراسة الضوء على مصادر المعلومات التي يستخدمها المشاركون، حيث كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر شيوعا، تليها الأخبار الإذاعية والتلفزيونية. 

وكانت المصادر الحكومية والرسمية، فضلا عن المعلومات الواردة من الاختصاصيين الصحيين، أقل استخداما، ومع ذلك، لا توجد فروق كبيرة بين الجنسين فيما يتعلق بمصادر المعلومات. 

وأوضحت الدراسة أن رأي المشاركين ارتبط بالنوع والحالة الوظيفية والحالة الاجتماعية بأسباب محددة لرفض اللقاح. 

وبينت الدراسة أن الذكور أكثر قلقا بشأن القدرة على اختيار نوع اللقاح، بينما أعربت الإناث عن مخاوف أكبر بشأن الوقت الذي انقضى منذ تطوير اللقاح، فيما كان المشاركون العاملون أكثر عرضة للإبلاغ عن عدم كفاية توافر اللقاح والدوافع التجارية وراء الترويج للقاح، بيد أن الأفراد المتزوجين كانوا أكثر عرضة للاعتقاد بإشاعات اللقاح وإدراك الأسباب التجارية لتشجيع اللقاح.

وحول العوامل المرتبطة برفض التطعيم لدى عينة من السكان الأردنيين، لفتت الدراسة إلى أن جائحة "كوفيد 19" مثلت تحديات كبيرة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك التردد في تلقي اللقاح ورفضه. 

وهدفت هذه الدراسة إلى استكشاف ظاهرة رفض اللقاح في الأردن والعوامل المساهمة فيه؛ حيث كشفت النتائج عن رؤى مهمة حول مواقف ومعتقدات المجتمع الأردني فيما يتعلق بالتطعيم ضد "كوفيد 19". 

وتألف مجتمع الدراسة من أفراد في الأردن إما لم يتلقوا لقاحا أو امتنعوا عنه، حيث تضمنت العينة 220 مشاركا، وتم جمع البيانات باستخدام استبيان ذاتي عبر الإنترنت، حيث فحصت الدراسة المتغيرات الاجتماعية الديموغرافية المختلفة ومصادر المعلومات والعوامل المرتبطة برفض اللقاح.

وبينت الدراسة التي أعدها باحثون في الجامعة الأردنية ونشرت في مجلة محكمة، أن جائحة كورونا فرضت تحديات كبيرة على الصحة العامة العالمية، مما استلزم تطوير وتوزيع لقاحات للتخفيف من انتشار الفيروس، ومع ذلك، أصبح التردد في تلقي اللقاح عائقا كبيرا أمام تحقيق تغطية واسعة النطاق بالتطعيم. 

واعتبرت الدراسة أن التردد في تلقي اللقاح ظاهرة معقدة تتأثر بعوامل مختلفة، بما في ذلك المعتقدات الفردية والمواقف المجتمعية والتردد في تلقي اللقاح ليس بالأمر الجديد، لكنه اكتسب اهتماما متزايدا خلال الجائحة، وقد أبرزت الدراسات السابقة أهمية فهم العوامل التي تسهم في التردد في تلقي اللقاح في تصميم التدخلات الفعالة. 

وتعد المعلومات والمفاهيم الخاطئة حول اللقاحات، وعدم الثقة في الحكومات  ومؤسسات الرعاية الصحية، والمخاوف بشأن سلامة اللقاحات وفعاليتها من الأسباب الشائعة للتردد بأخذ اللقاح. 

وكشفت نتائج الدراسة، أن نسبة كبيرة من السكان الأردنيين أظهروا رفضا أو ترددا بتلقي اللقاح، وتشير النتائج أيضا إلى أن الأفراد الذين امتنعوا عن التطعيم اعتمدوا بشكل أساسي على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات حول فيروس كورونا، مع اعتماد أقل على نشرات الأخبار الإذاعية والتلفزيونية. 

وفي المقابل، سعت أقلية من الممتنعين للحصول على معلومات من المتخصصين الصحيين أو المحاضرات العلمية أو المصادر الحكومية والرسمية. 

وقالت الدراسة إن وسائل التواصل الاجتماعي كانت مصدر المعلومات الأكثر استخداما بنسبة (72.6 %)، تليها الأخبار الإذاعية والتلفزيونية. وكان الاعتماد على المصادر الحكومية والرسمية، فضلا عن الاختصاصيين الصحيين، أقل تواترا للحصول على المعلومات، ولم تكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث فيما يتعلق بمصادر معلوماتهم، مما يشير إلى أن كلا الجنسين كانا معرضين بالتساوي لمصادر مماثلة. 

وتشير هذه الأنماط لانخفاض الثقة بين الممتنعين عن المعلومات المقدمة من المتخصصين في الرعاية الصحية والمجلات العلمية، وهذا أمر جدير بالاهتمام، ويشير لتحول في مصادر المعلومات والثقة بها، ويشير إلى حدوث تغيير في مواقف الناس تجاه البحث عن المعلومات.
وبينت الدراسة أنه من الضروري تأكيد أهمية التطعيم وآثاره الجانبية المحدودة مقارنة بالمخاطر المرتبطة بعدم تلقي اللقاح، كما يلزم أيضا تغيير كيفية عرض ونشر المعلومات المتعلقة باللقاحات، على عكس النتائج السابقة التي أشارت إلى أهمية الاعتماد على المجلات العلمية والمتخصصين في وزارة الصحة للحصول على المعلومات. 

وتتوافق نتائج هذه الدراسة مع الأبحاث السابقة التي حددت المعلومات الخاطئة كمحرك حاسم للتردد في اللقاح، حيث أبلغت نسبة كبيرة من المشاركين عن مواجهة معلومات مضللة متعلقة باللقاحات على منصات التواصل الاجتماعي، كما تتوافق هذه النتائج مع الدراسات التي تسلط الضوء على الانتشار السريع للمعلومات الخاطئة عبر المنصات عبر الإنترنت. 

وتشكل المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي تحديا لسلطات الصحة العامة وتتطلب تطوير استراتيجيات مستهدفة لمواجهة الروايات الكاذبة وتعزيز معلومات دقيقة عن اللقاحات، ويمكن أن تكون لتآكل الثقة في المؤسسات عواقب بعيدة المدى على جهود الصحة العامة، مما يقوض مصداقية التوصيات والتدخلات المتعلقة باللقاحات، لذلك، ينبغي للتدخلات أن تعيد بناء الثقة عبر تعزيز الشفافية، وتوفير معلومات واضحة ودقيقة، وإشراك قادة المجتمع الموثوق بهم في حملات التواصل بشأن اللقاحات. 

علاوة على ذلك، حددت الدراسة وجود علاقة بين التردد في اللقاح وعدم الثقة في الحكومة ومؤسسات الرعاية الصحية، تتوافق هذه النتيجة مع الدراسات السابقة التي أظهرت دور الثقة في تشكيل المواقف من اللقاحات. 

وتعد سلامة اللقاحات وكفاءتها من العوامل البارزة وراء الامتناع عن أخذ المطاعيم، إذ إن أولئك الذين يرفضون أخذ اللقاحات يشككون بفعاليتها ولديهم مخاوف بشأن آثارها الجانبية الحالية والمستقبلية، وتتوافق هذه النتيجة مع الأبحاث السابقة التي حددت سلامة اللقاحات كعامل بارز يسهم في التردد في أخذ اللقاح. 

وكان الخوف من المستقبل والآثار الجانبية الحالية للقاحات العامل الأول للأشخاص الذين يمتنعون عن اللقاحات، فيما كانت العوامل الأقل وضوحا هي "عدم الثقة في فعالية اللقاحات بسبب الوقت القصير لاكتشاف اللقاح" و"الوقت المحدود للحماية التي يوفرها". 
وقالت الدراسة "يجب على سلطات الصحة العامة معالجة هذه المخاوف عبر ضمان وجود أنظمة قوية لرصد أمان اللقاحات، والإبلاغ عن العمليات التنظيمية الصارمة، ونشر المعلومات المسندة بالبينات بشأن فعالية اللقاحات".

وقالت "إن معالجة المخاوف المتعلقة بسلامة اللقاحات وفعاليتها والدوافع التجارية يمكن أن تساعد بزيادة قبول اللقاح بين السكان، إذ يجب أن تركز حملات الصحة العامة على توفير معلومات دقيقة عبر قنوات متنوعة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، لمكافحة المعلومات المضللة وتعزيز الثقة باللقاحات، ويمكن وضع استراتيجيات مصممة خصيصا لمعالجة الشواغل المحددة لمختلف الفئات الديموغرافية، مثل الذكور والإناث والمتزوجين، لتحسين الإقبال على اللقاحات".

كما استكشفت الدراسة الاختلافات بين الجنسين في عوامل رفض اللقاح، وتم العثور على اختلافات كبيرة في الاعتقاد بأن الأفراد يجب أن يكونوا قادرين على اختيار نوع اللقاح الذي يتلقونه، حيث أعرب الذكور عن إيمان أقوى بهذا الصدد، بينما كانت الإناث أكثر قلقا بشأن عدم كفاية الوقت منذ تطوير اللقاحات لضمان فعاليتها. 

ولاحظت الدراسة أن شريحة من السكان المتعلمين تعليما عاليا امتنعت عن التطعيم، مما يشير إلى أن المستوى التعليمي وحده لا يزيد بالضرورة من الوعي بأهمية التطعيم وقد يزيد من مخاوف تلقي اللقاح، ووفقا للدراسة، يمكن أن يعزى إحجام المتعلمين عن أخذ اللقاحات إلى عدم وجود سلطة علمية توفر معلومات دقيقة وموثوقة حول تكوين اللقاح وآثاره وأهميته والتفاصيل العلمية الأخرى ذات الصلة، بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن القطاع الخاص كان أكثر صرامة في فرض متطلبات التطعيم لموظفيه.

ومن المثير للاهتمام، وفقا للدراسة، أن الأشخاص المتعلمين يميلون أكثر إلى عزو رفضهم إلى "تعقيد إجراءات التطعيم" ويعتقدون أن "فيروس كورونا غير موجود". وبالتالي، على عكس الفطرة السليمة، لا يسهم التعليم في فهم أفضل للحاجة إلى التطعيم. وقد يكون هذا بسبب المعلومات المربكة حول اللقاحات من العاملين الصحيين المطلعين. 

ورجحت الدراسة أن المتزوجين يعزون رفضهم للقاح إلى "إشاعات حول اللقاحات التي تضعف الطلب عليها في وسائل الإعلام التقليدية ووسائل الإعلام على الشبكات الاجتماعية". 
وكان من الواضح أيضا أن هناك اختلافات في مستويات الدخل حول الاعتقاد بأن "كورونا غير موجود". 
وقالت الدراسة "للوظيفة علاقة إيجابية كبيرة بثلاثة عوامل مرتبطة برفض اللقاح: عدم كفاية اللقاحات، وتطوير اللقاحات للأغراض التجارية والمالية، والوفيات الناجمة عن التطعيم، حيث تتوافق هذه النتائج مع نتائج الدراسات الأخرى".
علاوة على ذلك، وفقا للدراسة، يحمل الأفراد معتقدات فيما يتعلق بالسيطرة والهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية العالمية للبلدان المتقدمة، وإنهم يرون أن هذه الدول تعطي الأولوية لمصالحها وثرواتها على حساب الدول الأضعف، وهذا الاعتقاد ونظريات المؤامرة تجعل الناس يترددون في الوثوق بلقاحات كورونا. 
وتسلط هذه النتائج الضوء على دور هذه المحددات برفض اللقاح، كما أسهمت عوامل مثل الإجراءات المعقدة، ومحدودية توافر اللقاحات، والمخاوف بشأن مواقع التطعيم المزدحمة في التردد بتلقي اللقاح، باعتباره أحد العوامل المهمة التي تؤدي لإحجام بعض الأفراد عن التطعيم هو الرغبة في الحصول على خيار اختيار لقاح معين، حيث توجد مخاوف من أن بعض اللقاحات قد يكون لها آثار جانبية أعلى أو فعالية أقل.
وتسهم هذه الدراسة في مجموعة متزايدة من الأدلة حول التردد في تلقي اللقاح عبر تسليط الضوء على دور المعلومات المضللة وانعدام الثقة في المؤسسات والمخاوف بشأن سلامة اللقاحات وفعاليتها، وتؤكد هذه النتائج أهمية تنفيذ تدخلات متعددة الأوجه تعالج هذه العوامل. 

وفيما يتعلق بعوامل رفض اللقاح، قالت الدراسة "كان الخوف من الآثار الجانبية المستقبلية والحالية هو السبب الأكثر شيوعا لعدم أخذ اللقاح، كما أسهم انعدام الثقة في فعالية اللقاحات جراء تطورها السريع والحماية المحدودة في رفض اللقاح". 

وشكك المشاركون في فعالية اللقاحات وفضلوا الطرق الطبيعية والتغذية الصحية للحماية. بالإضافة إلى ذلك، أثرت معتقدات، مثل فكرة أن الشباب والأطفال لا يحتاجون إلى لقاح، والوعي بالوفيات بين الأفراد الذين تم تطعيمهم، وانخفاض معدل الوفيات بين الأفراد المصابين بـ"كوفيد 19"، على رفض اللقاح.  

وتسهم نتائج هذه الدراسة في فهم رفض اللقاحات في الأردن وتوفر رؤى قيمة لسلطات الصحة العامة وصانعي السياسات، بحيث يجب أن تراعي استراتيجيات معالجة التردد في اللقاح الشواغل والمعتقدات المحددة للسكان، لا سيما فيما يتعلق بالأمان والفعالية والثقة في عملية تطوير اللقاح. 

وقالت الدراسة "يمكن أن تساعد حملات الاتصال المصممة خصيصا والمبادرات التعليمية التي تستهدف مختلف الفئات الديموغرافية بمعالجة المفاهيم الخاطئة وزيادة قبول اللقاحات".

مع ملاحظة أن هذه الدراسة كانت لها بعض القيود، بما في ذلك أخذ العينات الملائمة والاعتماد على البيانات المبلغ عنها ذاتيا، ويمكن أن تستخدم الأبحاث المستقبلية طرقا أكثر تمثيلا لأخذ العينات وأن تتضمن مناهج نوعية لفهم أسباب رفض اللقاح بشكل أفضل.
تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير