نقص المياه في المدن.. كيف نتغلب عليه أردنيا؟
الوقائع الإخبارية : وسط تحذيرات دولية من مخاطر "الفشل" في تعزيز إمدادات المياه بالمدن، كونها تشكل "تحديا كبيرا"، فإن هذا التحدي يبرز "الحاجة إلى تصاميم فعالة للشبكات نظرا إلى النمو السكاني والتوسع العمراني أفقيا وعاموديا".
وفيما أبدى تقرير صدر مؤخرا عن المجلة العلمية "نيتشر"، وحصلت "الغد"على نسخة منه، مخاوفه إزاء إمكانية مواجهة هذه المعضلة، طرح مقابل ذلك حلولا متعددة المستويات والمراحل.
وفي إطار تأكيدات التقرير ذاته لضرورة اتخاذ التدابير التي تساهم في توفير المياه وضمان الوصول المتساوي للجميع في ضوء النمو السريع للمدن، سعت سياسات الإستراتيجية الوطنية للمياه للأعوام 2023-2040، إلى تحقيق هذا الهدف، من خلال إجراءات لها بحلول مقترحة، إلا أنها تتطلب مزيدا من الاستثمار وتجاوز العوائق المالية.
وفي هذا السياق، أكد مصدر مسؤول في وزارة المياه والري، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريحات لـ"الغد"، أن إمدادات المياه إلى المدن تواجه تحديات متزايدة تتمثل في الحاجة إلى تصاميم فعالة للشبكات نظرا إلى النمو السكاني والتوسع العمراني أفقيا وعاموديا.
وقال المصدر إن السكان باتوا يميلون إلى المناطق المأهولة والمخدومة القريبة من الخدمات والمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية، نظرا لتزايد التمدد في اقتصاد الخدمات على حساب اقتصاد الاستثمار والزراعة في الأردن.
وأضاف المصدر أنه من طبيعة المدن المأهولة والقريبة من مراكز الدولة أنها تتسم بوجود نوع من التقادم في شبكات البنية التحتية ومنها المياه والصرف الصحي، ما يحتاج إلى تكاليف إضافية للصيانة الوقائية والعلاجية لضمان فعالية التزويد.
وأوضح أن النمو المستمر في المدن بحاجة إلى المزيد من الاستثمار في شبكات المياه والصرف الصحي، في ظل وجود تحديات مالية وعجز في الموازنات، جنبا إلى جنب اتسام المناطق المدنية بكثرة التقاطعات في شبكات البنية التحتية المتضمنة المياه والصرف الصحي وكوابل الألياف الضوئية والكهرباء والطرق وغيرها.
وتابع أن "هذه التقاطعات والطبقات تحتاج إلى مراجعة وتحديث مستمرين لأنظمة المعلومات الجغرافية لضمان التصميم الأمثل وتجنب الضرر في بعض أجزاء الشبكات".
واقترح المصدر حلولا متعددة لمواجهة هذه التحديات؛ من ضمنها توحيد أنظمة المعلومات الجغرافية، وإجراء صيانة دورية للشبكات، ومراجعة تصميم الشبكات لتكون بالشكل الأمثل، وزيادة المصادر المائية.
وقال إن من بين تلك الحلول التي من شأنها مواجهة هذه التحديات، رفع قدرات المضخات وكفاءتها، وتقليل الفاقد الإداري والفيزيائي، وتحقيق التوازن بين التمدد العمراني أفقيا وعاموديا، وتعزيز عملية التخطيط الحضري بشكل تكاملي.
من جانبها، أكدت محاور الإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه 2023-2040، ضرورة الوصول لأهداف رفع الاستثمار في مشاريع صيانة وتحديث مرافق المياه السطحية، وحماية البنية التحتية للمياه السطحية، فضلا عن تطوير برامج المراقبة والإدارة لكمية ونوعية وحماية المياه السطحية والجوفية.
وفي حين أوصى التقرير ذاته بأهمية اتخاذ إجراءات من شأنها المساهمة بتوفير المياه اللازمة، كجمع مياه الأمطار وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، تتعاظم الدعوات في هذا الإطار، نحو أهمية الاستثمار في مصادر المياه غير التقليدية، وانتهاج إجراءات تصب بتغيير النهج الحالي لتخزين المياه، وتعزيز حصاد مياه الأمطار، واعتماد تقنيات ري أكثر كفاءة، ووضع قيود على الإفراط باستخدام المياه وتخفيض فاقد المياه.
وهو ما كانت أبدت وزارة المياه والري تخوفاتها إزاءه، حيث أعدت في وقت سابق دراسة رسمية بالتعاون مع إدارة مشروع الوكالة الألمانية للتعاون الفني بعنوان "التقييم السريع لنتائج التراجع.. توافر الموارد وقابليتها للاستغلال.. البنية التحتية لإمدادات المياه" في العام 2020، وقدرت من خلالها انخفاض الجريان السطحي للمياه السطحية على المدى الطويل بنحو 15 %، أي من حوالي 400 مليون م3 سنويا إلى حوالي 340 مليون م3 سنويا خلال الفترة نفسها.
ونتيجة لذلك، سيتناقص توافر الموارد المائية التقليدية الداخلية على المدى الطويل بشكل أكبر من المستويات الحالية، وفق دراسة "المياه".
وبهذا الخصوص، تولي خطط الوزارة قضية خفض الفاقد المائي في المملكة أهمية قصوى، من خلال سعيها لتنفيذ مشاريع إستراتيجية في رؤية التحديث الاقتصادي، وأهمها الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة، لمواجهة التحديات المائية والبيئية والتغير المناخي، ورفع كفاءة استخدام الموارد المائية وخفض الفاقد المائي، والتصدي للاعتداء على المصادر المائية، إضافة إلى عدم التهاون بالتعامل معها.
وتسعى إستراتيجية الحد من الفاقد المائي إلى تخفيض نسبة الفاقد لأقل من 25 % على الصعيد الوطني بحلول العام 2040، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وتوفير هذه الكميات للاستخدامات المختلفة.
ووفق البيانات الإحصائية ذات العلاقة بقطاع المياه، تبلغ نسبة الفاقد من كميات المياه في الأردن 47 %، ما يتطلب اتخاذ تدابير صارمة لمعالجة ذلك، وإدارة أفضل للطلب.
وحقق قطاع المياه نجاحا في إطار ضمان تزويد آمن للمياه بما يتجاوز %98 من التجمعات السكنية في البلاد، مع ضمان نوعية مياه ضمن المواصفات العالمية.
ويتم اعتبار المياه، أحد محركات النمو الأساسية لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، لتكون قوة دفع باعتبار المياه أساسية لتقدم المملكة في كل بعد من أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة، الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
كما جرى تحديث وإعداد إستراتيجية طويلة المدى للقطاع، تتضمن أهم الأولويات التي يجري تنفيذها لحل مشكلة شح المياه، عبر إيجاد مصادر مائية جديدة غير تقليدية، وتنفيذ المشاريع الوطنية لتحلية المياه، ومنها مشروع الناقل الوطني وتحلية مياه العقبة، إلى جانب الاستفادة من الحلول التقنية في برنامج استدامة المياه، وتخفيض فاقد المياه وإحكام السيطرة على مصادر المياه، وإيجاد الآليات الأساسية لتعزيز التكامل بين القطاعات المختلفة، وتخصيص المياه لكافة الاستخدامات بشكل عادل مع التركيز على قضية الأمن الغذائي ومتلازمة المياه- الغذاء- الطاقة، وتنفيذ مشاريع إعادة معالجة المياه واستخدامها للزراعة والصناعة.