“حقوق الإنسان”: ضرورة التواصل بين الأردن ومنظمات اللاجئين لتخفيف أعباء اللجوء
الوقائع الإخبارية : أوصى التقرير السنوي الصادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان حول حالة حقوق الإنسان في المملكة والذي خصص فصلا عن "اللجوء”، بضرورة التواصل بين الأردن ومنظمات اللاجئين وهيئات حقوق الإنسان، بالشراكة مع وزارة التخطيط، لتخفيف أعباء اللجوء على البنى التحتية والقطاعات المختلفة، وضرورة التعاون مع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية لتحقيق هذه الغاية.
وأكد التقرير في توصياته، ضرورة وضع إستراتيجية شمولية للاجئين وخطة لبرامجهم ومشاريعهم الموجهة لهم، بما يتلاءم مع الأولويات الوطنية، والتواصل مع المجتمع الدولي لاستمرار دعمهم والتعاون مع الدول المستضيفة لمساعدتهم بتخطي ظروفهم الصعبة، وإنهاء حالة اللجوء ورجوعهم الى موطنهم.
ويتفق مع هذه التوصيات، متخصصون وحقوقيون، إذ بينوا أهمية الضغط على المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الأردن في مواجهة أعباء اللجوء، وذلك في سياق تقديمه للخدمات الأساسية لهم، لافتين الى أنه وبرغم عدم توقيع الأردن على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، لكنه يستمر منذ اعوام باستضافة اللاجئين وحمايتهم.
ويستند التقرير على كلمة لجلالة الملك عبدالله الثاني في المنتدى العالمي للاجئين خلال انعقاده في جنيف العام الماضي، وفيها أكد أن "منح الملاذ الآمن للاجئين، جزء لا يتجزأ من المبادئ الوطنية الأردنية، خصوصا في هذه المنطقة المضطربة. فلا يمكننا أن ندير ظهورنا لهم؛ لأن ذلك يتنافى مع صميم هويتنا. لكن الأردنيين يشعرون بشكل متزايد بأن العالم يدير ظهره لهم، ويتجاهل جهودهم كمستضيفين للاجئين”.
وأشار جلالته الى أنه و "مع تزاحم الأزمات الخطرة التي باتت تستحوذ على الاهتمام الدولي، يتراجع التركيز على محنة اللاجئين والبلدان المستضيفة لهم”، مؤكداً أن "المجتمع الدولي لا يملك ترف تجاهل هذه القضية”.
ونبه جلالة الملك الى أننا "نجد أنفسنا نتعامل مع أزمة نزوح أخرى في المنطقة، فقد اضطر أكثر من 1.9 مليون فلسطيني في غزة، والكثير منهم يعد من اللاجئين، إلى الفرار من منازلهم داخل القطاع وسط حملة قصف متواصلة. ومع توجه كل الأنظار نحو غزة، يتعين على المجتمع الدولي أن يدرك أكثر من أي وقت مضى، أن الحلول المؤقتة لم تعد ممكنة، وأن الأزمات العالمية تستوجب التشارك في تحمل المسؤولية على المدى الطويل”.
وبحسب المستشار القانوني في معهد القانون والمجتمع معاذ المومني، فإنّ الأردن ليس من ضمن الدول الموقعة على اتفاقيّة اللاجئين لعام 1951، ولم يصادق عليها، وهو يتعاط مع المفوضية السامية للاجئين وفق مذكرة تفاهم وقعت قبل عقود، لكنه وبرغم ذلك ما يزال يلعب دوراً حيويا ومحورياً في هذا الجانب، لا بل و”يتحمّل أعباء اللجوء، نيابة عن كثير من دول الجوار والإقليم والعالم”.
وأكد المومني، أن وجود اللاجئين في أي دولة بالعالم يؤثّر على سياقات اقتصادية واجتماعية وسياسية وبنى تحتية وتنموية، وهذا ما حصل في الأردن، إذ انعكست استضافة اللاجئين على قدرته بتقديم خدمات أساسيّة للاجئين والمواطنين على حد سواء.
وبين أن ما أكد عليه جلالة الملك في محافل دولية، بضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته أمام أزمة اللاجئين التي تتزايد، وتقديم المساعدة للمملكة، لتقوم بواجبها تجاه اللاجئين، بصرف النظر عن دولتهم الأم.
يشار هنا الى أنّ المفوضية أكدت مؤخرا أن "الأردن أظهر ضيافة استثنائية باستضافته للاجئين السوريين منذ العام 2016، وأنه وبرغم الضغط على موارده الخاصة، لكنه أعطى أولوية لإدماج اللاجئين، وتوفير الخدمات لهم”، لافتة الى أن "هذه الجهود تجسد التزام الأردن بدعم حقوق الإنسان الأساسية للاجئين”.
أستاذ القانون الدولي بجامعة العلوم الإسلامية د. عبد السلام همّاش، بين أن هناك حاجة ماسة لوقوف المجتمع الدولي مع الأردن، لضمان استمرار تقديم الخدمات للاجئين، مشيرا الى أنّ الأردن لم يوقع على اتفاقية اللاجئين، وبرغم ذلك له تاريخ طويل باستضافتهم، ويحاول دائماً بما لديه من موارد بسيطة، تقديم ما يستطيع.
وأكد هماش، أنه في الوقت الراهن، لن يستطيع الأردن تحمّل أعداد إضافيّة من اللاجئين، لأنّ هذا سيؤثر على أمنه القومي، وعلى ما يقدمه من خدمات أساسيّة للاجئين والمواطنين، مبينا أن الأردن لا يعتبر بلد عبور للاجئين، بل عادة ما يكون وجودهم على فترات طويلة ومتوسطة، وبالتالي هذا يؤدي لضغط متزايد على موارده الطبيعية، مشيرا الى أن هذه الضغوطات زادت في الاعوام الأخيرة، تزامنا مع تراجع التمويل وتزايد الأزمات الاقتصادية.
ويستضيف الأردن نحو 4 ملايين لاجئ من جنسيات مختلفة، بما في ذلك حوالي 1.4 مليون سوري. ويمثل اللاجئون بالمجمل، أكثر من ثلث سكانه البالغ نحو 11 مليون نسمة، وفي تقرير للمركز الوطني هناك 10 مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين في الأردن معترف بها من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا”، و3 مخيمات غير رسمية، هي مخيمات: الأمير حسن ومادبا والسخنة، ويبلغ عدد اللاجئين في المخيمات الرسمية 396 ألفا، ما يشكل 17.4 % من عدد اللاجئين الكلي المسجلين لديه.
وأكد تقرير المركز، أنّ الأردن "البلد العربي الوحيد الذي منح المواطنة الكاملة لجميع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه وذرياتهم”.
وتنص المادة (3/ 2) من قانون الجنسية الأردنية للعام 1954 على الشروط التي يستطيع فيها الفلسطينيون، أي الأشخاص ذوي الجنسية الفلسطينية سابقا، الحصول على الجنسية الأردنية.
وأشار التقرير الى أنّ الأزمة المالية لـ”الأونروا”، ما تزال مستمرة للعام الرابع على التوالي، بسبب قرار الإدارة الأميركية السابقة بوقف المساعدات والالتزامات المالية الأميركية للوكالة، ما يهدد أعمالها بخاصة الخدمات التعليمية والصحية. أما بشأن العراقيين فأشار إلى أنّ عدد المسجلين منهم في الأردن لدى المفوضية يقدر بنحو 62 ألفاً.
وبشأن اللاجئين السوريين، أكد التقرير أنه "وبعد مرور أكثر من 13 عاما على فتح الحدود الأردنية أمام اللاجئين السوريين، واستضافة اكثر من 1.4 مليون سوري، بات الأردن عالقا في مواجهة معضلة الاستمرار باستضافتهم، إذ يشكلون عبئا كبيرًا على الاقتصاد المحلي، في وقت تتراجع فيه مساعدات المجتمع الدولي ودعمه”.
وشهد العام الماضي، انخفاضا في أعداد اللاجئين السوريين بالأردن قدره 0.742 % منذ بدايته، وحتى 31 الشهر الماضي، بواقع 4,908 لاجئين، اذ أشار تقرير صادر عن المفوضية إلى أن عدد اللاجئين المسجلين حتى نهاية الشهر الماضي 656762، مقابل 661670 كانوا مسجلين في مستهل العام الحالي.
وبينت زيارة رصدية لفريق المركز أن 84.244 ألف لاجئ تخدمهم 32 مدرسة و9 مراكز رياض أطفال، وعدد طلبته 22 ألفا، وفيه مستشفى و8 مراكز طبية، وما تزال مشكلة المياه قائمة، برغم وجود 3 آبار تضخ مياه الشرب وتوصل للسكان عبر الصهاريج، لعدم وجود شبكة مياه. كما أن انقطاع التيار الكهربائي ما يزال قائما، برغم وجود حقل طاقة شمسية بسعة 12 ميغا واط، لكنه يصل لمنازل اللاجئين 9 ساعات يوميا فقط، وكذلك دورات المياه ما تزال مشتركة وبدون حل.
ونفذ الفريق زيارة رصدية لمخيم الأزرق، بينت أن 45.362 ألف لاجئ يسكنون في المخيم، تخدمهم 15 مدرسة بدوامين صباحي ومسائي، و4 أسواق تجارية فيها 488 محلا تجاريا، ومستشفى واحد و3 مراكز صحية، وما تزال مشكلة انقطاع المياه قائمة، وتضخ عن طريق سحبها من آبار ارتوازية دون وجود شبكة مياه، كذلك حال الكهرباء وانقطاعها، إذ تصل للاجئين 9 ساعات يوميا، برغم وجود طاقة شمسية هناك، واستمرار مشكلة دورات المياه المشتركة.
وقد رصد المركز، استمرار جهود الحكومة بتقديم الخدمات للاجئين السوريين، مع الإشارة إلى تداعيات استضافتهم على القطاعات والبنى التحتية، اذ أنّ ذلك يؤثر على فرص العمل المحدودة، وارتفاع تكاليف السكن والغذاء، ما يجعل المسألة كلها مقترنة بزيادة معدلات الفقر.
كما بين الفريق الحاجة لتكثيف حملات التطعيم ضد الأمراض المعدية، والتخفيف من ارتفاع الضغط على القدرة التشغيلية للمستشفيات ومراكز الصحة العامة، بخاصة في المحافظات الشمالية، وتوفير خدمات تعليمية للسوريين في المدارس الحكومية، وغيرها من الأعباء، التي اجتمعت كلها، لتؤدي لارتفاع نسبة زواج الإناث (القاصرات) من اللاجئات السوريات، ما لعب دورا بارتفاع معدلات الإنجاب، ونسب العنف الممارس ضد النساء والفتيات.