أي سيناريو ينتظر مفاوضات الصفقة بعد مجيء بلينكن؟
الوقائع الإخبارية : في وقت من المقرر أن تستأنف فيه المحادثات حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة بوساطة أميركية ومصرية وقطرية هذا الأسبوع في القاهرة، بعد اجتماعات عقدت يومي الخميس والجمعة الماضيين في العاصمة القطرية الدوحة غابت عنها حركة حماس، رجح مراقبون فشل المفاوضات بسبب رفض حكومة الاحتلال المبادئ العامة للتفاوض، والإصرار على إعادة التفاوض في كل النقاط التي تم الاتفاق عليها سابقا.
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أعلن تمسكه ببقاء قواته في محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، رغم آراء المفاوضين الصهاينة بأن هذا الطلب يمنع أي إمكانية للاتفاق.
وبعد مباحثات ليومين في الدوحة الأسبوع الماضي، غابت عنها حركة حماس، أعلنت دول الوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر تقديم مقترح جديد يقلّص الفجوات بين الطرفين لوقف إطلاق النار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر، وتبادل الأسرى بين الجانبين.
وفي هذا الإطار، يلخص رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، سيناريوهات المفاوضات حول الآتي: السيناريو الأول نجاح المفاوضات،
ويفترض أن الاحتلال يتفاوض بنوايا حسنة لغاية الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب، ويجري فيه تبادل للأسرى، ويسمح بدخول المساعدات للقطاع وإعادة الإعمار، ويفتح آفاقا جديدة لحل سياسي يؤدي في النهاية إلى تأسيس الدولة الفلسطينية.
وتابع شنيكات: "لكن هذا السيناريو يواجه مشكلة في أن أقطاب حكومة الاحتلال يرفضون وقف إطلاق النار المستدام وإنهاء الحرب، وبأن كل ما يطرح على الطاولة يتعلق بصفقة تبادل محدودة ثم يعاد استئناف الحرب، وتبدو تصريحات بنيامين نتنياهو وبن غفير وسموتريتش عقبة في الوصول إلى مفاوضات تنهي الحرب، ويحقق هذا السيناريو منع توسع الحرب وضمان الاستقرار الإقليمي".
أما السيناريو الثاني، بحسب شنيكات، فيفترض فشل المفاوضات، خاصة وأن هذه المفاوضات تراوح مكانها منذ أمد بعيد، بسبب رفض حكومة الاحتلال المبادئ العامة للتفاوض، والإصرار على إعادة التفاوض في كل النقاط التي تم الاتفاق عليها سابقا، وتفرض شروطا ومطالب جديدة كلما شارفت المفاوضات على نهايتها، أو يجري توتير ساحه الحرب، كعملية اغتيال هنا أو هناك.
واستكمل: "ويبدو أن السيناريو الثاني هو السائد حتى اليوم بسبب عدم الضغط الأميركي الحقيقي لإنهاء الحرب، كما لا يوجد ضغط كاف داخل الكيان، وبسبب الأيديولوجية التي ينتمي إليها أعضاء الحكومة، فإن مسألة إنهاء الحرب تبدو غير قريبة المنال، خصوصا وأنه إذا نجح السيناريو الأول فإن الحكومة الحالية ستتفكك حتما".
وأضاف: "لذلك تذهب كل القراءات إلى استحالة ذهاب بنيامين نتنياهو إلى الصفقة ما لم تكن بالشروط التي يضعها، وتتضمن السيطرة على محوري نتساريم، وفيلادلفيا، ومعبر رفح، وأن تكون الصفقة مؤقتة تهدف إلى تبادل الأسرى فقط وإعادة استئناف الحرب".
وكانت مرت مراحل التفاوض بين حركة حماس والاحتلال بمحطات رئيسية، في الدوحة، والقاهرة، وروما، وباريس، عرضت خلالها 4 مقترحات رئيسية للتوصل إلى اتفاق، وقوبلت دائما بتعنت وإفشال من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وفريقه المفاوض.
من جهته، يقول المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، إن نتنياهو قضى على أي فرصة لإحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس، بشروطه التي استبق بها جولة مفاوضات الدوحة الأخيرة، والتي تضمنت بقاء جيش الاحتلال في محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، وتفتيش العائدين إلى شمال قطاع غزة، ومطالبته في حال الانسحاب من محور فيلادلفيا بإجراءات تمنع اقتراب حماس من حدود مصر.
وتابع الحجاحجة بأن أشهرا طويلة من المفاوضات الماراثونية في عواصم دولية مختلفة لم تسفر عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، رغم أجواء التفاؤل والتصريحات المطمئنة أحيانا، لكن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران ألقى بظلال كثيرة من الريبة والشك على مستقبل التفاوض، بعد أن كان الرجل يلعب دورا كبيرا في تلك المفاوضات.
وأضاف إن التفاؤل الذي ظهر في وسائل الإعلام خلال الأيام الأخيرة ليس دقيقا، خاصة بعد إضافة الكيان شروطا جديدة لعرقلة الاتفاق، وهي معروفة للوسطاء ولحليفتها أميركا، وفي مقدمة تلك النقاط الخلافية إصرار الاحتلال على أن السلام لن يتحقق إلا بالقضاء على حركة حماس، بينما تقول حماس إنها لن تقبل إلا بوقف دائم لإطلاق النار وليس مؤقتا.
وتابع: "من بين الصعوبات الأخرى التي تواجه نجاح المحادثات ترتيب وتسلسل خطوات الاتفاق، وعدد وهوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، إلى جانب الأسرى الإسرائيليين، والسيطرة على الحدود بين غزة ومصر، وحرية حركة الفلسطينيين داخل غزة، لاسيما من الجنوب نحو الشمال".
وتوقع الحجاحجة أن تعقد محادثات القاهرة يومي الأربعاء أو الخميس المقبلين، حيث تهدف الولايات المتحدة إلى استغلال هذه الفرصة للإعلان عن صفقة نهائية، إذ ترى واشنطن أن هذا الإعلان سيحقق الهدف الثاني للصفقة، وهو ردع إيران وحزب الله عن تنفيذ هجوم ضد الاحتلال ردا على اغتيال هنية في طهران، واغتيال القيادي العسكري في حزب الله، فؤاد شكر في بيروت.
وأسفرت محطات التفاوض بين حركة حماس والاحتلال عن هدنة إنسانية واحدة منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة، بوساطة مصرية قطرية أميركية، لمدة 4 أيام، بدءا من 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وتم تمديدها في اليوم الأخير لمدة يومين، ومرة ثانية لمدة يوم، لتنتهي في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2023.
ويرى عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، أن النقاط الشائكة المستمرة بالنسبة لحركة حماس في المحادثات هي القيود التي يفرضها الاحتلال على عودة النازحين من جنوب غزة إلى شمال القطاع، فضلا عن فرض الجانب الصهيوني فيتو على بعض أسماء السجناء الفلسطينيين الذين تطالب حركة حماس بإطلاق سراحهم، بالإضافة إلى تمسك قوات الاحتلال بفرض سيطرتها على محور فيلادلفيا ومعبر رفح الحدودي مع مصر.
وأضاف الغزو: "محادثات القاهرة ستركز على مسألة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، الذي يواجه سكانه خطر المجاعة، وفتح المعابر، وأمام هذا الواقع، قد يضطر كل من الاحتلال وحركة حماس إلى التحلي بقدر أكبر من المرونة خلال الأيام المقبلة، من أجل التوصل إلى اتفاق، لاسيما أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يواجه بالفعل ضغوطا داخلية كبيرة، وضغوط خارجية من الولايات المتحدة، التي أوفدت وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى تل أبيب، حاملا مقترحا معدلا جديدا قدمته بلاده خلال محادثات الدوحة".
وتابع: "ويسعى المقترح الأميركي إلى معالجة قضايا رئيسية في المفاوضات، إذ حدد عدد الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، وأسماء الأسرى، وترتيب الإفراج عنهم، إضافة إلى إطلاق سراح النساء والمجندات أولا، مع إعطاء الأولوية للإفراج عن الأسرى الأحياء، كما أن المرحلة الأولى من الصفقة ستشمل الأسيرين الإسرائيليين في قطاع غزة منذ عام 2014، أبرام منغيستو وهشام السيد".
وأضاف: " كما يتضمن المقترح قائمة بالأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم مقابل كل أسير إسرائيلي، إذ تضم قائمة الأسرى الذين ستشملهم الصفقة 47 أسيرا ممن أُفرج عنهم في صفقة الجندي جلعاد شاليط وأعيد اعتقالهم، كما تم تفصيل الترتيبات الأمنية لتحركات قوات الاحتلال في مختلف مناطق قطاع غزة خلال 42 يوما من وقف إطلاق النار".
واستكمل: "رغم أن المقترح الأميركي يلبي معظم المطالب الصهيونية، لكن ما تزال هناك قضيتان عالقتان خارج الاتفاق، وهما محورا فيلادلفيا ونتساريم، وفي حال لم يتنازل الاحتلال في هذه النقاط، فإن الوسيطين القطري والمصري قد يواجهان صعوبة في الضغط على حركة حماس، التي ترفض حتى الآن التعديلات الجديدة على نقاط الصفقة.