تراجع حاد يهدد القطاع السياحي في البتراء: التداعيات الاقتصادية والاجتماعية

تراجع حاد يهدد القطاع السياحي في البتراء: التداعيات الاقتصادية والاجتماعية
الوقائع الاخبارية:تواجه السياحة في الأردن، وبالأخص في البتراء، تحديات كبيرة جراء الحرب على غزة. في ظل هذه التحديات، أكدت دراسة حديثة على ضرورة اعتماد نهج علمي في تحليل المشاكل وتقديم الحلول، بدلاً من اللجوء إلى التقديرات العشوائية والقرارات غير المدروسة.

هدفت الدراسة إلى تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الحالية على القطاع السياحي في إقليم البتراء، واستندت إلى استطلاع شمل 55 منشأة سياحية من أصل حوالي 150 منشأة مسجلة، مما يمثل 36.7% من إجمالي الأنشطة السياحية في المنطقة. وشملت العينة مختلف أنواع الخدمات السياحية الأساسية في البترا، مثل منشآت الإقامة كالفنادق والمخيمات، والمطاعم، ومكاتب السياحة، والنقل، ومرشدي السياح، ومحلات بيع الهدايا والحرف اليدوية.

أظهرت النتائج أن 268 موظفًا قد تم تسريحهم حتى الآن من بين الـ55 منشأة المستطلعة، فيما تم وضع 223 موظفًا آخرين في إجازة غير مدفوعة. ومن المتوقع، إذا تم تطبيق هذه الأرقام على جميع الأنشطة السياحية المسجلة، أن يصل عدد المسرحين إلى حوالي 429 موظفًا، وعدد الموظفين في إجازة غير مدفوعة إلى 357 موظفًا، مما يشير إلى أن حوالي 786 عامل قد تأثروا بشكل مباشر من تراجع النشاط السياحي في البترا.

كما أظهرت النتائج المالية أن إجمالي الخسائر في السوق المحلي للعينة المستطلعة بلغ حوالي 7 ملايين دينار أردني سنويًا، ومع تعميم هذه الأرقام على كافة الأنشطة السياحية، يُتوقع أن تصل الخسائر إلى 11.2 مليون دينار سنويًا. هذا التراجع الكبير في الإنفاق المحلي يعكس تأثيرًا سلبيًا مباشرًا على الموردين المحليين والخدمات المقدمة، مما يزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.

وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن الأنشطة السياحية تدفع حوالي 1,314,211 دينار أردني سنويًا كضرائب مباشرة، وإذا تم تطبيق هذه النسبة على جميع الأنشطة، قد تصل قيمة الضرائب المتوقعة إلى 3,585,575 دينار سنويًا. ومع تراجع السياحة وتأثر الإيرادات، فإن القدرة على المحافظة على مستويات الضرائب السابقة أصبحت مهددة. إذا انخفضت مساهمة هذه الأعمال في الضرائب بنسبة تصل إلى 50%، فإن الحكومة ستشهد انخفاضًا كبيرًا في الإيرادات، مما سيؤثر سلبًا على تقديم الخدمات العامة.
كشفت الدراسة أن معظم المشاريع السياحية في البترا هي مشاريع فردية تمثل حوالي 50.9% من العينة المستطلعة، مما يدل على أن هذه المشاريع صغيرة الحجم وتفتقر إلى الموارد الكبيرة، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالتغيرات الاقتصادية. في المقابل، تشكل المشاريع العائلية 21.8%، بينما تمثل الشركات 29.1% من العينة.

وعلى الرغم من أن المشاريع الصغيرة تتمتع بالقدرة على التكيف السريع مع المتغيرات، إلا أنها تعاني من محدودية الموارد، مما يجعلها غير قادرة على مواجهة الأزمات الكبيرة. كما أن علاقتها المباشرة مع السياح، والتي تعتبر ميزة في تقديم خدمة مخصصة، قد تصبح عبئًا في حال زادت التحديات عن قدراتها، خاصة في المجال التسويقي. كما أن التقلبات الاقتصادية قد تؤدي إلى انخفاض في الإيرادات وربما انهيار هذه المشاريع نظرًا لصعوبة الحصول على التمويل واعتمادها الكبير على السياحة.

تدعو الدراسة إلى تدخل عاجل لدعم القطاع السياحي في البتراء من خلال تقديم حوافز اقتصادية وتعزيز البنية التحتية السياحية. كما تؤكد على ضرورة تنويع الاقتصاد المحلي لتقليل الاعتماد على السياحة فقط، وتجنب تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل، للحفاظ على استقرار المجتمع المحلي وضمان استمرار النمو الاقتصادي في المنطقة. وتدعو الدراسة إلى الابتعاد عن الحلول التقليدية والآنية.

ستُعرض نتائج إضافية للدراسة في مقالات قادمة
د. إسماعيل أبو عامود
اقتصاد سياحي الجامعة الأردنية
Ismaiel005@yahoo.com


تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير