تجنب “الكارثة الكبرى” في الشرق الأوسط.. قدرة الدول العظمى على المحك

تجنب “الكارثة الكبرى” في الشرق الأوسط.. قدرة الدول العظمى على المحك
الوقائع الاخبارية : مع كل تطور جديد في منطقة الشرق الأوسط، يتجدد النقاش حول قدرة الدول الكبرى على التدخل وإنهاء الصراعات المتصاعدة في منطقة باتت ساحة للنزاعات المتلاحقة تعكس ملامح تحولٍ جذري في ميزان القوى العالمية.
ويبدو أن القوى الكبرى لم تعد تمتلك السيطرة التي تخولها إيقاف دوامة العنف أو التأثير الحاسم في مسار الحروب، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

وتشير الصحيفة إلى أن عاما من القتال لم يظهر سوى عجز القوى العالمية عن وقف النزاع أو حتى توجيه الأحداث بشكل ملموس، مما يعكس واقعا مضطربا تحكمه قوى متفرقة وعالم لا مركزي في سلطته.

وبعد اتساع الصراع ليشمل إسرائيل وحزب الله وصولا إلى انخراط الحوثيين في اليمن، تبدو محاولات الغرب الحالية لتجنب حرب شاملة "غير مؤكدة النجاح”، وفق الصحيفة.

وفي تقرير نشرته مجلة

ويقول التقرير إن المفاوضات بين إسرائيل وحماس في غزة تبدو في طريق مسدود، ورغم أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، وضع إطارا يتضن وقف إطلاق النار وعودة الرهائن، أضاف الطرفان المتحاربان شروطا جديدة وطالبا بتنازلات.

وبعد أسابيع من التصريحات المتفائلة، يبدو أن مسؤولي إدارة بايدن باتوا يعترفون بأنه "لا اتفاق وشيكا” في غزة.

في الوقت نفسه، تتزايد تكاليف الحرب في غزة يوميا، وتتضاءل بمرور الوقت احتمالات العودة الآمنة للرهائن الإسرائيليين المتبقين، ويتزايد الضرر الذي يلحق بسمعة الولايات المتحدة، وكذلك إسرائيل.

وفي تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز، قال ريتشارد هاس، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية: "هناك المزيد من القدرات في أيدي المزيد من الأشخاص، في عالم حيث القوة الطاردة عن المركز أقوى بكثير من القوى المركزية. الشرق الأوسط هو دراسة الحالة الأساسية لهذا التفتت الخطير”.

ولسنوات عديدة، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة القادرة على ممارسة ضغوط بناءة على كل من إسرائيل والدول العربية.

ولكن الأمل في تحقيق السلام تضاءل على مر السنين.

وأصبحت قدرة الولايات المتحدة في التأثير على إيران، عدوها اللدود لعقود من الزمان، ووكلاء إيران مثل حزب الله، هامشية.

وصنفت واشنطن حماس وحزب الله "منظمات إرهابية”، لكنهما موجودان فعلا بعيدا عن متناول الدبلوماسية الأميركية.

وتتمتع الولايات المتحدة بنفوذ دائم على إسرائيل، لاسيما في شكل مساعدات عسكرية، لكن التحالف القوي مع إسرائيل المبني على اعتبارات استراتيجية ومحلية، فضلا عن القيم المشتركة بين البلدين، يعني أن واشنطن لن تهدد بخفض تدفق الأسلحة أو قطعها.

وقال هاس: "إذا تغيرت السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، فلن يكون ذلك إلا على الهامش”، على الرغم من التعاطف المتزايد، وخاصة بين الشباب الأميركي، مع القضية الفلسطينية.

أما الصين، وهي مستورد رئيسي للنفط الإيراني وداعم رئيسي لأي شيء من شأنه إضعاف النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، فليس لديها مصلحة كبيرة في ارتداء عباءة صانع السلام.

وروسيا لا تميل إلى تقديم المساعدة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهي أيضا تعتمد على إيران في الحصول على التكنولوجيا العسكرية والطائرات بدون طيار في حربها المستعصية في أوكرانيا.

ولا تقل روسيا حماسة عن الصين في رؤية أي تراجع أميركي أو استغلال أي فرصة لتورط أميركي في مستنقع الشرق الأوسط.

ولا توجد أي قوة إقليمية في الشرق الأوسط مستعدة لمواجهة إسرائيل عسكريا.

وتتوخى إيران الحذر لأنها تعلم أن تكلفة الحرب الشاملة قد تعني نهاية الجمهورية الإسلامية،  وتخشى مصر تدفقا للاجئين الفلسطينيين، وتسعى السعودية إلى إقامة دولة فلسطينية، لكنها لن تضع حياة السعوديين على المحك من أجل هذه القضية.

وتقول نيويوك تايمز إنه بعد عام على كارثة السابع من أكتوبر، لا يعرف أحد كيفية إصلاح الوضع.

وتشير إلى حالة من "الفراغ الاستراتيجي لنظام عالمي انتقائي، معلق بين زوال الهيمنة الغربية وصعود البدائل المتعثرة. إن وسائل الضغط على حماس وحزب الله وإسرائيل في وقت واحد غير موجودة”.

وتضيف أن "هذا التفكك حال دون اتخاذ إجراءات فعالة لوقف الحرب بين إسرائيل وغزة، كما لا يوجد إجماع عالمي على الحاجة إلى السلام أو حتى وقف إطلاق النار”.

وفي الماضي، أدت الحروب في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط وانهيار الأسواق، ما أجبر العالم على الاهتمام. والآن، فإن الشعار هو "يبقى الوضع كما هو عليه”.

وفي تحليل فورين أفيرز، يقول الكاتب إن الولايات المتحدة "تحتاج إلى استراتيجية جديدة لتجنب كارثة أكبر في الشرق الأوسط” وأفضل طريقة لذلك هي وقف إطلاق النار في غزة.

ويقترح التقرير اتباع "الدبلوماسية المكوكية” التي يرى أنها أكثر فعالية عندما تكون "مصحوبة بعواقب واضحة لعدم الامتثال”.

وتنطوي الدبلوماسية المكوكية على قيام مسؤول أميركي كبير بالتنقل بين الأطراف المتحاربة التي لا تتحدث مباشرة مع بعضها البعض حتى يتم سد الفجوات.

ورغم فعاليتها في فترات سابقة، كانت النتائج متفاوتة في بعض الأحيان، وتحملت تكلفتها الولايات المتحدة.

وهناك خطر يتمثل في صعوبة أن يمتثل أحد الأطراف بعد أن اتخذ موقفا علنيا معارضا للولايات المتحدة.

وفي الصراع الحالي، فإن صعوبة الوصول إلى زعيم حماس، يحيى السنوار، الذي سيكون صانع القرار النهائي بشأن أي اتفاق، والقيود التي تفرضها الولايات المتحدة على حماس من شأنه أن جعل المهمة أكثر صعوبة.

لكن رغم ذلك، فإن الدبلوماسية المكوكية تمثل أفضل فرصة للولايات المتحدة وشركائها الإقليميين لإنهاء الحرب في غزة في الأمد القريب، وبالتالي توفير مسار لخفض التصعيد الإقليمي.

والواقع أن الضغط السياسي الذي قد يولده وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من خلال التنقل بين مصر وإسرائيل وقطر هو المطلوب لكسر الجمود.

وسيتعين على بلينكن إقناع نتانياهو بأن هناك ما يخسره، ويمكن أيضا لواشنطن استخدام سلاح معاقبة الوزراء المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية.

ونظرا لأن الدبلوماسيين الأميركيين لا يتفاعلون بشكل مباشر مع قادة حماس، فسوف تضطر واشنطن إلى العمل مع الوسطاء العرب لتكثيف الضغوط على السنوار.

ومن خلال إظهار الاستعداد للضغط على إسرائيل، ستكون الإدارة في وضع أقوى للمطالبة بأن يضغط الشركاء الإقليميون على حماس.

ويدعو التقرير إلى التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل في إغلاق شبكات الأنفاق وتحسين الرقابة على ساحل غزة.

فورين افيرز ، سلط المحلل السياسي، أندرو ميلر، الضوء على هذه القضية محاولا تقديم حل منطقي لما يجري.
تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير