سماعات قادرة على تحفيز الدماغ مخصصة لمعالجة الاكتئاب
الوقائع الإخبارية : في ظل تزايد انتشار الاكتئاب بين الأفراد حول العالم، يبدو أن الحلول التقليدية لم تعد كافية لمعالجة هذا الاضطراب النفسي المعقد.
من بين الابتكارات الحديثة التي تلوح في الأفق، يأتي جهاز جديد يُدعى "Flow FL-100” قد يمثل ثورة في علاج الاكتئاب، خاصةً مع إمكانية استخدامه في المنزل بسهولة.
سماعات الاكتئاب أكثر فعالية بثلاث مرات من الأدوية
الاكتئاب، هو حالة نفسية تؤثر على حوالي شخص واحد من بين كل ستة بالغين في المملكة المتحدة، وتزداد انتشارًا عامًا بعد آخر.
هذا الجهاز، الذي يعتمد على توصيل تيار كهربائي ضعيف إلى الدماغ، أظهر نتائج واعدة في مساعدة المرضى على التغلب على الاكتئاب بثلاثة أضعاف فعالية العلاجات التقليدية.
العلاج المعتاد يشمل الأدوية المضادة للاكتئاب والعلاج النفسي، إلا أن أكثر من ثلث المرضى لا يحققون شفاءً كاملاً من هذه الحالة باستخدام هذه الطرق التقليدية.
هنا يأتي دور الجهاز المبتكر "Flow FL-100″، الذي تم تصميمه خصيصًا لاستهداف منطقة في الدماغ ترتبط بانخفاض النشاط لدى المصابين بالاكتئاب.
ماهي تقنية الجهاز؟
الجهاز، الذي تم تطويره من قبل فريق دولي بقيادة باحثين من كلية "كينجز كوليدج لندن”، يعتمد على تقنيتين بسيطتين: يرتدي المريض سماعة تحتوي على قطبين كهربائيين، حيث يتم توصيل تيار كهربائي ضعيف عبر فروة الرأس.
وعلى الرغم من بساطة العملية، إلا أن تأثيرها الفعلي على الدماغ كبير جدًّا.
الفكرة تكمن في أن هذا التحفيز الكهربائي يعيد تنشيط المناطق الدماغية المتضررة من الاكتئاب، مما يساعد على تخفيف الأعراض.
تجارب الجهاز مع مرضى الاكتئاب
في تجربة شملت 174 مريضًا، تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين: المجموعة الأولى تلقت التحفيز الكهربائي الكامل، بينما ارتدت المجموعة الثانية الجهاز لكن دون تلقي أي تيار فعال، فقط شعور خفيف يُشبه الوخز لمحاكاة التجربة.
المشاركون استخدموا الجهاز في منازلهم لمدة نصف ساعة يوميًّا، وتمت مراقبتهم عبر الفيديو بواسطة العلماء للتأكد من تنفيذ العلاج بشكل صحيح.
على مدى عشرة أسابيع، خضع المشاركون لخمس جلسات أسبوعيًّا في الأسابيع الثلاثة الأولى، ثم ثلاث جلسات أسبوعيًّا في الأسابيع السبعة التالية.
وبنهاية التجربة، أظهرت النتائج أن أكثر من نصف المرضى الذين تلقوا العلاج الحقيقي شعروا بتحسن ملحوظ واختفاء كامل للأعراض، مما يعزز الأمل في فعالية هذه التقنية كعلاج طويل الأمد للاكتئاب.
وبالمقارنة مع المجموعة التي لم تتلقَّ التحفيز الكامل، كانت فرص التعافي في المجموعة التي تلقت التحفيز الكهربائي ثلاث مرات أكبر.
هذا النجاح يُشير إلى أن التحفيز الكهربائي للدماغ قد يكون خيارًا أوليًّا للعديد من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، خاصةً أولئك الذين لم يستجيبوا للعلاجات التقليدية.
نقطة تحوّل كبيرة
وتعليقًا على هذه النتائج المثيرة، قالت البروفيسورة سينثيا فو، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "العبء الذي يسببه الاكتئاب يشعر به الملايين حول العالم. وعلى الرغم من أن مزيج الأدوية والعلاج النفسي فعال في معظم الحالات، إلا أن الأدوية يمكن أن تسبب آثارًا جانبية مزعجة للبعض”.
وتضيف: "دراستنا أظهرت أن هذا الجهاز قد يكون خيارًا أوليًا واعدًا يمكن أن يساعد هؤلاء المرضى في تحقيق تحسن كبير”.
بدوره، أشار البروفيسور ألان يونغ، مدير مركز اضطرابات المزاج في معهد الطب النفسي وعلم النفس والأعصاب في كينجز كوليدج، إلى أن "هذه النتائج ملفتة للغاية ويمكن أن تحدث تأثيرًا كبيرًا على مستقبل علاج الاكتئاب”.
وأضاف أن هذا النوع من التحفيز الكهربائي قد يمثل نقطة تحول في كيفية تعاملنا مع هذا الاضطراب النفسي الذي يؤثر على ملايين الأشخاص.
مع استمرار الأبحاث والتطوير في هذا المجال، يبدو أن المستقبل يحمل وعودًا جديدة لعلاج الاكتئاب باستخدام تقنيات متقدمة وفعالة، تتيح للمرضى استعادة حياتهم بعيدًا عن العوائق النفسية والمخاوف المستمرة.