فوائد النسيان التي أكدها العلم
الوقائع الاخبارية:يعتبر النسيان جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وغالباً ما يُعتبر دليلاً على ضعف الذاكرة أو حتى مرض ما. إلا أن الدراسات الحديثة تقدم وجهة نظر مختلفة، حيث تشير إلى أن النسيان قد يكون له دور مهم في تحسين وظائف الدماغ، ويسهم في تعزيز قدرتنا على التكيف مع المعلومات الجديدة.
النسيان كظاهرة طبيعية في القرن التاسع عشر، أكد عالم النفس الألماني هيرمان إبينغهاوس أن النسيان يحدث عندما تتلاشى الذكريات مع مرور الوقت. وبينما تبرز فكرة "منحنى النسيان” الذي ابتكره إبينغهاوس، يظهر أن الناس عادة ما ينسون تفاصيل المعلومات الجديدة بسرعة. لكن العلماء يعتقدون أن النسيان ليس مجرد فشل في تذكر المعلومات، بل جزء من آلية ضرورية لتخزين المعلومات الأكثر أهمية.
النسيان كآلية وظيفية تتعرض أدمغتنا بشكل مستمر للعديد من المعلومات. إذا حاولنا تذكر كل التفاصيل الصغيرة، فإن ذلك قد يعوق قدرتنا على الاحتفاظ بالمعلومات المهمة. ومن هنا تبرز أهمية النسيان كآلية لحماية الدماغ من الإرهاق المعرفي. فعندما نركز على معلومات معينة، فإن الروابط العصبية بين الخلايا في الدماغ تتقوى، مما يسهم في تكوين الذكريات. لكن بالمقابل، يساعد الدماغ في التخلص من التفاصيل غير المهمة عبر عملية النسيان، ما يمكننا من تكوين ذكريات جديدة.
التعامل مع المعلومات الجديدة عندما نتعامل مع معلومات جديدة، يتطلب الأمر مرونة في الذاكرة. على سبيل المثال، إذا كنت معتادًا على قيادة نفس الطريق يوميًا، فإن الذاكرة المتعلقة بذلك الطريق تتقوى مع مرور الوقت. لكن إذا طرأت تغييرات مفاجئة، مثل إغلاق الطريق المعتاد، فسيحتاج الدماغ إلى تعديل الروابط العصبية لتناسب المعلومات الجديدة. وبذلك، قد يحدث ما يُعرف بـ "إضعاف بعض الروابط القديمة وتقوية الروابط الجديدة” لتكييف الذكريات مع التغيير.
النسيان العابر: ظاهرة "طرف اللسان” النسيان العابر هو حالة تتعلق بصعوبة في استرجاع بعض الذكريات بشكل فوري، لكن يمكن استعادتها بعد قليل من التركيز. يشير العلماء إلى ظاهرة "طرف اللسان” كدليل على هذا النوع من النسيان. في هذه الحالة، قد نواجه صعوبة في تذكر اسم شخص، لكن بمجرد التفكير في الحرف الأول من اسمه، تتذكره بالكامل. أظهرت الدراسات أن هذه الظاهرة ناتجة عن ضعف مؤقت في الروابط بين الكلمات ومعانيها، ما يشير إلى أن المعلومات لم تُنس بالكامل، بل يتعذر الوصول إليها في تلك اللحظة فقط.
النسيان والشيخوخة تزداد احتمالية حدوث ظاهرة "طرف اللسان” مع التقدم في العمر، حيث يضطر الدماغ إلى فرز المزيد من المعلومات لاسترجاع ذكرة معينة. وهذا يعزز الفكرة القائلة بأن النسيان في بعض الأحيان ليس دليلاً على فقدان الذاكرة بشكل دائم، بل على ضعف مؤقت في الوصول إليها.
خاتمة يعد النسيان آلية ذهنية طبيعية تساعد الدماغ على التعامل مع كميات ضخمة من المعلومات. فهو ليس مجرد فقدان للذكريات، بل جزء من عملية تحافظ على كفاءة الدماغ وتساعد في تنظيم المعلومات. ومع ذلك، لا ينطبق هذا على الحالات المرضية مثل مرض الزهايمر، حيث يتسبب المرض في فقدان الذكريات بشكل دائم.