المنازل المدمرة في غزة .. شاهد صامت على مأساة لا تُنسى
الوقائع الاخبارية:لا يمضي يوم دون أن يقصد المواطن الفلسطيني رجاء عويضة (45 عاما) أطلال منزله المدمر، محاولا استعادة اللحظات الأخيرة التي جمعته بأبنائه الأربعة الذين استشهدوا هناك في غارة نفذتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وبقلب مثقل بالألم، يتأمل عويضة، الذي فقد عينه وقدميه جراء قصف الاحتلال، أطلال منزله الذي كان مصدرا للأمان والدفء له ولعائلته، أما اليوم فقد بات شاهدا صامتا على مأساة لا تُنسى.
وينظر عويضة بحزن إلى الحجارة المتناثرة، وكأنما يبحث بينها عن ضحكات أبنائه وذكرياتهم التي ما زالت حية في مخيلته، وتحمل كل زاوية منهارة قصة لهم.
وفي 14 آب/ أغسطس 2024، قصفت طائرات الاحتلال منزل عائلة عويضة بعدة صواريخ، ما أسفر عن استشهاد 18 فلسطينيا، بينهم أبناؤه الأربعة: شيماء (23 عاما) وكانت حاملا في شهرها السادس، ولؤي (22 عاما) وكان يستعد لخطوبته، وأسماء (16 عاما)، ومحمد (15 عاما).
وأمام ركام منزله، يجلس عويضة على كرسي متحرك متهالك، تحيط به مجموعة من الشبان الذين يساعدونه في التنقل وتلبية احتياجاته اليومية.
وقالت كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاغ، في 17 أيلول/ سبتمبر 2024، إن "أكثر من 22 ألف شخص في غزة يعانون من إصابات غيرت حياتهم، إضافة إلى إصابات خطيرة في الأطراف تتراوح بين 13 ألفا و17 ألفا".
وكان عويضة، يأمل مثل أي أب بأن يرى أبناءه يكبرون أمامه ويعيشون حياة واعدة ومستقرة لكن أحلامه تبخرت تحت ركام منزله، تاركة وراءها فراغا لا يندمل.
وفي 11 تموز/ يوليو الماضي، كشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن "شظايا الأسلحة الإسرائيلية ساهمت في ارتفاع معدلات عمليات بتر الأعضاء لدى الفلسطينيين بشكل مثير للقلق منذ بدء الحرب في قطاع غزة".
ونقلت الصحيفة عن 6 أطباء أجانب عملوا في مستشفيي "الأوروبي" و"الأقصى" بغزة، قولهم إن "العديد من الوفيات وعمليات بتر الأطراف جاءت نتيجة إطلاق صواريخ وقذائف إسرائيلية مصممة لانتشار الشظايا، في مناطق مكتظة بالمدنيين".
وحول هذه الفاجعة، قال عويضة لـ"الأناضول"، إن طائرات الاحتلال قصفت منزله ما أدى لاستشهاد 18 شخصا من أفراد عائله وجيرانه، بينهم أربعة من أبنائه.
وأضاف: "أصبت بجروح خطيرة خلال القصف، فقدت على إثرها قدميّ الاثنتين وعيني، إضافة إلى حروق في ظهري وأجزاء مختلفة من جسدي".
وأوضح أنه يزور "أنقاض منزله الذي لم يعد صالحا للسكن بشكل يومي وهو مقعد على كرسي متحرك"، معبرا عن حنينه للمكان الذي ولد وترعرع بين جدرانه.
وحول وضعه الصحي، قال: "أضطر لزيارة المستشفى بشكل متكرر، وأقطع مسافات طويلة في ظروف صعبة، وأعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية وأتكبد يوميا تكاليف النقل المرتفعة، في وقت لا أملك فيه أي مصدر دخل أو عمل".
وتغلق قوات الاحتلال معابر قطاع غزة، خاصة معبر رفح الحدودي، الذي احتلت الجانب الفلسطيني منه في 7 أيار/ مايو 2024، ودمرته، ما حال دون خروج آلاف الجرحى والمرضى من القطاع لتلقي العلاج في الخارج.
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها برا وبحرا وجوا على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 147 ألفا، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.