أزمة "بحارة الرمثا" تتجدد على وقع تطورات الأحداث في سوريا
الوقائع الاخبارية : عادت أزمة "بحارة الرمثا" للظهور مجددا، جراء تداعيات الأوضاع الحالية في سورية، وبصورة يقولون إنها ربما تكون أكثر تعقيداً من فترات رافقت وتلت الأزمة السورية منذ بدئها في العام 2011، مشيرين إلى أن حركة تنقلهم وعبورهم للأراضي السورية، باتت الآن ضمن نطاق جغرافي محدود لا يتجاوز حد مشارف محافظة درعا، مع اقتصار النقل على الركاب الذين يحملون الجنسية السورية، وكذلك منافسة الباصات السياحية لهم في مجال النقل.
والبحارة مصطلح يُعرف به العاملون في مجال نقل الركاب برا بين الأردن وسورية، ويمتهنون تجارة بينية ببضائع بسيطة يستفيدون منها مادياً إلى جانب تقاضيهم أجور نقل الركاب ويبلغ عددهم قرابة 1200 سائق.
وكانت مدينة الرمثا شهدت منذ 2011، حالة ركود غير مسبوقة جراء إغلاق الحدود مع سورية لنحو 8 أعوام، بينما عادت بعدها الحركة التجارية في اللواء لتنتعش من جديد إثر إعادة افتتاح معبر جابر (نصيب)، بيد أنه وبعد عامين من الافتتاح، جاءت جائحة كورونا وقضت على أحلامهم من جديد بسبب إغلاق الحدود أمام حركة الشحن والمسافرين.
فقد أعيد افتتاح معبر جابر في 15 تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2018، بعد اتفاق اللجان الفنية الأردنية السورية على الإجراءات النهائية اللازمة لإعادة فتحه، واستئناف حركة النقل البري للركاب والبضائع بين البلدين يومياً، لكن الأردن عاد إلى إغلاق معبر جابر الحدودي مع سورية مجدداً في 15 آب (أغسطس) من العام 2020، بعد تسجيل إصابات بفيروس كورونا في صفوف العاملين في المركز الحدودي.
ويرتبط الأردن مع سورية بحدود طولها 375 كم، عليها معبران حدوديان، هما معبر جابر (نصيب) الذي افتتح العام 1997 ويشتمل على 3 مسارات منفصلة: واحد للمسافرين القادمين وآخر للمغادرين بمركباتهم الخاصة أو بوسائط النقل العمومية، وثالث مخصص للشاحنات القادمة والمغادرة، كما يشتمل على منطقة حرة سورية-أردنية مشتركة ومرافق أخرى لخدمة المسافرين.
أما المعبر الثاني، فهو معبر "درعا - الرمثا" نسبة للمدينتين الحدوديتين المتلاصقتين، وكان مخصصاً لحركة المسافرين فقط، وأغلق منذ بداية الأزمة السورية.
يذكر أن معبر جابر هو أكثر المعابر الحدودية ازدحاماً، إذ وصل عدد الشاحنات التي كانت تمر عبره قبل الأزمة السورية في 2011 إلى 7 آلاف شاحنة يومياً.
ووفق أحد السائقين على خط سورية، عبدالله بواعنة، فإن "حركة النقل إلى داخل سورية متوقفة تماماً ولا يسمح إلا بنقل الركاب الذين يحملون الجنسية السورية إلى المنطقة الفاصلة بين الحدين"، لافتاً إلى أنه "لا يوجد ركاب وهناك أكثر من 100 سيارة سفريات متوقفة على الحدود بانتظار الركاب".
وأشار إلى أن "المئات من أصحاب السيارات انضموا إلى صفوف البطالة بعد إغلاق الحدود من الجانب السوري"، مؤكدا، أن "السماح للباصات السياحية بنقل الركاب إلى ما بين الحدين أدى إلى زيادة الركود في ظل الإقبال على الباصات لتدني أسعارها مقارنة بالسرافيس".
وأكد بواعنة، أنه "ومنذ إغلاق الحدود، لم يدخل إلى المنطقة الفاصلة إلا مرة واحدة بسبب محدودية الركاب واستئثار الباصات على النسبة الأكبر من الركاب"، مبينا، أن "هناك العشرات من السائقين التزموا منازلهم بعد إغلاق الحدود لعدم جدوى عملهم في الوقت الحالي".
وأضاف، أن "السيارات التي يمتلكونها مترتبة عليهم أقساط شهرية للبنوك وتراخيص ورسوم وغيرها، ما يجعلها مهددة بالحجز عليها في حال لم يقوموا بدفع ما يترتب عليها من أقساط نهاية العام الشهر الحالي، مما يتطلب من الجهات المعنية إيجاد البديل وإعطائهم تصاريح مؤقتة للعمل على الخطوط الأخرى".
وقال صاحب مكتب سفريات في إربد، ناصر الحايك، إن "حركة الركاب إلى سورية شبه متوقفة ولا يسمح بنقل أي سوري إلا من حملة الجوازات واللبنانيين الذين يغادرون الأردن عن طريق مركز جاب الحدودي"، لافتا إلى أن "العديد منهم يذهب إلى سورية بواسطة الباصات بسبب رخص أسعارها مقارنة بالسرافيس".
وأشار إلى أنه "قبل الأحداث في سورية، كانت هناك حركة نشطة على الحدود بنقل الركاب سواء الأردنيين والسوريين إلى سورية وبالعكس، إلا أنه ومع الأحداث أصبحت الحركة شبه متوقفة".
ولفت الحايك، إلى أن "عدم وجود حركة ركاب من الجهة المقابلة أيضا تسبب بعزوف العديد من سائقي السفريات عن نقل الركاب لعدم وجود جدوى، خصوصاً أنه كان في السابق يُسمح بنقل بعض البضائع من سورية إلى الأردن لتحقيق هامش ربح، إلا أنه ومع توقف الدخول إلى سورية والاكتفاء بتنزيل الركاب أصبح العمل غير مجدٍ".
وسمحت السلطات الأردنية في حدود جابر، بمغادرة السوريين واللبنانيين بمركباتهم لمن دخلوا سابقا بها، وتم إغلاق معبر جابر الحدودي المقابل لمعبر نصيب السوري قبل أسبوع بسبب الظروف الأمنية المحيطة في الجنوب السوري.
وبموجب القرار، فإنه سيتم السماح للأردنيين والشاحنات الأردنية بالعودة إلى الأراضي الأردنية، فيما ستُمنع حركة المرور للمغادرين إلى الأراضي السورية.
وبحسب رئيس بلدية الرمثا الجديدة، أحمد الخزاعلة، فإن "إغلاق الحدود والأزمات التي تعصف بالمنطقة أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى ما يزيد على 60 % في اللواء بعد توقف التجارة البينية بين الأردن وسورية خلال السنوات الماضية".
وأشار إلى أن "معظم المواطنين في اللواء كانوا يعملون بالتجارة ونقل البضائع ما بين البلدين، ناهيك عن السائقين الذين يعملون على الخطوط الخارجية والشاحنات"، مؤكدا، أن "توقف الحركة بين البلدين أدى إلى حالة ركود غير مسبوقة خلال السنوات الماضية".
كما أشار الخزاعلة، إلى أن "معظم المحال التجارية في الرمثا كانت تسيطر عليها البضائع السورية، إلا أنه ومع الأزمات التي حدثت في سورية اضطر أصحابها إلى إغلاقها أو تحويلها إلى مهن أخرى".
بدوره، قال مصدر حدودي، إن "فتح الحدود أمام حركة المسافرين بشكل كامل مرتبط بجاهزية الجانب الآخر"، لافتاً إلى أنه "يسمح بدخول المسافرين إلى ما بين الحدين واستقبال المواطنين الأردنيين العائدين من سورية".
وأشار إلى أنه "يسمح لأي مواطن سوري بمغادرة الأراضي الأردنية إلى سورية وهو إجراء معمول فيه منذ سنوات ولم يتغير أي شيء".