تقرير عبري يكشف جرائم مروعة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في محور "نتساريم" بحق المدنيين

تقرير عبري يكشف جرائم مروعة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في محور نتساريم بحق المدنيين
الوقائع الاخبارية : كشف تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية عن شهادات مروعة واستخدام مفرط وغير مبرر للقوة ضد المدنيين الفلسطينيين في انتهاك يرقى إلى جرائم حرب في محور "نتساريم" وسط قطاع غزة

وأشار التقرير الذي نشرته الصحيفة، اليوم الأربعاء، إلى أنه يتم استهداف المدنيين بشكل عشوائي، بما في ذلك أطفال وأشخاص يحملون أعلاما بيضاء، تحت مبررات واهية.

ويتضمن التقرير شهادات مروعة عن استخدام مفرط وغبر مبرر للقوة في إطار الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، منها إطلاق صواريخ من مروحيات على مدنيين، وترك الجثث لنهش الكلاب، ومعاملة مهينة للناجين، في مشهد يعكس انتهاكا صارخا للقوانين الدولية، فيما يصنف الجيش كل مواطن فلسطيني كـ"مخرب"، بغض النظر عن كونه غير مسلح، أو حتى إن كان طفلا.

ويركز التحقيق على ممارسات الجيش الإسرائيلي في محور "نيتساريم" وسط قطاع غزة، حيث يستهدف جنود الجيش كل من يقترب من المنطقة، أو يعبر "خطا وهميا"، بات يعرف بين الجنود والقادة بـ"خط الجثث".

ووفقا لشهادات ميدانية من ضباط وجنود خدموا خلال الأشهر الأخيرة في المحور الذي أقامه الجيش لفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، يتم تصنيف كل فلسطيني يُعدَم في تلك المنطقة على أنه "مخرب"، حتى وإن كان طفلا أو مدنيا أعزل.

وأوضح التحقيق أن هذا الخط، الذي لا يظهر على أي خريطة ولم يرد في أي أوامر عسكرية رسمية، يُعرف بين وحدات الجيش كمنطقة قتل مفتوحة. ووصف أحد القادة في الفرقة 252 الوضع قائلا: "بعد إطلاق النار، تبقى الجثث دون أن تُجمع، مما يجذب الكلاب التي تنهشها"، مضيفا أنه "في غزة، أصبح السكان يعرفون أن وجود الكلاب يعني وجود جثث".

ويمتد محور "نيتساريم" على طول سبعة كيلومترات، بين السياج الأمني الذي يفصل القطاع عن مناطق 48 في محاذاة كيبوتس "بئيري" والساحل. علما بأن المنطقة المحيطة به أُخليت بالكامل من السكان ودُمرت منازلهم لتتحول المنطقة إلى قاعدة عسكرية للجيش الإسرائيلي.

ووفقا للتقرير، فإن الجيش يمنع رسميا دخول الفلسطينيين إلى المنطقة، لكن عمليا من يدخلها يُعتبر "هدفا مشروعا"، وقال أحد الضباط: "القادة الميدانيون وصفوا المنطقة بأنها منطقة قتل، حيث يجب إطلاق النار على كل من يدخلها دون استثناء".

واستعرضت الصحيفة شهادات عديدة حول استهداف مدنيين بينهم أطفال، وحتى أشخاص يحملون أعلاما بيضاء، تُظهر كيفية التعامل مع الفلسطينيين في غزة. في إحدى الشهادات، تحدث جندي عن إطلاق النار على فتى فلسطيني يبلغ من العمر 16 عاما، مشددا على أنه كان أعزل.

وعندما اعترض أحد الجنود قائلا إن "الفتى غير مسلح"، رد قائد الكتيبة قائلا إن "كل من يعبر الخط هو مخرب. لا استثناءات، لا يوجد مدنيون هنا"؛ لاحقا، تم تصوير الجثة وإرسالها إلى الاستخبارات العسكرية للتحقق من هويته، وتبين أنه لم يكن له أي صلة بأي "نشاط مسلح".

ومن بين الشهادات التي نقلها التقرير، رواية أحد الجنود عن استهداف مجموعة من الفلسطينيين غير المسلحين كانوا يحملون علما أبيض ويلوحون به للطائرة المسيرة التي كانت ترصدهم، ومع ذلك صدرت أوامر بإطلاق النار عليهم.

وقال الجندي إن "أحد القادة أشار إلى العلم الأبيض قائلا إنه مؤشر على أنهم مدنيون، لكن القائد الأعلى قال: لا أريد أن أسمع عن علم أبيض، أطلق النار"؛ ورغم محاولات القادة الميدانيين الاعتراض، قوبلوا بالتوبيخ ووُصفوا بالجبن.

وفي حادثة أخرى، تم استهداف أربعة فلسطينيين كانوا يسيرون بالقرب من المحور. الجندي الذي كان في الموقع قال: "كانوا غير مسلحين، وتم رصدهم عبر الطائرات المسيرة. رغم ذلك، تلقينا أوامر بإطلاق النار عليهم. تم قتل ثلاثة على الفور. منظر الجثث لا يفارق رأسي".

وتابع "الرابع نجا ورفع يديه مستسلما. مع ذلك، تم احتجازه عاريا في قفص بالقرب من الموقع. مر العديد من الجنود بجانبه وبصقوا عليه. كان ذلك مقززا. في النهاية، وصل محقق أسرى من الوحدة 504 وطرح عليه بعض الأسئلة بينما كان يصوب مسدسه إلى رأسه. استجوبه لبضع دقائق ثم أمر بإطلاق سراحه".

وفي مثال على الاستخدام المفرط للقوة في استهداف المدنيين في غزة، كشف التقرير عن إطلاق صاروخ من مروحية على رجل وطفلين كانوا يتجولون على مقربة من "نيتساريم"، الجندي الذي شهد الواقعة قال إنه "لم يكن هناك أي مبرر لاستخدام هذه القوة. تم استهدافهم مباشرة بالصواريخ".

وأفاد التقرير بأن التنافس بين الوحدات العسكرية حول عدد الفلسطينيين الذين يتم قتلهم أصبح سمة بارزة في العمليات العسكرية. وقال أحد الضباط: "بيانات الجيش الرسمية تصف كل قتيل بأنه مخرب وتعلن عن أعداد القتلى (الذين تزعم أنهم مخربون)، مما يحول الأمر إلى سباق بين الوحدات لرفع أعداد القتلى"، وأضاف "إذا قتل عناصر الفرقة 99 مئة وخمسين شخصا، فإن الفرقة التالية ستحاول الوصول إلى 200 قتيل".

كما أشار التقرير إلى توسع كبير في الصلاحيات الممنوحة للقادة الميدانيين. أحد الضباط قال إن قادة الكتائب باتوا يتمتعون بصلاحيات غير مسبوقة، بما في ذلك اتخاذ قرارات باستخدام القوة الجوية دون الرجوع إلى القيادة العليا. وأضاف "في كثير من الأحيان، يشعر القادة بأنهم يديرون ميليشيا مسلحة، حيث يتم تجاوز القوانين والضوابط الميدانية".

ووُصف قائد فرقة 252، يهودا واخ، في التحقيق بأنه شخصية متطرفة تدير العمليات بعقلية مغايرة للأعراف العسكرية التقليدية. في أحد الاجتماعات، قال واخ، المستوطن من "كريات أربع" قرب الخليل، إنه "بالنسبة لي، لا يوجد أبرياء في غزة. الجميع مخربون".

وقال أحد الضباط الذين حضروا اجتماع واخ الأول مع القادة في محور "نيتساريم" إنه قائد يدمج رؤاه السياسية في خططه العسكرية. فيما اعتبره ضابط آخر أنه "نابليون صغير" في منصب "يفوق قدراته، ويحتاج إلى حكمة قيادية كانت غائبة عنه منذ البداية".

كما أشار التقرير إلى أنه سعى لدفع السكان الفلسطينيين في شمال غزة إلى مغادرة منازلهم قسرا باتجاه الجنوب، لكنه فشل في تحقيق ذلك بشكل كامل، وكشف التقرير عن عدد كبير من الجرائم، التي تتسم بغياب المحاسبة والمساءلة وتآكل الضوابط، وتمثل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية.

واختتم التقرير بالإشارة إلى التأثير النفسي لهذه الممارسات على الجنود أنفسهم، حيث قال أحدهم إن "ما يحدث هنا لا يقتل الفلسطينيين فقط، بل يقتلنا نحن أيضا. إذا طُلب مني العودة إلى غزة، لن أفعل".
تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير