هل غيّرت إسرائيل شكل المنطقة؟

سميح المعايطه
يكرر نتنياهو بين الحين والآخر عبارة يقول فيها «اننا نجحنا بتغيير وجه المنطقة» فهل حصل التغيير وما هو القادم؟
الواقع يقول ان معادلات المنطقة وبنية محاورها قد تغيرت منذ العدوان على غزة والى اليوم، وما زالت الخارطة الإقليمية مفتوحة أمام تغييرات اخرى، والامر لم يكن بيد اسرائيل فقط فبعض الامور الهامة لم تكن لتحدث دون تدخل أميركا تحت حكم بايدن او ترامب، وكان من اهم معطيات التغيير حالة العداء التي صنعتها ايران ضدها وضد ادواتها بسبب وجود مشروع فارسي يتمدد على حساب هوية المنطقة وتركيبتها السياسية والدينية، ولهذا فان مشروع تغيير وجه المنطقة حتى لو كان بعضه بايدٍ أميركية الا انه كان يلقى التأييد والفرح من اوساط عربية رسمية ?شعبية واسعة لانه ازال عن المنطقة اطماع ايران وادواتها.
وتغيير وجه المنطقة فلسطينياً، مشروع نهايته، كما تريد اسرائيل، تهجير في غزة وتقسيم غزة الى مناطق عازلة وربما اعادة احتلال جزء منها للاستيطان وتحويل غزة الى منطقة منزوعة السلاح وهو امر حدث جزء منه جغرافيا لكن بقية الهدف الاسرائيلي لم يكتمل.
والجزء الآخر من تغيير وجه المنطقة كان في لبنان وكانت الاداة العسكرية بضرب حزب الله مهمة لاكمال الطريق في نزع نفوذ حزب الله في الجنوب وايضا في رئاسة الجمهورية والحكومة، وهذا حدث لكن الطريق القادم ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل والتأكد من خروج كامل لحزب الله من الجنوب اللبناني، اما ترسيم الحدود فهو التعريف الفني لاتفاق سلام قد لا يطول الوقت قبل حدوثه.
وسوريا الجغرافيا الاهم لايران ومشروعها تحولت إلى منطقة عداء لايران، واليوم اهم اعداء الحكم الجديد هم ايران وبقايا حزب الله وبقايا النظام السابق، لكن ايران مضطرة لترك سوريا ولبنان ومحاولة تعويض خسائرها في مناطق اخرى.
وفي المنطقة الحوثيون الذين لن تستطيع قوة اجتثاثهم لانهم قوة اجتماعية في اليمن ذات الجغرافيا الوعرة، لكن مفتاح اضعافهم ضربات عسكرية لمخزون السلاح والاهم ان يتحول الحوثيون الى عبء على ايران عندها لن تنفعهم جبال اليمن وسيبحثون عن اتفاق مثلما لم يتردد حزب الله في توقيع اتفاق مع اسرائيل أخرجه من الجنوب عندما تركته ايران واوجعته ضربات اسرائيل.
وإسرائيل التي تتمدد في جنوب سوريا وتحتل ارضا جديدة وتصنع واقعا عسكريا جديدا وما زالت تأمل في اختطاف الدروز الى جانبها، تدرك ان الحكم الجديد في سوريا لا يفكر في مواجهتها وانه ليس رافضا لفكرة توقيع اتفاق مع اسرائيل رغم أن هذا مبكر قبل استقرار كامل في سوريا، لكن اسرائيل تستغل حالة الارباك التي يعيشها الحكم الجديد في سوريا لصناعة جغرافيا تحت حكم اسرائيل من خارطة سوريا بحيث يصبح الجولان ليس محل تفاوض بل ما تم احتلاله خلال الشهور الاخيرة.
اما ما يجري في غزة الآن فهو محاولة صمود من حماس حتى تبقى في فريق حكم غزة بعد انتهاء الحرب، لكن ما يجري بالنسبة لاسرائيل استكمال لخارطة غزة التي تحلم بها وايضا بحث عن فرص للتهجير، فغزة منذ بداية العدوان فقدت جرحى وشهداء مايعادل اكثر من ٥% من سكانها وخرج منها ما يقارب ١٥٠ ألفاً الى خارجها، لكن اسرائيل مازالت تحلم بخروج واسع.
خارطة المنطقة سياسياً وحتى جغرافيا تغيرت وهذا سيظهر اثره سياسياً بعد حين فنتنياهو لا يمارس جنوناً بل ينفذ مخططات يلتف حوله الاسرائيليون لتحقيقها ومعه الادارة الأميركية.