هاني الخصاونة الوطني الحُرّ والعروبي الفذّ

هاني الخصاونة الوطني الحُرّ والعروبي الفذّ
د.طلال طلب الشرفات
تجنبتُ في السَّنوات القليلة الماضية الكتابة عن العروبي هاني الخصاونة لاعتبارات متعدده يمكن فهمها بوعي وحسن تقدير للظرف الماثل آنذاك؛ تلك الشَّخصيّة الوطنيّة الباسقة في حزمها وعزمها، والنَّاقدة الواعية لمضامين الخلل دون إسفاف أو إجحاف، والمتمسكة بحماية الأجندة الوطنيّة كمسار آمن؛ لتحقيق الأماني القوميّة، وتطلعات الأمة في الوحدة، ودون أن يُقارف خطيئة سياسية بحق الوطن كان قد استمرأها الكثير من دُعاة المدّ القومي.

عرفتُ هاني الخصاونة في مطلع التّسعينات، وكنتُ وقتها شاباً في مطلع عقدي الثَّاني، ومتحمساً في الدفاع عظمة الدولة الأردنيّة، وقدسية هويتها التي سارعت بالانحياز لقدر الأمة دون تبعية، وبقرار حرّ تجلّى فيه شرف الحكم الشَّريف المُمتزج بنبل الأردنيين دون مُقامرة أو تجارة، وبقرار مستقل دون ان يُلزمنا به أحد، أو تُكرهنا بنقيضه جهة، وكان الخصاونة يجمع بين الحرص الوطني والأمل القومي بخطاب شجاع ورصين.

في لقائي الأول به في مكتبه - وكي أكون صريحاً وصادقاً وواثقاً - أثار حضوره الطاغي المُهيب المُتشابك ببذلته الأنيقة، ونظارته السوداء، وربما سيجاره المُقترن بثراء فاحش ظننته "وقتذاك"، ووجومهِ الذي لا يخلو من الابتسامة أحياناً، وجرأته في التَّعبير عن قناعاته؛ أقول: كل ذلك أثار فضولي للبحث عن نواياه، وسجاياه، وكان انحيازه مع الخبز والشَّاي الأردني ذات غدر، وحيث أمر كان الوطن فيه أحوج ما يكون إلى شرف الرِّجال !

بين مرقد عرار وأيدون مرمى حجر تُسمع فيها الحداء للأرض والعرض، وتجليات الوفاء للتُّراب وقدسيَّة الهويّة، وأريحية الأمس حيث البُناة الأوائل، وما بين كفر سوم وأيدون نجيعُ دم مُخضّب بالشَّرف بأن فلسطين لن تهنأ حياتنا بدونها، وما بين عمان وبغداد ودمشق زيتونٌ ونخلٌ وشرف لا ينقضي، وهكذا كان الخصاونة في سرّهِ وسريرته وإعلانه مذ ان عرفناه، وألفناه، اسرنا بطيب معشره ونبل نواياه.

الخصاونة "الزعيم" الذي خدم في كنف الحسين الباني "طيّب الله ثراه" في ظرفٍ دقيق، وأنجب رئيساً عاقر لغة الضادِ أدباً ونحواً وصرفاً، ونهل من الثقافات واللغات الأخرى نصيباً وافراً، وما قارف فساداً يُبعدنا عنه بل ما زال يعيش في بيت أبيه بارّاً ومُدركاً لفضله بعد الله، وما ألقى على قلوبنا مظنة في وطنيته، وجاب كأبيه بلاد الدنيا خدمة للوطن.

هاني الخصاونة رجل الدَّولة الرَّزين الذي أكرمني بشهادة ربما لم ارتقِ بعد لمضامينها الأصيلة، ونبل أثرها، وطوّق عنقي بدين الرِّجال الذي أسأل الله أن يمنحني قوة المنكبين لأقوى على حمله بوفاء، داعياً الله تعالى بأن يكلأه بعين رعايته، وشفائه العاجل، وأن يحفظ الأردن الحبيب وشعبه الأصيل وقيادته المُظفّرة من كلِّ سوء.

وكلُّ عامٍ وأنتم بخير


تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير