زخة شهب التوأميات تزين سماء المنطقة العربية وتبلغ ذروتها منتصف ديسمبر
الوقائع الإخباري : أوضح مدير مركز الفلك الدولي وعضو منظمة الشهب الدولية المهندس محمد شوكت عودة أن سماء المنطقة العربية تشهد مساء اليوم السبت زخة شهب التوأميات، والتي تُعد من أفضل وأغزر زخات الشهب السنوية، إذ تحدث بانتظام في الرابع عشر من ديسمبر من كل عام، وتمتاز ليس فقط بكثرة عدد الشهب مقارنة بغيرها، بل أيضًا بجودة ظهورها، حيث تُعد شهب التوأميات بطيئة نسبيًا، ما يجعلها مرئية لفترة أطول أثناء عبورها السماء، إذ تبلغ سرعتها نحو 35 كيلومترًا في الثانية.
وبيّن عودة أن شهب التوأميات تظهر سنويًا خلال الفترة الممتدة ما بين 4 و17 ديسمبر، وتصل إلى ذروتها، أي أعلى معدل لعدد الشهب، في يوم 14 ديسمبر. وفي هذا العام، ستقع الذروة يوم الأحد 14 ديسمبر عند الساعة الثامنة صباحًا بتوقيت غرينتش. وأشار إلى أن توقيت الذروة شهد تذبذبًا طفيفًا خلال العقدين الماضيين، إلا أن موقع الأرض في مدارها حول الشمس خلال هذا العام يجعل الفترة الزمنية ما بين الساعة الثالثة عصرًا بتوقيت غرينتش من يوم السبت وحتى الساعة الثانية عشرة ظهرًا بتوقيت غرينتش من يوم الأحد هي الأنسب، ما يجعل ليلة السبت على الأحد الأفضل لمتابعة هذه الزخة. ومن العوامل المساعدة على رصد عدد أكبر من الشهب خلال الذروة غياب القمر عن السماء لمعظم ساعات الليل.
ودعا عودة المهتمين برصد هذه الظاهرة إلى التوجه نحو أماكن مظلمة بعيدة عن التلوث الضوئي، والبدء بمراقبة السماء اعتبارًا من الساعة التاسعة مساءً تقريبًا، موضحًا أن عدد الشهب يزداد تدريجيًا مع مرور الوقت، ويصبح أكثر وضوحًا بعد منتصف الليل، خاصة مع الاقتراب من ساعات الفجر. كما أشار إلى أن فرص الرصد تتحسن كلما كان وقت المشاهدة أقرب إلى لحظة الذروة، ونصح بالنظر بعيدًا عن كوكبة "التوأمان” بمقدار 45 درجة إلى اليمين أو اليسار، وعلى ارتفاع يقارب 45 درجة فوق الأفق.
وأوضح أن العدد المتوقع لشهب التوأميات وقت الذروة يصل إلى نحو 120 شهابًا في الساعة، إلا أن هذا الرقم لا يمكن مشاهدته إلا من مواقع شديدة الظلمة بعيدة تمامًا عن أضواء المدن، ولمدة قصيرة قرب الذروة، ومن مناطق تكون فيها كوكبة التوأمين مرتفعة في الأفق. أما في حال الرصد من داخل المدن، فلا يُتوقع مشاهدة أكثر من عشر شهب في الساعة في أفضل الظروف. وأضاف أن المعدل المثالي لعدد الشهب (ZHR) في هذه الزخة يبقى في حدود 100 شهاب أو أكثر لمدة تتراوح بين 10 و12 ساعة حول وقت الذروة.
وسُمّيت زخة شهب التوأميات بهذا الاسم لأن الشهب تبدو وكأنها تنطلق من نقطة وهمية تقع في كوكبة التوأمين، المعروفة فلكيًا باسم برج الجوزاء. وبيّن عودة أن مصدر هذه الشهب هو كويكب يُعرف باسم "فيثون”، والذي يتصرف أحيانًا بطريقة مشابهة للمذنبات، حيث تنفصل عنه حبيبات غبارية تبقى منتشرة على طول مداره. ويرى بعض العلماء أن هذا الكويكب قد يكون في الأصل نواة مذنب قديم. وعندما تقترب الأرض من مدار هذا الكويكب سنويًا في 14 ديسمبر، تنجذب تلك الحبيبات الغبارية نحو الأرض، وتدخل الغلاف الجوي فتحترق وتؤين طبقاته، ما يؤدي إلى ظهور الشهب التي تُشاهد بالعين المجردة.
وأشار عودة إلى أن نشاط زخة شهب التوأميات يختلف عن معظم زخات الشهب الأخرى، إذ لا يكون متماثلًا قبل وبعد الذروة، حيث يتصاعد النشاط ببطء قبل الذروة، ثم ينخفض بشكل سريع بعدها. وتتميز الليالي التي تسبق الذروة بنشاط ملحوظ أيضًا، فقبل يومين من الذروة يكون عدد الشهب في الساعة ربع عددها وقت الذروة، بينما يصل إلى نصف العدد قبل يوم واحد من الذروة، في حين ينخفض إلى الربع مجددًا في أول يوم بعد الذروة. ومن خصائص هذه الزخة أن عدد الشهب ذات اللمعان المتوسط منخفض، إذ تكون معظم الشهب إما شديدة اللمعان أو خافتة.
وأوضح أن الشهب هي في الأصل حبيبات ترابية تدخل الغلاف الجوي للأرض، فتتعرض للاحتكاك الشديد، ما يؤدي إلى انصهارها وتبخرها وتأيين جزء من الغلاف الجوي، فتظهر على شكل خطوط مضيئة تتحرك بسرعة كبيرة في السماء لثوانٍ أو لأجزاء من الثانية. ونادرًا ما يتجاوز قطر الشهاب حجم حبة تراب، إذ يتراوح قطره عادة بين 1 مليمتر و1 سنتيمتر فقط. وتبلغ سرعة الشهب عند دخولها الغلاف الجوي ما بين 11 و72 كيلومترًا في الثانية، وتبدأ بالظهور على ارتفاع يقارب 100 كيلومتر عن سطح الأرض. ويُقدّر عدد الشهب التي تدخل الغلاف الجوي يوميًا بنحو 100 مليون شهاب، إلا أن معظمها لا يُرى بالعين المجردة.
وأكد عودة أن الشهب لا تشكل أي خطر على سطح الأرض، حتى في حال حدوث عواصف شهابية، إذ تتلاشى جميعها قبل وصولها إلى الأرض. لكنه أشار في المقابل إلى وجود خطر حقيقي قد تشكله هذه الحبيبات الترابية على الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، نظرًا لسرعاتها العالية التي قد تصل إلى 72 كيلومترًا في الثانية، أي ما يعادل نحو 200 ضعف سرعة الصوت. ولفت إلى أن اصطدام جسيم بهذه السرعة، حتى لو كان قطره أقل من قطر شعرة الإنسان، قد يؤدي إلى توليد شرارة كهربائية كفيلة بتعطيل الأجهزة الحساسة في الأقمار الصناعية وإخراجها عن الخدمة. واستشهد على ذلك بتعطل قمر الاتصالات "أولومبوس” خلال زخة شهب البرشاويات عام 1993 نتيجة اصطدامه بإحدى هذه الحبيبات الترابية.

















