العلاقات الاقتصادية الأردنية الهندية تتجه نحو شراكة أوسع وفرص تصدير واستثمار متنامية
الوقائع الإخباري: أكد خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي أن العلاقات الاقتصادية بين الأردن وجمهورية الهند تشهد تطورًا ملحوظًا خلال المرحلة الحالية، مدفوعة برغبة مشتركة لدى البلدين في توسيع مجالات التعاون الاقتصادي وتعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة، بما يخدم المصالح المتبادلة ويعزز الحضور التجاري والاستثماري لكلا الطرفين.
وبيّن المختصون أن تعميق الاستثمار في العلاقات الاقتصادية مع الهند يمثل فرصة استراتيجية مهمة للأردن، ويشكّل منفذًا واعدًا أمام الصادرات الوطنية لتنويع أسواقها الخارجية، وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، في ظل التحديات التي تشهدها التجارة الدولية.
وتُعد الهند ثالث أكبر قوة شرائية على مستوى العالم، إذ يبلغ عدد سكانها نحو 1.410 مليار نسمة، كما تُصنّف خامس أكبر اقتصاد عالمي، حيث يتراوح ناتجها المحلي الإجمالي بين 4.19 و4.39 تريليونات دولار، وتتميز بنمو اقتصادي متسارع تقوده التحولات الرقمية، وتوسع قطاع الخدمات، والقاعدة السكانية الشابة.
وأشار الخبراء إلى أن تنوع القاعدة الاقتصادية في كل من الأردن والهند، إلى جانب الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة وحجم السوق الهندية الكبير، يشكل عوامل داعمة لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري، ويفتح آفاقًا أوسع لبناء شراكات اقتصادية أكثر عمقًا خلال الفترة المقبلة.
وأوضحوا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ما يزال دون الإمكانات المتاحة، رغم وجود فرص كبيرة في عدد من القطاعات الحيوية، أبرزها الصناعات الدوائية، والصناعات الكيماوية، والصناعات الغذائية، إضافة إلى الخدمات المرتبطة بالتكنولوجيا والصناعات التحويلية.
ولفتوا إلى أن تعزيز التبادل التجاري يتطلب معالجة جملة من التحديات، من بينها ارتفاع كلف الشحن، والإجراءات الفنية والتنظيمية، إضافة إلى الحاجة لتعريف أوسع وأعمق بالمنتج الأردني داخل السوق الهندية، بما يسهم في تعزيز تنافسيته وانتشاره.
وأظهرت البيانات الرسمية المحلية أن الصادرات الوطنية إلى الهند سجلت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي ارتفاعًا بنسبة 18%، لتصل إلى 859.2 مليون دينار، مقارنة بـ726.5 مليون دينار للفترة ذاتها من العام الماضي. وفي المقابل، بيّنت الأرقام تراجع مستوردات المملكة من الهند بنسبة 28% خلال الفترة نفسها، لتبلغ 374.3 مليون دينار، مقابل 522.4 مليون دينار في العام السابق.
وتعود العلاقات بين الأردن والهند إلى عام 1947، فيما شهد عام 1950 انطلاق التبادل الدبلوماسي الرسمي بين البلدين، حيث يتمتع الطرفان بتمثيل دبلوماسي على مستوى السفراء المعتمدين والمقيمين. كما يرتبط البلدان بعدد من الاتفاقيات، من بينها اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري، ومذكرة تفاهم في مجال الطاقة المتجددة، واتفاقيات لتشجيع الاستثمارات وحمايتها، والتعاون السياحي، والنقل البحري، إضافة إلى مذكرات تفاهم في مجالات المواصفات والمقاييس، وتكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات.
وأظهرت دراسة متخصصة صادرة سابقًا عن مركز الدراسات الاقتصادية التابع لغرفة صناعة الأردن، أن نحو ألفي منتج وطني يمتلك ميزة تنافسية تؤهله لدخول السوق الهندية، وهو ما يعادل 30 فصلًا جمركيًا. وحددت الدراسة قطاعات واعدة للتصدير إلى الهند، أبرزها الصناعات التموينية والغذائية، والثروة الحيوانية، والصناعات التعدينية، إضافة إلى الصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل، والصناعات البلاستيكية والمطاطية.
الجغبير: السوق الهندي فرصة حقيقية للصناعة الأردنية
أكد رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، المهندس فتحي الجغبير، أن السوق الهندي يُعد من أكثر الأسواق الواعدة أمام الصناعة الأردنية في المرحلة الراهنة، نظرًا لحجمه الكبير، ومعدلات النمو المرتفعة، وتزايد الطلب على مدخلات الإنتاج والمواد الأولية والمنتجات الكيماوية.
وأوضح أن مؤشرات التبادل التجاري تعكس تطورًا ملموسًا، حيث بلغت صادرات الأردن إلى الهند خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 نحو 859.2 مليون دينار، مقارنة بـ726.5 مليون دينار للفترة ذاتها من عام 2024، محققة نموًا بنسبة 18%، وتشكل ما يقارب 12% من إجمالي الصادرات الأردنية.
وبيّن الجغبير أن الصادرات الأردنية تتركز بشكل رئيس في الصناعات التعدينية والصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل، إلى جانب منتجات تمتلك فيها الصناعة الأردنية ميزة نسبية واضحة، مثل فوسفات الكالسيوم الطبيعي، وفوسفات الألمنيوم الكلسي، والطباشير الفوسفاتية، وحمض الفوسفوريك، والأسمدة النيتروجينية، ومنتجات البوتاس، إضافة إلى الأسمدة المركبة.
وأشار إلى أن بيانات مركز التجارة العالمية تُظهر أن حجم الفرص التصديرية غير المستغلة للمنتجات الأردنية في السوق الهندي يُقدّر بنحو 1.4 مليار دولار، ما يعكس إمكانات كبيرة لتوسيع الحضور الأردني، لا سيما في قطاعات الأسمدة والمنتجات المعدنية والكيماوية، إلى جانب فرص واعدة في الصناعات الهندسية، والجلدية، والمحيكات، والبلاستيكية والمطاطية.
وأكد أن دخول السوق الهندي يواجه تحديات تتعلق بالرسوم الجمركية والمتطلبات التنظيمية والفنية، والمنافسة السعرية، وتعقيدات التوزيع واللوجستيات، ما يستدعي تطوير آليات مشتركة للترويج والتشبيك، وتنظيم معارض وفعاليات متخصصة، وتوفير أدوات دعم مالية وفنية لتعزيز تنافسية المنتج الأردني.
الخضري: فرص نمو كبيرة للصادرات الأردنية في الهند
من جهته، أكد رئيس جمعية المصدرين الأردنيين، العين أحمد الخضري، أن السوق الهندي يشكل فرصة واعدة للصادرات الوطنية، مشيرًا إلى أن نجاح عدد من الصناعات الأردنية في دخول هذا السوق يبرهن على قدرة المنتج الأردني على المنافسة عالميًا.
وأوضح أن تجربته في تصدير التوابل والبهارات إلى الهند أظهرت أن دخول هذا السوق يتطلب جهدًا إضافيًا لضمان الالتزام بالاشتراطات والمعايير المطلوبة، مبينًا أن بعض القطاعات تحتاج إلى اتفاقيات حكومية، في حين يمكن دخول قطاعات أخرى بإجراءات أقل تعقيدًا.
وأشار إلى أن جمعية المصدرين الأردنيين تعمل على دعم المصدرين عبر الإرشاد والتدريب، والمساعدة في التواصل مع الشركاء الحكوميين والخبراء الدوليين، بما يسهم في تسهيل عمليات التصدير وفتح أسواق جديدة، مؤكدًا أن حجم السوق الهندية وكثافتها السكانية يوفران فرصًا كبيرة لتوسيع الصادرات الأردنية وتنويعها.
العلاونة: تعزيز التبادل التجاري مع الهند أولوية استراتيجية
بدوره، شدد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، أيمن العلاونة، على متانة العلاقات الاقتصادية بين الأردن والهند، مشيرًا إلى الدور المتنامي للشركات الهندية في السوق الأردني، بما يعكس الثقة المتبادلة ويعزز التعاون التجاري والاستثماري.
وأوضح أن إجمالي الاستثمارات الهندية في الأردن يقدّر بنحو 1.46 مليار دينار، موزعة على 46 شركة تعمل في قطاعات التعدين والطاقة والصناعة، إضافة إلى نحو 15 شركة هندية تعمل في المناطق الصناعية المؤهلة باستثمارات تقارب 500 مليون دولار.
وأكد العلاونة أن تعزيز الشراكات المستقبلية وتوسيع التعاون في مشاريع جديدة يمثل أولوية استراتيجية، خاصة وأن الهند تحتل المرتبة الثالثة بين الشركاء التجاريين للأردن بحجم تبادل تجاري يبلغ نحو 2.8 مليار دولار. ودعا المستثمرين ورجال الأعمال من الجانبين إلى استثمار الفرص المتاحة، خصوصًا في مجالات الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والتقنيات الحديثة، بما يعزز بيئة الأعمال والتنمية المستدامة في البلدين.


















