شيئ من المكاشفة ...شيئ من الحكمة

شيئ من المكاشفة ...شيئ من الحكمة
بسام الياسين
" لِمَ الحزن وقد جاء في كتاب الله { ولا تيأسوا من روح الله....}.اصدقك القول ـ يا صديقي ـ عن تجربة. ان اردت ان تسعد وترتقي فوق بشريتك.انخلع من دنياك ، فالدنيا لا تساوي جناح بعوضة.عَمّر آخرتك بالذكر وحُسن العبادة ومخافة الله.كن على بصيرة من امرك في كل صغيرة وكبيرة.عندها سيصلح ربك حالك ومآلك لانه يعرف حاجتك قبل سؤالك.دع قلبك يتعلق بالله وحده،وسترى ما يدهشك ويصيب بالدهشة كل َّمن حولك.
زاده الحب... زوادته المعرفة . القى بالدنيا خلف ظهره.توجه بكليته لربه وحده ، الواحد الاحد.لينهل من نبع الحكمة. ابتعد عن صخب الناس وضجيج المدينة.اتخذ التأمل عنوانه، والسمو ديدنه.تذوق الحقيقة باعلى تجلياتها و كرع منها حتى ارتوى،فعرف ما يعرف العارفون بان من ذاق عرف وان الله حق. تناول من اطايب موائدهم الربانية،شرب في دنانهم من عذب مائهم. فكان نوراً وطهورا. ايقن ان الدنيا خاوية . خواء ممتلئ بالخواء.اشرارها يهدمون العمران و بوقاحة الوقحين يتحدثون عن العدالة والسلام . كذابون هم . غابات يزرعونها بالحرائق، بحار يلوثونها بناقلات نفطهم،مدن ينشرون فيها الشقاء بخطط اقتصادية عقيمة، تزيد بؤر الفقر اتساعا. صارت الحياة بمفهومهم وليمة لا يجتمع عليها الا الشياطين وتفر منها الملائكة . ملهاة مأساوية هي ،لكن البطولة ان تفتح خطاً مباشراً مع الله ،وتجلس في معيته آناء الليل و اطراف النهار . ذات كآبة حادة القى بروحه في مهب الريح، ليعيش مغامرة الوقوف على الحافة.اكتشف ان ما فعله تمرين وهمي، عصف ذهني. زادته غموضاً وسوداوية.ادرك ان السعادة،ان تركل الدنيا بحذائك.تمشي في جنازة اوهامك، تفتح سرادق عزاء لدنيا احلامك.تتطهر من رغباتك، وتفطم غرائزك. رثى للذين يطاردون المكاسب و المناصب و الاوسمة،فيما تنعدم الغيرية عندهم على وطنهم و ضعفاء بني جلدتهم .غم اصابه من تباين فاضح بين متنعمين ذوي « مناقير طويلة » يلتقطون الفاكهة من اعلى الشجرة و المقصوصة أجنحتهم يكتفون بالنظر اليها.تساءل بحرقة :ـ كيف يسعد الاثرياء بالتخمة ، ويصمت الجياع على الفاقة ؟ !. " هذه قبورهم وتلك قصورهم ". الناس يتساوون تحت الارض و شواهد قبورهم لا تحفظ الاسماء.تعاقب الفصول، وعوامل التعرية، تتكفل بطمسها.المقابر الدارسة، لا تميز بين القديس و الخسيس، البطل و الخائن، المؤمن و الزنديق ، فالجماجم البشرية متشابهة.ولسان حال الاموات :ـ { ربِ لو اخرتني الى اجل قريب فاصّدق و اكن من الصالحين } .يوم ينصب ميزان العدل، فلا تأخير ولا تقديم . من الحكمة ان تقرأ ساعتك الفطرية، فالانسان مفطور على توحيد الخالق.دقق باركانك الاربعة، الجسد، النفس، العقل، الروح.لا تُعّول على ساعة معصمك وان كانت سويسرية غير مقلدة. فالحكماء يغوصون في الزمن النفسي ....." هؤلاء قوم اختلوا بالله في خلواتهم فأفاض الله عليهم نوراً من نوره ". اما ذوي الوجوه الكالحة ، و اصحاب الساعات الذهبية، تراهم يتعلقون باوراق الرزنامة . جُلً همهم اشباع الغريزة و مراكمة الارصدة . هنا تتجلى المفارقة.المصلحون يحتلون صفحات التاريخ البيضاء بينما الطغاة يحتلون الاسود منها واللعنة الى يوم القيامة. ثنائية الاضداد جلية،رغم انهما من ِجبِلةٍ واحدة. الاول كينونة مجبولة بمسك طيب ، نبت في تربة طيبة .الاخر دميم الخلقة ذميم الاخلاق،ترعرع على مزبلة عناصرها كراهية، عنصرية، نرجسية بغيضة.الابشع دول عربية تقتل خيولها ، تُهّمش علماءها، تسجن مبدعيها ومن بقي منهم فيها، فهم في جوع وبطالة. تراهم على الارصفة من يسيرون كالسكارى وما هم بسكارى.تجدهم في زوايا المقاهي ، والحانات الرخيصة،فيما يتصدر الواجهة بيادق سريعة التحريك و الحركة، ادعياء الوطنية،السماسرة.تلك حياة عرب الالفية الثالثة. لكن الحياة جديرة بالحياة لان نقيضها الانتحار وتلك جريمة دنيوية و اخروية . لكي تحيا بجدارة ، عليك الخروج من شخصيتك الرخوة حتى لا تتشكل كالعجينة بيد خبازك ـ أي حاكمك ـ بل تعيش فلسفة الصوان الصلبة الذي اذا ضُرب بالمعاول قدح شرراً في وجه ضاربه.

 
تابعوا الوقائع على