إعادة اكتشاف وصفي التل
بلال حسن التل
لا تستند معرفتي بوصفي التل على العمل التوثيقي الذي قمنا به، والذي كان من نتاجه "كتابات في القضايا العربية" بل لقد كُنت وراء عقد وتنظيم أول وأهم ندوة فكرية على مستوى الوطن لدراسة وتحليل فكر وصفي التل، عندما نظمنا في المركز الأردني للدراسات والمعلومات ندوة وصفي التل فكره ومواقفه، والتي عقدت عام 1995 وناقشت مجموعة كبيرة من أوراق العمل التي قدمها عدد من خيرة الباحثين الأردنيين، بالإضافة إلى مجموعة من الشهادات التي أدلى بها عدد من أقرب أصدقاء الشهيد إليه أومن الذين عملوا معه، مما ألقى المزيد من الأضواء على فكر الرجل ومواقفه ومشروعه، وقد صدرت أعمال هذه الندوة في كتاب "وصفي التل فكره ومواقفه" وهو الأمر الذي كررناه عام 2011 عندما عقدنا ندوة فكرية كبرى حول مسيرة الرجل وفكره صدرت أعمالها في كتاب حمل عنوان "وصفي التل قراءات في فكره وتجاربه" .
هذا التعامل الفكري التوثيقي والتحليلي مع إرث وتراث الشهيد وصفي التل والممتد لحوالي أربعة عقود، هو الذي يجعلني أقول أن معظم الذين يتغنون بالرجل ويزعمون القرب منه ويدعون إلى السير على نهجه لا يعرفونه، بل لعل بعضهم يسيىء له عندما ينسب إليه مواقف وآراء تتناقض مع كل تاريخ الرجل وفكره، مما يجعلني أوجه الدعوة إلى ضرورة إعادة اكتشاف الرجل وقراءته قراءة متأنية من خلال العودة إلى إنتاجه الفكري ومراجعة مسيرته العملية، لنحولهما إلى خطة عمل وطنية يلتف حولها محبي وصفي، ليحققوا مشروعه في بناء مجتمع قرطاج .. مجتمع التحرير... الذي يأكل مما يزرع، ويلبس مما يصنع، معتمداً على ذاته وبخلاف ذلك يظل ما نكتبه عن الرجل أو نقوله بعيداً جداً عن الوفاء له.