عن عوني عبد الهادي
بلال حسن التل
لقد آمن عوني عبد الهادي وجيله بأمتهم العربية، فرغم أنهم عاشوا في زمن تفشت فيه الأمية وسادة الفقر وسيطرت الأمم الأخرى على مقدارات العرب، لكن جيل عبد الهادي رفض الاستسلام لهذا الواقع، وسعى إلى تغيره، فطلبوا العلم في كل أصقاع الأرض، كما فعل عوني عبد الهادي، الذي درس مراحل التعليم الأولى في مدارس نابلس وبيروت، لينتقل بعدها إلى الاستانة، ثم إلى باريس، لينهل ما يستطيع من العلم ليسخره لخدمة أمته وقضاياها، لذلك كان المحامي الأبرز للدفاع عن قضايا الأمة وفي طليعتها قضية فلسطينفي المحافل الدولية، ولعل مرافعته حول ملكية حائط البراق ومرافعاته أمام معظم اللجان الدولية دفاعاً عن قضايا الأمة تجعل من سيرة عوني عبد الهادي نموذجاً يحتذى في كيفية تسخير الشرفاء لعلمهم في خدمة أمتهم.
ومثلما تسلح عوني عبد الهادي ورفاقه بالعلم، فقد تسلحوا أيضاً بكل وسائل العمل التي تخدم قضايا أمتهم، وسلكوا طرقها، ابتداءً من تأسيس الجمعيات السرية وفي طليعتها العربية الفتاة، التي كان عوني عبد الهادي من مؤسسيها، وصولاً إلى حمل السلاح، واللجوء إلى الاضرابات العامة، وتحمل عذابات السجن، والنفي مروراً بتأسيس الأحزاب السياسية، وكلها دروب نضال سلكها عوني عبد الهادي منطلقاً من الإيمان بحقوق أمته وأولها حقها بالوحدة، لذلك لم يكن مستغرباً أن يعمل عوني عبد الهادي للقضايا العربية مجتمعة، ولم يكن غريباً أن يدافع عن دمشق كما دافع عن نابلس، فهو ابن جيل كان يؤمن بوحدة سوريا الكبرى كنواة لوحدة الأمة كلها، وهذه كلها منظومة قيم جسدها عوني عبد الهادي، وقد آن أوآن إحيائها وتربية الأجيال الجديدة عليها، إن أردنا أن تستعيد أمتنا مكانتها بين الأمم، لذلك نشد على يد الابنة الوفية لعوني عبد الهادي وزوجها المهندس العين سمير عبد الهادي، إحيائهما لسيرة رجل نعتقد أنه اختصر في سيرته معاناة أمة في واحدة من أصعب مراحل تاريخها، فقبض على جمر حبها والوفاء لقيمها والعمل من أجلها.