أحكام تصاريح الاستثناء من حظر التنقل

أحكام تصاريح الاستثناء من حظر التنقل
د. عبد الكريم محسن أبو دلو
قرر دولة رئيس الوزراء بأمر الدفاع رقم 2 لسنة 2020 الصادر بمقتضى قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 حظر تنقل الاشخاص وتجوالهم في جميع مناطق المملكة، ولكن أجاز البند 3 من هذا الأمر لرئيس الوزراء استثناء الأشخاص الذين تقتضي طبيعة عملهم إدامة المرافق العامة من هذا الحظر.
ويمكن قراءة هذا الاستثناء وفق المعطيات الآتية:

أولا- يقضي الأصل بحظر تنقل جميع الأشخاص وتجوالهم في جميع مناطق المملكة وتحت طائلة المساءلة القانونية. ومن باب الاستثناء، أجاز أمر الدفاع لدولة رئيس الوزراء فقط التصريح بالتنقل والتجوال للأشخاص الذين تقتضي طبيعة عملهم إدامة المرافق العامة. ويعتبر هذا الاستثناء مخصص الأهداف بإدامة أعمال المرافق العامة وبحدّها وعددها الأدنى بما لا يتعارض من الغرض من تفعيل قانون الدفاع، مثل مرفق الصحة العامة، مرفق الأمن ، مرفق الكهرباء، مرفق الماء. فالأصل يحكم وفق نص البند 3 من أمر الدفاع رقم 2 لسنة 2020 بعدم التوسع بإعطاء التصاريح حتى لا يتم الإخلال بتحقيق أهداف تفعيل قانون الدفاع رقم ١٣ لسنة ١٩٩٢. وعليه، لا يجوز منح التصاريح إلا بهدف إدامة أعمال المرافق العامة. ورغم الإختلاف الفقهي العميق حول تعريف المرفق العام، يمكن القول أنه "النشاط الذي تتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة أو تعهد به لآخرين كالأفراد أو الأشخاص المعنوية الخاصة تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها، لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام".

ثانيا- رغم تقييد حالات اصدار التصاريح وحصر هذه الصلاحية بدولة رئيس الوزراء، أبرز الواقع العملي وضرورات إدامة الحياة الحاجة الماسة إلى ضرورة اصدار التصاريح لفئات لا ينطبق عليها وصف المرفق العام أو لا يتعلق عملها بإدامته، بل وفي بعض الأحيان وتجاوبا مع حالات إنسانية وخاصة يتم اصدار التصاريح لأشخاص محددين بشكل فردي سواء كانت دائمة أو مؤقتة.
دعت هذه المبررات العملية إلى جدوى اصدار التصاريح بطريقة الكترونية درءا من التلاعب بها أو تزويرها، وأيضا لتيسير مهمة اصدارها سواء من قبل الإدارة أو لصالح الأشخاص الذين تصدر لهم أو حتى لتفعيل مراقبتها. وبذلك أوجبت الضرورات المستجدة لإدامة الحياة خروج عملية اصدار التصاريح من حدود الاستثناء الضيّق المنصوص عليه بالبند 3 من أمر الدفاع رقم 2 لسنة 2020.

ثالثا- وبالتالي، واتساقا مع أوامر الدفاع التي تصدر بما يتفق مع غايات وأهداف تفعيل قانون الدفاع، ولمعالجة الإشكاليات العديدة المستجدة المتعلقة بالتصاريح ، تظهر ضرورة اصدار أمر دفاع خاص بالاستثناءات من قرار حظر التنقل وينظم بشكل واضح ووفق معايير عملية حالات اصدار التصاريح، بالإضافة إلى تحديد الجهات المختصة بإصدارها على سبيل الحصر.
وأن يتضمن هذا الأمر الأحكام المنظمة لاستعمال هذه التصاريح، مثل وجوب استعمالها بنطاق ضيّق وبما يحقق الهدف من إصدارها، واعتبار التصريح وثيقة رسمية ذات طابع أمني وشخصية لا يجوز استعمالها من قبل الغير. ووجوب التزام الشخص حامل التصريح باستعماله للضرورة بإبرازه للجهات المعنية فقط عند الاقتضاء.

بالتالي يحظر استعمال التصاريح بغير الطرق والأهداف المحددة أو استغلالها بطرق أو لأهداف غير مشروعة، فلا يجوز نشر صور هذه التصاريح على وسائل التواصل الاجتماعي أو بأي وسيلة أخرى بهدف المفاخرة والمباهاة، وإلا خرج بذلك استعمال التصريح عن حدود الهدف من إصداره مما يوجب سحبه من حامله، وبتقديري يعادل ذلك خرق حظر التنقل.

وتأكيدا على أهمية هذه التصاريح وخصوصيتها يفضل أن ينص أيضا على عقوبات خاصة تفرض على الأشخاص الذين يخالفون هذه الأحكام.
تابعوا الوقائع على