صدف شكّلت مسيرة رجاء الجدّواي المهنيّة.. تفاصيل قد لا يعرفها الجميع
الوقائع الاخبارية :شاءَ القدر أن تغيب الفنانة المصريّة رجاء الجداوي عن الحياة، تاركة خلفها إرثاً راقياً. وللجداوي مسيرة حافلة على الصعيد الفني، ولعبت الصدف دوراً بارزاً في حياتها، حتى أصبحت نجمةً في عالم عروض الأزياء والتمثيل، والتقديم التلفزيوني. وفي أكثر من لقاء تلفزيوني حول مسيرتها الفنيّة التي بدأت منذ العام 1958، كانت الجداوي تقول: "لم أختر شيئاً في حياتي... كل ما فعلته كان حقيقةً صدف".
صدف غيّرت من حياة الممثلة المحبوبة
الصدفة الأولى كانت حينما قررت الجداوي أن تتخلى عن نمط حياتها الباذخ في كنف خالتها النجمة المصرية الراحلة تحية كاريوكا التي ربتها منذ عمر 3 سنوات، للوقوف إلى جانب والدتها في أزمتها الاقتصادية، بعدما أفقدتها قرارات التأميم بمصر في زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مصدر رزقها. وفي ذلك الحين، تركت الجادوي دراستها في مدرسة داخلية، بعد أن حازت المركز السادس على "القطر المصري"، مما كان سيؤهلها للفوز بمنحة لإكمال دراستها في فرنسا. إلا أنها تركت كل ذلك، ولجأت إلى أحد أصدقاء خالتها تحية، الذي وظفها كمحاسبة في "كراج" لشركة نقلٍ عام يملكها.
وهنا، بدأت رحلة التحوّل في حياة الجداوي عندما كانت في عمر مبكر، وكانت تقول في أكثر من لقاء تلفزيوني: "القَطر كان رايح اسكندرية.. فالمحولجي (محولّ سكة القطار) غير القضيب وراح على الصعيد... فبدلاً من أن أذهب إلى فرنسا، ذهبت إلى الكراج"، وقالت إنّ هذه "النقلة من مدرسة داخلية ومربية إيطالية، إلى العمل بكراج"، دفعتها للتوازن، الأمر الذي كان يمكن أن يتسبب لغيرها بـ "خلل نفسي رهيب" على حد تعبيرها.
وبعد فترة قصيرة، وخلال حضورها مع والدتها إحدى الحفلات "على ضفاف النيل"، اختيرت بالصدفة للفوز بقلب "سمراء القاهرة"، حينما تم تسليط الأضواء الكاشفة على الحضور لاختيار فتاة لنيل اللقب، بسبب عدم رضا اللجنة عن الفتيات اللواتي تقدمن رسمياً للمسابقة. الفوز هذا أهّلها للمشاركة بمنافسات "ملكة القطن المصري"، فشاركت بالمنافسات وعينها على الجائزة التي كان من شأنها أن تعيد سكة القطار إلى وجهتها "تذكرة سفر إلى فرنسا"، لكن ذلك لم يحدث رغم فوزها باللقب الملكي، بسبب إشكال أدى لحجب التذكرة.
غير أن صدفة جديدة كانت بانتظار الجداوي في ذلك اليوم من العام 1958، حيث كان بين أعضاء لجنة تحكيم مسابقة "ملكة القطن المصري"، المخرج هنري بركات، الذي اختارها لدور "خديجة بنت المأمور" في فيلم "دعاء الكروان" 1959، كما لفتت أنظار مصمم الأزياء اليوناني بيير كولوفاس، فقرر دخولها إلى عالم عروض الأزياء. وبذلك تكون هذه الصدفة بوابتها لبناء مسيرتها المهنية الممتدة على مدى أكثر من 60 عاماً، كممثلة وعارضة أزياء.
وفي العام 1961 مثلت رجاء الجداوي مصر في الهند، لتقديم عروض أزياء تروج للقطن المصري، تزامنت مع زيارة رسمية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وحينما اكتشف الأخير بالصدفة أنها عارضة الأزياء المصرية الوحيدة إلى جانب أجنبيات في الوفد المصري، وجَه عبد الناصر بتكليفها لتدريب عارضات أزياء مصريات، بحيث يكون تمثيل البلاد بالمحافل الدولية حكراً على المصريين، وبذلك أصبحت رجاء لسنواتٍ طويلة "عارضة مصر الأولى". وبالصدفة أيضاً وعلى نحو طريف، التقت الجداوي حب حياتها حسن مختار حارس مرمى المنتخب المصري لكرة القدم مطلع سبعينيات القرن الماضي، حيث طلبت الراحلة تحية كاريوكا من ابنة اختها أن تؤدي الدور الذي تلعبه الفنّانة نبيلة عبيد في عروض مسرحية "روبابيكيا" بالسودان، بعد اعتذار الأخيرة.
وبعد أيام قليلة من عودتهما إلى مصر، تزوجت الجداوي من مختار، واستمرّت قصة حبهما 46 عاماً، وأثمرت عن ابنتهما الوحيدة أميرة، وفي العام 2016، توفّي مختار.
وأتاحت الصدفة لرجاء الجداوي، أن تحضر وفاة والدها "الحاج علي"، الذي انفصل عن والدتها منذ أن كانت بعمر الـ 3 سنوات، ورغم أنها التقته مراراً في حياته، لكنها لم تشعر تجاهه بعاطفة الابنة تجاه الأب كما قالت في مقابلة تلفزيونية سابقة، إلى أن تلقت خبر وفاته عبر مكالمةٍ هاتفية أثناء تقديمها لأحد العروض المسرحية.
وفي صباح اليوم التالي، ذهبت الجداوي مع إخوتها لتقديم واجب العزاء، وفوجئت بأنها ما زال على قيد الحياة، ما أتاح له طلب المسامحة من أبنائه رجاء وأشقائها، لما اعتبره خطأ بحق والدتهم زوجته السابقة، واستبقاهم على الغذاء الذي دعا إليه إخوتهم غير الأشقاء. وبعدها ذهب ليأخذ قيلولة انتهت بوفاته في حضورهم. فالأمر هذا صدفةٌ كشفت للجداوي أنّ والدها "رجل هايل" على حد تعبيرها، لأن القدر أسعفه بطلب المسامحة من أولاده، وتصفية قلوبهم تجاهه في ساعات حياته الأخيرة.
ولهذا، فإن حياة الجداوي كانت مليئة بالصدف، وقد رحلت ومعها بسمتها وضحكتها وإرثها الذي لن يغيب عن مكتبة الفن العربي.
صدف غيّرت من حياة الممثلة المحبوبة
الصدفة الأولى كانت حينما قررت الجداوي أن تتخلى عن نمط حياتها الباذخ في كنف خالتها النجمة المصرية الراحلة تحية كاريوكا التي ربتها منذ عمر 3 سنوات، للوقوف إلى جانب والدتها في أزمتها الاقتصادية، بعدما أفقدتها قرارات التأميم بمصر في زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مصدر رزقها. وفي ذلك الحين، تركت الجادوي دراستها في مدرسة داخلية، بعد أن حازت المركز السادس على "القطر المصري"، مما كان سيؤهلها للفوز بمنحة لإكمال دراستها في فرنسا. إلا أنها تركت كل ذلك، ولجأت إلى أحد أصدقاء خالتها تحية، الذي وظفها كمحاسبة في "كراج" لشركة نقلٍ عام يملكها.
وهنا، بدأت رحلة التحوّل في حياة الجداوي عندما كانت في عمر مبكر، وكانت تقول في أكثر من لقاء تلفزيوني: "القَطر كان رايح اسكندرية.. فالمحولجي (محولّ سكة القطار) غير القضيب وراح على الصعيد... فبدلاً من أن أذهب إلى فرنسا، ذهبت إلى الكراج"، وقالت إنّ هذه "النقلة من مدرسة داخلية ومربية إيطالية، إلى العمل بكراج"، دفعتها للتوازن، الأمر الذي كان يمكن أن يتسبب لغيرها بـ "خلل نفسي رهيب" على حد تعبيرها.
وبعد فترة قصيرة، وخلال حضورها مع والدتها إحدى الحفلات "على ضفاف النيل"، اختيرت بالصدفة للفوز بقلب "سمراء القاهرة"، حينما تم تسليط الأضواء الكاشفة على الحضور لاختيار فتاة لنيل اللقب، بسبب عدم رضا اللجنة عن الفتيات اللواتي تقدمن رسمياً للمسابقة. الفوز هذا أهّلها للمشاركة بمنافسات "ملكة القطن المصري"، فشاركت بالمنافسات وعينها على الجائزة التي كان من شأنها أن تعيد سكة القطار إلى وجهتها "تذكرة سفر إلى فرنسا"، لكن ذلك لم يحدث رغم فوزها باللقب الملكي، بسبب إشكال أدى لحجب التذكرة.
غير أن صدفة جديدة كانت بانتظار الجداوي في ذلك اليوم من العام 1958، حيث كان بين أعضاء لجنة تحكيم مسابقة "ملكة القطن المصري"، المخرج هنري بركات، الذي اختارها لدور "خديجة بنت المأمور" في فيلم "دعاء الكروان" 1959، كما لفتت أنظار مصمم الأزياء اليوناني بيير كولوفاس، فقرر دخولها إلى عالم عروض الأزياء. وبذلك تكون هذه الصدفة بوابتها لبناء مسيرتها المهنية الممتدة على مدى أكثر من 60 عاماً، كممثلة وعارضة أزياء.
وفي العام 1961 مثلت رجاء الجداوي مصر في الهند، لتقديم عروض أزياء تروج للقطن المصري، تزامنت مع زيارة رسمية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وحينما اكتشف الأخير بالصدفة أنها عارضة الأزياء المصرية الوحيدة إلى جانب أجنبيات في الوفد المصري، وجَه عبد الناصر بتكليفها لتدريب عارضات أزياء مصريات، بحيث يكون تمثيل البلاد بالمحافل الدولية حكراً على المصريين، وبذلك أصبحت رجاء لسنواتٍ طويلة "عارضة مصر الأولى". وبالصدفة أيضاً وعلى نحو طريف، التقت الجداوي حب حياتها حسن مختار حارس مرمى المنتخب المصري لكرة القدم مطلع سبعينيات القرن الماضي، حيث طلبت الراحلة تحية كاريوكا من ابنة اختها أن تؤدي الدور الذي تلعبه الفنّانة نبيلة عبيد في عروض مسرحية "روبابيكيا" بالسودان، بعد اعتذار الأخيرة.
وبعد أيام قليلة من عودتهما إلى مصر، تزوجت الجداوي من مختار، واستمرّت قصة حبهما 46 عاماً، وأثمرت عن ابنتهما الوحيدة أميرة، وفي العام 2016، توفّي مختار.
وأتاحت الصدفة لرجاء الجداوي، أن تحضر وفاة والدها "الحاج علي"، الذي انفصل عن والدتها منذ أن كانت بعمر الـ 3 سنوات، ورغم أنها التقته مراراً في حياته، لكنها لم تشعر تجاهه بعاطفة الابنة تجاه الأب كما قالت في مقابلة تلفزيونية سابقة، إلى أن تلقت خبر وفاته عبر مكالمةٍ هاتفية أثناء تقديمها لأحد العروض المسرحية.
وفي صباح اليوم التالي، ذهبت الجداوي مع إخوتها لتقديم واجب العزاء، وفوجئت بأنها ما زال على قيد الحياة، ما أتاح له طلب المسامحة من أبنائه رجاء وأشقائها، لما اعتبره خطأ بحق والدتهم زوجته السابقة، واستبقاهم على الغذاء الذي دعا إليه إخوتهم غير الأشقاء. وبعدها ذهب ليأخذ قيلولة انتهت بوفاته في حضورهم. فالأمر هذا صدفةٌ كشفت للجداوي أنّ والدها "رجل هايل" على حد تعبيرها، لأن القدر أسعفه بطلب المسامحة من أولاده، وتصفية قلوبهم تجاهه في ساعات حياته الأخيرة.
ولهذا، فإن حياة الجداوي كانت مليئة بالصدف، وقد رحلت ومعها بسمتها وضحكتها وإرثها الذي لن يغيب عن مكتبة الفن العربي.