فساد العقل السياسي العربي !
بسام الياسين
العجيب،ان الوزير البريطاني الوحدوي "ايدن" "عراب فكرة الجامعة والحلول السلمية،هو قائد العدوان الثلاثي ( بريطانيا،فرنسا،اسرائيل) على مصر عام 1956 لضرب النزعة الوحدوية عند العرب،وشل قدرتهم على استعادة حقهم بتاميم قناة السويس،وامتلاك قرارهم السيادي. الثالوث العدواني، حاول ثني الضباط الاحرار الذين فجروا ثورة 1952 بقيادة الراحل جمال عبد الناصر عن مشروعهم القومي،وعندما رفضوا، شن الثالوث الاستعماري عدوانهم لكنه تحطم على اسوار بورسعيد،فسقطت الامبرطوريتان البريطانية والفرنسية،وانسحب على اثرها ايدن من الحياة السياسية، واستقال جي موليه رئيس الوزراء الفرنسي .و تحولت الامبرطوريتان الى دول ذيلية، تلهث خلف الكابوي الامريكي الذي بزغ نجمه.
في عام 2003،قامت بريطانيا ذاتها بالانقلاب على تعاليمها " الوحدوية والحلول الدبلوماسية "،وشاركت بمباركة الجامعة العربية، في غزو العراق باختراق حدوده من ثلاثة محاور، ثم باركت استخدام الوسائل العسكرية عبر حلف "الناتو" لضرب ليبيا.تحولت الجامعة من"كشك صغير" لتعزيز التضامن العربي الى بازار لبيع المواقف،و مظلة لشرعنة الاعتداءات الاجنبية على الدول العربية.هذه الجامعة الكريهة، اتخذت قرارات فورية لتدمير العراق،وصمتت على تدمير سوريا بل شطبت عضويتها مع انها دولة مؤسسة.كذلك تعامت عما يحدث في ليبيا واليمن،واصيبت بالخرس عن ما يجري بفلسطين.فثبت بواقع الحال، ان غالبية الناطقون بلسانها، يكذبون كما يتنفسون و اكثر مكراً من اخوة يوسف الذين رموه في الجب، ثم راحوا يتباكون علية.باختصار، الجامعة تعيش مشروع هزيمة اخلاقية لا تقل عن هزائم منتسيبيها العسكرية،الاقتصادية،التنموية،العلمية والتعليمية.
بالتوازي مع الجامعة جاءت قمم العرب،خطب على خطب، حبر على ورق،مبادرات تساقطت من رزنامة الزمن كالعفن،مصيرها سلة المهملات،ثم رفعت شعارات
غسلتها الامطار وجرفتها للمناهل. قمم لم تنقذ طفلاً من مخالب عسكر الاحتلال،ولم تحرر فتاة من خلف القضبان. قمم للتحايل والاحتيال، للمناكفات البينية، لشراء الوقت وتخدير الاعصاب. لنقل فلسطين المحتلة من قضية قومية جامعة الى قضية «عشائرية» بين اليهود والفلسطينية،من قضية مركزية الى ثانوية،من عقيدة جهادية الى مشاريع خيرية،من صراع بين مشروعين متضادين،عربي وصهيوني الى تعاون امني لوأد المقاومة. بلاد العجائب اوطاني،غارقة في نعيم الفخامة، وغاطسة في خدر النعاس،كأنها في منأى عن جنازير دبابات الصهاينة.الاعجب، ان عربان اليوم،يعتبرون المقاومة ارهاباً و غزة الاسطورة "جنابة قومية" يجب الاغتسال منها،لاجل ان تبقى خطوطهم مفتوحة مع تل ابيب.
من الغرائب، ان حُجة الاسلام الامام الغزالي،شهد سقوط القدس والاقصى بايدي الصلييبين وعاش "١٢" عاماً بعد الاحتلال، لكنه آثر الصمت ولم يستنكره بلسانه، ولم يسجل موقفاً لنصرة اخوانه المجاهدين . ومن الطرائف،عندما كان الافرنج يغيرون على المنصورة في مصر عام ٦٤٧ هـ / ١٢٤٩هـ ويذبحون اهلها،تنادى اقطاب الصوفية لعقد "قمة" دروشة لاستمطار اللعنات على الصليبيين، وقراءة الادعية والاوراد لرد العدوان، والاستعانة بكرامات الاولياء لابادة الاعداء.
المضحك ان الكرامات، لم تظهر ودعوات الاقطاب لم تستجب. ولم يدر هؤلاء، انهم بتواكلهم قد عطلوا اوامر الله تعالى التي لا تحتمل التأويل :ـ «انفروا خفافا وثقالا..." ،"يا ايها الذين امنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم..."، " كُتب عليكم القتال وهو كره لكم..." ،" واقتلوهم حيث ثقفتوهم..."، " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أُولي الضرر والمجاهدون"، " يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال ". الله يحض " المؤمنين "على القتال،اما الجهلة بالتاريخ والجغرافيا والدين،ومكر اليهود فيقولون :ـ " شو دخلنا بفلسطين ".