الإعلام الأُردني في الداخل والخارج؛ إلى ماذا نحتاج حقّاً؟

الإعلام الأُردني في الداخل والخارج؛ إلى ماذا نحتاج حقّاً؟
سلطان عبد الكريم الخلايلة
في بداية الحديث أود أن أبدأ هذا المقال بسؤال رئيسي وهو: هل إعلامنا الأُردني في أزمة؟
أعلم بأن السؤال كبير ولكن المختصّين في هذا المجال يُدركون بأنه مُتشعب الزوايا ومحفوف بالسياسة والاقتصاد والعلم والاجتماع.

إذن هل الإعلام الأردني حقّاً في أزمة؟ والجواب هنا: رُبّما، واسمحوا لي هنا أن أتجمّل الإجابة وادفع بالشكل الدبلوماسي فيها وإلا وقعت في ورطة شرح ما لا أقدر عليه، واسمحوا لي هنا أيضاً بصياغة السؤال بشكلٍ آخر؛ هل نملك أسلحة إعلامية نستطيع من خلالها أن ندافع عن أنفسنا في وقت الأزمات؟ ولِمَ نجحت دول شقيقة في صناعة إعلامهم المؤثر فينا ولم نفلح نحن في صناعة إعلام مُقابل يؤثر فيهم؟

ألم نصنع مؤسسات إعلامية ونمولها بسخاء؟ إذن ما الخطأ الذي وقعنا به؟ إذ فشلنا في تحقيق صوتنا الخاص بإعلامٍ جاد وحقيقي ومؤثر فينا وفي غيرنا لنستطيع من خلاله أن ننافح عن أنفسنا ووطننا ذات ضرورة، وكأن بعضنا يظن أن صناعة ماكينة إعلامية- ولا أقول وسيلة إعلامية- قادرة وفاعلة ومؤثرة أمر من فضلة الأمور حتى زهدنا بها فزهدت هي بنا.

لست أكشف سراً إذ أقول أن همساتنا في جلساتنا الخاصة تحكي الكثير عن هذا العجز، وما يدعو للحيرة أننا كدولة ومجتمع كالسمكة التي تصر على العيش في البريّة، فتصنع لنفسها أقداماً خشبية ثم تنسى أنها سمكة ولن تستطيع التنفُّس سوى ببحر إعلامي فاعل.

أليس لدولتنا دور محور بالغ التعقيد في الإقليم والعالم يُدخلنا في العديد من التحديات ويضعنا على طاولة العديد من المحاور ثم لا نجد صوتاً إعلامياً ينطق بلغتنا ولغة غيرنا ينافح عنا!، فلماذا نسمح أن نضع أنفسنا في مربعات الآخرين الإعلامية!

هذه ليست أسئلة، بل هذه شكوى مُحب لوطنه يريد لهذا الوطن أن يمتلك الأسلحة الإعلامية النووية، فمن دون هذه الأسلحة نكون جسد بلا أقدام، وفم بلا لسان وصوت آخر يهمهم ولا يبين، كون أن ما يسبب الصداع لرؤوسنا هو أن بيننا منارات إعلامية وكفاءات أردنيّة ضخمة في الخارج والداخل، وأن المملكة مليئة بمثل هؤلاء الكبار، ونجد هنا بأنّ المطلوب الآن هو وضع استراتيجية ومنظومة إعلامية حتى لا نبقى داخل حدود الوطن، ونَغيب ونُغيّب كوطن يُقدّم الكثير.

ولي تساؤلات أُخرى هنا وهي: كيف لنا أن ننقل للعالم أفكار الرؤية الملكية بلسان إعلام مبين؟ وكيف لنا أن نكون رديف للماكينة الدبلوماسية في المحافل الدولية دون الإعلام؟ وكيف لنا أن ننجح في إيصال فكرتنا ورؤيتنا في الأزمات، وأن يكون الجميع حاضراً لدحض اتهامات من هنا وأكاذيب من هُناك؟

وفي خضم الحديث، انظروا كيف استطاعت دولة شقيقة في الاستفادة من هيكل الإعلام رغم خرافاته وخُزعبلاته وكثيراً من المواقف على مدار السنوات، فتحوَّل وتحولت معه وسائلهم الإعلامية إلى ماكينة ضخمة، برغم أن هذه الماكينة اليوم ضعفت واهتزت وصارت تعاني كما نحن نعاني، فنحن الآن بحاجة إلى إعلام حقيقي يصفع الصفقة ويسبح بجد واجتهاد في المنطقة الملتهبة والأحداث المتغيرة التي يتسارع فيها احتلال اسرائيلي وأطراف دولية للإضرار بنا في كل نزاع، وبرغم ذلك كله ما زلنا نفتقد كثيراً لماكينة إعلامية مؤثرة وضاغطة.

إننا بحاجة اليوم لماكينة متكاملة تضع خطط للإعلام الخارجي لتتناول قضايا الوطن وشرح مواقفه وإبرازها وإعطائها حقّها، وإظهار الاعتدال في سياسة أردننا ودبلوماسيته النشيطة والفاعلة، ماكينة تشمل كل سفارة أُردنية في الخارج وخاصة عواصم دول مهمة، وذلك بتفعيل مكاتبها الإعلامية لتساند الإعلام في الداخل.

كما يجب هنا الإشارة إلى تجفيف منابع أقلام الولاءات العابرة للحدود ممن يكتب لصالح سياسات دول أُخرى رغم جنسيته الأُردنية وهذا لا تجده في أغلب الدول، فهُم أقلام مأجورة لها دورها في إضعاف أي جهد ليكون لدينا إعلام خارجي قوي لأن ذلك يجفف تمويله وما يعتاش عليه بفعل كتاباته التي تطعن خاصرة الوطن.

ختاماً أقول، إن المطلوب ومنذ الآن بناء ماكينة إعلامية أردنية ووضع استراتيجية وطنية لها وتعزيزها لتكون دائمة وحاضرة، حتى لا تكون مواقفنا ضعيفة وصوتنا صامت.
تابعوا الوقائع على