الوطن ليس تكية للكسالى !

الوطن ليس تكية للكسالى !
بسام الياسين
اسرائيل تُدار بعقلية القلعة، والدول العربية تُدار بعقلية القبيلة. عقليتان خارج منطق المنطق .اسرائيل واحة ديمقراطية، داخل صحراء متوحشة. كذبة كبيرة،انطلت على عربان ،ترعرعوا على سياط الحكام، ونبتوا على رعب عرفية الاحكام العرفية ،وسطوة النخب العائلية وتغييب قيم المساواة والعدالة . دول الخوف ومدن الملح، لا تلد الا المسوخ والعاهات،حالها حال ضفادع المستنقعات، التي لا تعرف ان هناك محيطات لا حدود لها، ولم تسمع عن انهار عظيمة، تحمل سفناً عملاقة.المجتمع الصهيوني كالاسبارطي، يقوم على عسكرة الشعب،وميزانية الحرب.عقيدته تؤمن ان القتل وسيلة دفاعية لتحطيم العدو، لخصها بن غوريون :ـ ان مستقبل اسرائيل لا تحدده الاقوال بل ما تفعله بنادق جنودها،بينما العربان لا يؤمنون بالديمقراطية بل بالقبيلة وحكم العائلة وبسط العدالة بالهراوة.جُلَّ الدول العربية، برلماناتها حكومية صرفة، لانها لم تأت بانتخابات حرة، فيما دول مجالس الشورى ـ باستثناء الكويت الديمقراطية ـ يجري تعيينهم،من اهل الولاء والبيعة،والترديد خلف الامام،اما دورهم ،فيقتصرعلى حمل الاختام و البصمة.

زعبرة الاعلام الرسمي، لا تبني ديمقراطية.وشعوبنا تنظر لإعلامها ككذبة.لا احد يسمعه، وان سمعه لا يصدقه،اما الحرية مكبلة تحت خوذات العسكر، و مرهونة بقناوي الشرطة.نظرة في الشوارع العربية،ترى وجوهاً بائسة، شوارب منكسة و اخرى مقصوصة بمقصات جز الاغنام، ورؤوساً محلوقة على الصفر في غرف التوقيف كأنها مصابة بالجرب،اما اليهودي فيعيش سيكولوجية الانسان الشرير، المتجرد من الرحمة، بسب عقدة المظلومية ،المعشعشة في عقله الباطن،لذلك متعته تعذيب غيره،هدم منزله ثم طرده من وطنه .

موسوليني ديكتاتور تاريخي.لديه قناعة حد اليقين،ان الشعوب كالنساء، تحب الاقوياء.التواء فكري، صار نهج حكم، إنتهجه الطاغية فاستنسخه الحاكم العربي، ليصبح معبود الجماهير.المصيبة نجاح هذا النهج في ترويض الشعوب،حتى غدت كالحملان، تتحرك بتلويحة عصى وتقف بصرخة مزمجرة،وتتلذذ بالتعذيب.سؤال يُسأْلَ :ـ هل الشعوب العربية تعاني من ماشوذية ـ ” التلذذ بالاهانة وتمريغ الكرامة”؟! ـ

اذا كان الجواب ” لا "،فلماذا السكوت على الظلم ؟! .امتنا ولادة،جذورها ضاربة في بطن الحضارة، وسجلها عريق في التضحية . اذاٍ،لماذا الصمت حد الموت ؟!. وكأن الناس على رؤوسها الطير،فلا هي حية كالشعوب المتقدمة ولا مدفونة كالاموات ؟!.

في العالم كله تتجدد الدولة الا عندنا،تظل منظومة النخب ـ تحكمنا،ويجري تدويرها من المهد الى اللحد ـ حتى تبقى على اكتافنا،تمد ارجلها على صدورنا. هؤلاء لا يعنيهم الناس،انما شغلهم الشاغل مراكمة إلاستئثار بالسلطة، بينما الشعب” لا بواكي له او عليه ".ـ يا حسرتي عالشعب ـ الحكومة عليه،البرلمان عليه،الاعيان عليه،الضرائب عليه،المنخفضات الجوية عليه،المديونية بذمته والكورنا تتلف حول رقبته مثل حية سامة. ما اقوله ليس دعوة للطم الخدودـوشق الجيوب بل صرخة لإصحاب القرار ان يتقوا الله فينا ويرحمونا..

ذات امسية كنت، في مطار الملكة علياء،مودعاً ابني محمد الحاصل على ماجستير محاسبة،بمرتبة الشرف الاولى من جامعة اليرموك، للعمل في دولة شقيقة ،ليوفر المال اللازم لدراسة الدكتوراة، بناءً على نصيحة استاذه البروفيسور/ ميشيل سويدان .ما يؤلم ان لا مكان لمتفوق في وطني، مع انه سخي على ابناء النخبة،اولئك الذين ينظرون للوطن على انه ” تكية ” للكسالى .

في المطار، رأيت دموع فرح في عيون القادمين للوطن، ودموع حزن في مآقي المغادرين.وعندما لوحت لابني من بعيد، شعرت بملوحة دمعة ،هبطت على طرف شفتي.عندها تذكرت اجمل ما قرأت :ـ{ في المطارات شاهدت، قبلات اشد حرارة من قبلات الزفاف،وسمعت في المستشفيات دعوات اصدق من دعوات المعابد }. وانا بدوري ادعو:ـ محمد رافقتك السلامة ،وانت وكل الاردنيين المسافرين للغربة،لشراء شقة صغيرة في وطنهم،توفير ربطة خبز بكرامة لاهلهم بعد ان صار كل شيءٍ عزيزاُ في وطني،جراء سياسات خاطئة للهواة المتدربين،وغياب للخبرة والكفاءة والالمعية .

بني :ـ وصيتي اليك، رغم ما كان ،وما هو كائن، وسيكون، ان تشيل وطنك في عينيك، و تضعه في اوسع حجرات قلبك،فالمنتمون لا يرهنون الوطن بوظيفة او شرهة. ـ احبك ـ.

تابعوا الوقائع على