الإطار القانوني للتعلم عن بعد

الإطار القانوني للتعلم عن بعد
أ.د. نعمان الخطيب
نشكر زميلنا الأستاذ الدكتور يونس مقدادي أستاذ إدارة الأعمال والتسويق في جامعة عمان العربية على مقالته القيمة التي نشرها على موقع الجامعة بعنوان "الأطر التشريعية لمنظومة التعلم عن بعد" الذي يطل من خلالها إطلالة عالم الإدارة على واقع التعلم عن بعد في الجامعات الأردنية والتحديات التي تواجهها الجامعات مع غياب الأطر التشريعية لمنظومة التعليم العالي التي تضبط هذا الواقع بجوانبه المتعددة التي لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فحسب، وإنما على الجانب الاقتصادي والمالي والإداري وحتى على الجانب الاجتماعي والنفسي، وإن دلت هذه المقالة على شيء فإنما تدل على تفاعل الزملاء أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة مع ما يدور حولنا من أحداث خاصة فيما يتعلق بالتعليم العالي والجامعات والرسالة المناطة بها في ظل معاناة العالم من جائحة كورونا التي لم تترك قطاعاً في هذا العالم إلا وأثرت فيه وغالباً تأثيراً سلبياً وأحياناً أكثر من ذلك تأثيراً مدمراً، الأمر الذي دفع قيادات العالم السياسية والاقتصادية والعلمية إلى التفكير ملياً بتقدير هول الكارثة ومحاولة وضع الحلول للخروج منها بأقل الخسائر، ولعل التعليم العالي ودور الجامعات قد أخذ حيزاً كبيراً من تفكير جلالة الملك والحكومة والبرلمان ومجلس التعليم العالي وجهداً طيباً ومشكوراً منهم في توجيه مؤسسات التعليم العالي لاتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات وتدابير من أجل ضمان سير هذه المؤسسات الهامة وبأقصى طاقاتها البشرية والمادية والعلمية وعدم توقفها أو تعطلها عن أداء دورها في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع.

وكان العمل بقانون الدفاع رقم (12) لسنة 1992 بتاريخ 17/3/2020 مظلة دستورية وقانونية كافية للاستناد إليها في تصحيح بعض المسارات وتجاوز بعض المحطات والمعيقات وتوجيه المسارات والسياسات للخروج من هذا الحال الخطير بأقل الخسائر والامكانيات التكنولوجية المتاحة والمتوفرة في الجامعات وتسخير كافة الإمكانيات لاستمرار العملية التدريسية والبحثية وخدمة المجتمع، وإن كانت هذه الإمكانيات لا توفر لنا الوصول الأمثل للهدف المنشود عملاً بقاعدة "ما لا يدرك جله لا يترك كله".

مجلس التعليم العالي بتكونيه وقدراته وإمكانياته وخبراته تابع تطور الأمور بدقة وتمكن من خلال الصلاحيات التي منحت له بمقتضى أوامر الدفاع أن يُعدل بعض الأحكام وآليات اتخاذ القرار في الجامعات بفاعلية لضمان توحيد بعض القرارات التي تكفل استمرار العملية التعليمية والوصول إلى بر الأمان مع ما لاقى من تجاوب محمود ومشكور من إدارات الجامعات في التفاعل مع هذه القرارات والتوجيهات التي مكنت الجامعات من الاستمرار في عطائها وعملها كما هو في قانون الجامعات الأردنية الحالي رقم (18) لسنة 2018 المعدل وقانون التعليم العالي والبحث العلمي رقم (17) لسنة 2018 المعدل وقانون هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي رقم (20) لسنة 2007 وتعديلاته والأنظمة والتعليمات والمعايير الصادرة بمقتضى كل منها.

وعودة إلى دعوة الزميل الأستاذ الدكتور يونس مقدادي إلى بدء العمل بإعداد منظومة قانونية للجامعات الأردنية والتعليم العالي لاستيعاب الظروف الحالية والمستقبلية وتحدياتها بعد مرور سنة على جائحة كورونا، لا بد من التوضيح أن ما اتخذه دولة رئيس الوزراء من أوامر دفاع وما قرره مجلس التعليم العالي وما نفذته وطبقته الجامعات لمجابهة هذا التحدي كان في مستوى المسؤولية التي تتطلبها هذه المرحلة وما أسدلته من مصاعب وهموم وأعباء، وهذا شأن الأردن دائماً بقيادته الهاشمية الملهمة وأبنائه المخلصين، لا بل إن مجلس التعليم العالي كان قد استبق هذه الأحداث وأصدر تعليمات ومعايير عام 2002 خاصة بالجامعات التي تقدم برامج التعليم عن بعد، وأخرى خاصة بتلك التي تقدم برامج التعليم المفتوح، وعرفت التعليم عن بعد بأنه التعليم الذي يتم كله أو بعضه باستخدام تقنيات الاتصال المختلفة عندما يكون المدرس والطالب في مكان أو زمان مختلفين، كما وضع تصوراً كاملاً لمفهوم الجامعة التي تقدم برامج التعلم المفتوح وشروطها لتكون جاهزة للتطبيق في الزمان والمكان اللذين يرى مجلس التعليم العالي مناسبين لذلك.

إن دعوة الزميل الأستاذ الدكتور مقدادي إلى المبادرة بوضع الأطر التشريعية لمنظومة التعلم عن بعد، دعوة صادرة عن أستاذ ذي بصيرة علمية إدارية وخدمة طويلة في التعليم العالي يمكن الاستفادة منها لدى صاحب القرار مستنداً إلى ما أشرت إليه من تشريعات تم وضعها عام 2002 واستكمال هذه المنظومة مع إعادة صياغة تشريعات التعليم العالي والجامعات على مستوى القوانين والأنظمة والتعليمات والمعايير لتتناسب مع هذا الحدث وتكون قادرة على استيعاب أي تطورات مستقبلية.

 
تابعوا الوقائع على