علاء و بهاء، و سؤال أدرس طب ولّا ما أدرس طب؟

علاء و بهاء، و سؤال أدرس طب ولّا ما أدرس طب؟
محمد عبد الحميد القضاة
جدلية موسمية تتكرر مثل هذا المنشور مع كل موسم نتائج للتوجيهي او موسم عدم الحصول على فرصة دخول برنامج الإقامة بعد التخرج. وهذه الجدلية مهما كانت نتيجتها الشخصية عزيزي المُحتار بالإجابة، لن تؤثر في حالتك إلا عليك انت و واحد من مليار من سكان الكوكب ( بما فيهم حماتك المستقبلية)، لذلك لا داعي للدخول في كثير من التوتر بسبب هذا السؤال، و أنصحك بمتابعة كل ما كتبه الزملاء سابقا حول الأمر، و أحاول ان أزيد التالي:

1- اذا كان عندك طموح للطب وحُب للطب وحصلت على معدل توجيهي يسمح لك بدخوله، ادرسه مهما كانت الصعوبات، فصاحب الطموح سيجد لها حلّا بأقل كمية من الشكونة ولو بعد حين.

2- كليات الطب في الأردن كلها متميزة، والجميع يعرف ان كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا والجامعة الأردنية لها أسبقية الأقدمية والتصنيف المتميز عالميا حسب المعايير المعتمدة، ولكن هذا لا يعني ان كليات الطب في جامعة مؤته والجامعة الهاشمية أقل مستوى، فأغلب العلامات العالية في امتحانات الإقامة المحلية كانت من طلبة مؤته والهاشمية. واليرموك والبلقاء سيكون مستقبلهما أفضل بكثير لأنهما تأسستا على قواعد الكليات السابقة، وبدأت نتائج طلبة اليرموك بالظهور في تقييمات الزملاء الذين أشرفوا على تدريب بعض طلبة المساقات الاختيارية. أما البلقاء فبعد سنوات قليلة ستكون من الكليات الأكثر تميزا في المنطقة كاملة.
لذلك مهما كانت الجامعة التي ستدرس بها الطب، تأكد ان الاعتماد الرئيسي هو عليك انت وليس على الجامعة، فالطالب هو المسؤول الأول والأخير عن تميزه.

3- لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يتسع سوق العمل لكل الخريجين الأردنيين من كليات الطب، فأعداد الطلبة اكبر بكثير من حاجة السوق الحقيقية. ورغم النقص في اعداد أطباء الإقامة، إلا أنه وحتى ان وصلنا إلى العدد المطلوب عالميا، فإننا لن نستطيع تأمين مقعد إقامة لكل خريج.

4- دول العالم المتقدم التي يذهب إليها خريجونا لإكمال دراساتهم العليا في الطب استطاعت ان تؤمّن دخلاً ماديا جيدا لمواطنيها من تخصصات غير الطب، فعزف كثيرون منهم عن دراسة الطب واشتروا حياتهم وسعادتهم. ولذلك تجد هذه الدول دائما تفتح أبوابها للأطباء من دول الخارج لأن ابناءها لا يتهافتون على الطب كما نفعل نحن.

5- في ظل عدم تحوّل الدولة نحو نظام الرعاية الصحية الأولية، وفي ظل إصرار الخريجين على تخصصات معينة وإهمالهم لتخصصات طب الأسرة والطب النفسي، لن نستطيع تأمين تحسن في الخدمة الصحية للمواطن، ولا إيجاد وظائف للأطباء الخريجين. وعليه المسؤولية مشتركة، بين حكومة تؤخر للآن التحول نحو نظام الرعاية الصحية الأولية، وبين مجتمع يضغط على أبنائه ليكونوا كلهم جراحي قلب او مسالك مثل بهاء، مع أننا للأمانة لو استثمرنا بالطب النفسي عند علاء فلن نحتاج لبهاء.

6- الطب مثله مثل غيره من التخصصات أصبح للذكاء الاصطناعي دور كبير فيه، وتخصص مثل تخصصي ( باثولوجي ) سيكون خلال أعوام قليلة جزءا من الماضي بسبب توسع الذكاء الاصطناعي فيه وعدم الحاجة من الآن فصاعدا لأعداد كبيرة في هذا التخصص. ولذلك عليك عزيزي الباحث عن مستقبل سعيد ان تفكر جيدا اين تستغل قدراتك وذكاءك، في الطب ام في مستقبل الانسان؟

7- الطب ليس تخصصا مستحيلا ولا هو بالصعوبة التي ترسمها شكاوى طلبته ولا انزعاج المختصين فيه، الطب متعب ومشواره طويل جدا، قد يمتد الى 13 سنة دراسية بعضها برواتب بسيطة جدا، ولكنه تخصص يستطيع أي شخص ان يتجاوزه اذا اعطى الدراسة حقها.

8- عند التخرج من البكالوريوس، مقاعد الإقامة يحصل عليها ( في أغلب المؤسسات ) الطلبة الذين يتجاوزون أسس المفاضلة المعلنة بأعلى العلامات. لذلك عدم حصولك على مقعد إقامة هو مسؤوليتك وليس مسؤولية من حولك. لا أحد يمنعك من الاجتهاد من البداية لتحصل على اعلى العلامات وتتميز.

بعد كل هذا، هل أدرس طب؟
اذا كان طموحك الطب، ادرس طب. واذا كان الطب أحد الخيارات، فأنصحك ان تنطلق في الدنيا وتدرس غيره، ففي الدنيا سعة أكثر بكثير من ان تقضيها في 13 عام إضافية ولا تدري بعدها اين ستكون.

على الهامش: شهادة الطب اسمها MD
MD stands for Medical Doctor, not for Master in Drama.

وسلامتكم، والتخصص تفاصيل.
 
تابعوا الوقائع على