فلسفة تزييف الوعي ...

فلسفة تزييف الوعي ...
خليل النظامي
بكل بساطة معظم الحكومات المحلية تعمل على نهج فلسفة اعلامية تتمحور حول اثارة الرأي العام بالقضايا الانسانية والاجتماعية والخدمية والاحداث الآنية وجعل اهتمام وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي شبه محصور في هذه القضايا، وبات الأمر وكأنك تقرأ صفحة "الحوادث" في وسيلة اعلام جماهيرية ليس فيها سوى الجرائم والحوادث والصور الخبرية للقضايا الاجتماعية والانسانية والقصص الصحفية التي تثير مشاعر الناس وتشكل تفاعل قوي وصولا لجعلها قضايا رأي عام.

وربما يسأل سائل، وما الفائدة التي ستجنيها الحكومات بهذه الفلسفة،،؟

طبعا التيار الليبرالي والتنويري ذكي جدا في ادارة مثل هذه الامور، وهنا اقصد العقول الليبرالية التنويرية في الحكومة، ومن المؤكد انها ستجني فائدة كبرى بإقصاء الاعلام والصحافة عن القضايا المفصلية في الدولة الاردنية تلك التي تتعلق بالقضايا الاقتصادية مثل الموازنات والقرارات المتعلقة بالضرائب والبنوك، وسوق العمل والبطالة والفقر، وصورة شبه الفشل في ادارة هذه الملفات.

وهذا الاقصاء من جهة ادى الى تحويل مسار وسائل الاعلام الجماهيرية والرأي العام الى الانسياق خلف القضايا والاحداث الآنية - التي اشرت لها سابقا - والتي يكون حلها على طاولة الحكومة سهل جدا وطبعا هذه الفائدة الثانية التي تجنيها الحكومة حيث ان هذا امر يعزز ثباتها ويعزز ثقة المكونات بها، وفائدة انشغال وسائل الاعلام والرأي العام عن القضايا المفصلية في الدولة ومتابعتها.

والدليل على حديثي ان القضايا التي شكلت وشغلت رأي عام منذ حوالي سنة لغاية الان معظمها قضايا انسانية وحوادث وامور اجتماعية وقضايا سخيفة جدا، وبعضها تعود الى سوء في تصريحات بعض المسؤولين وسلوكياتهم في اروقة مؤسساتهم او في الميدان، او ما ينتج محتوى تطبيق التيكتوك، او التصريحات الاستفزازية لأشباة العلمانيين، حيث اننا لم نرى اي قضية شكلت رأي عام لها علاقة بالقضايا المفصلية في الدولة مثل الفقر الذي تم نسيانه بمجرد الاعلان عنه، والبطالة التي لا تجد وسيلة ولا منصة تتابع ما يجري على ملفها، وقانون الضريبة والضرائب والفوائد التي تفرضها البنوك والكثير الكثير من الامور المفصلية.

ومن الادوات المسانده للفلسفة الاعلامية التي سلكها الليبراليين الاعتماد على بعض اشباه الصحفين والذين للأسف لديهم قاعدة بيانات عالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المؤثرين ايضا تم استخدامهم لإفتعال الازمات من خلال نشر القضايا الاجتماعية والانسانية والمشاهد السخيفة، كما اقنعوا بعض الشخصيات بعمل قروبات على تطبيق "الواتس اب" وصبغتها بلون الصوالونات السياسية واعطاءها اهمية كبيرة في بعض الاوساط لتكون منابر محايدة وهي بعيدة فعليا كل البعد عن الحيادية، وجمعت فيها كل من له قاعدة بيانات ومؤثر ليتم الطبخ فيها ومن ثم نقله الى وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي..
تابعوا الوقائع على