مفتاح تمكين المرأة الأردنية في البوادي

مفتاح تمكين المرأة الأردنية في البوادي
زينب البدول
 تعاني المرأة في البادية الأردنية من معوقات عديدة أضعفت دورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وقادت تلك الحالة إلى انتشار حالة من الهشاشة في المجتمعات البدوية عموما، فالنظام الاجتماعي والثقافي بطيء التطور، والنظام الاقتصادي يخلو من الفرص التي تعزز مشاركة المرأة في العملية الاقتصادية، وأكثر من هذا وذاك أنّ هنالك قصوراً معرفياً وضعفاً نظرياً في إدراك التحديات والأزمات والواقع العام الذي تعايشه المرأة في البادية الأردنية، مما ينعكس بصورة واضحة من خلال فجوات التنمية أو الفشل في المشروعات التدريبية (التي تتولاها مؤسسات التمويل الدولية والمجتمع المدني)، مما انعكس على اختلالات كبيرة في هذا المجال.

إذاً المطلوب ابتداءً بناء إطار نظري واضح لحالة المرأة في البادية والتحديات والفرص والأولويات التي من خلالها يمكن الانطلاق برؤية منهجية ومسار واضح يحقق خطوات رائدة في تغيير واقع المرأة في مجتمعات البادية، هذه الرؤية تبدأ من خلال ثنائية تتضمن التمكين الاقتصادي والسياسي، فالمرأة تحتاج الى تحسين ظروفها المعيشية لكي تكون قادرة على المشاركة السياسية، ولغاية يومنا هذا لم يتوفر أي خطاب تنموي يعمل على إدماج المرأة وتعزيز دورها، ولذلك نلحظ جهودا مشكورة لمنظمات دولية ومحلية تعمل هنا وهناك من أجل إكساب المرأة مهارات ومعارف وقدرات تقدم لها كعتبة أولى من عتبات التمكين، لكنها غير كافية بسبب اتساع مساحات البادية، وتباعد مناطقها عن المراكز الحضرية، أما في الجانب السياسي فلا زالت المرأة خاضعة للشرط السياسي الذكوري.

الخطاب الحكومي ينحى تجاه الريع، من خلال تقديم مساعدات خيرية عاجلة محدودة لا تحقق الهدف المنشود، ولا يأخذ بعين الاعتبار بناء مشروع وطني ذي أبعاد اجتماعية اقتصادية يعمل على تحقيق المستوى المقبول من العيش الكريم، ورغم أن البادية تتوفر فيها شروط التنمية الزراعية ومشاريع التعدين والطاقة المتجددة والسياحة، لكن تلك المشاريع لا زالت تستثني المرأة من خططها واستثماراتها.

المفتاح الرئيس الذي نقترحه في هذا المقال لإحداث نقلة نوعية في تمكين المرأة في البادية هو تشكيل حواضن تنموية ثقافية للنساء في البادية تتحدد برامجها وفق احتياجات تلك المناطق، وتعمل تلك الحواضن على استقطاب النساء ونشر الوعي بمختلف قضايا الحياة، الى جانب تأهيل النساء للعمل وممارسة العمل الاجتماعي والسياسي، كما يمكن للحكومة أن تقوم بإعادة صياغة الشروط التنموية المتعلقة بالاستثمارات الزراعية والتعدين والطاقة والسياحة لتتلاءم مع قدرة النساء على الاندماج والعمل.

المطلوب اليوم مراجعة الخطط والجهود والبرامج المخصصة لنساء البادية بما يضعها ضمن منظور شمولي يتضمن تنفيذ توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي ركزت بدورها على تمكين النساء سياسياً، ويأخذ بعين الاعتبار ضرورة التكامل مع الجهود الدولية والحكومية الأخرى والاستراتيجية الوطنية للمرأة واستراتيجية مكافحة الفقر، كي تعمل جميعاً ضمن نسق متكامل لا أن تكون جهود مبعثرة آنية كما هو الواقع اليوم للآسف الشديد!

إن جميع التقارير السنوية الصادرة عن المؤسسات الوطنية الحكومية والأهلية تشير صراحة إلى ضعف مستوى مشاركة النساء الأردنيات خصوصا في القطاعات الاقتصادية، ما يتطلب تضمين بنود مخصصة للمرأة في الموازنة العامة للدولة، ولكي تستفيد النساء في مناطق البادية من الفرص والموارد، يجب على الحكومة البدء بإنجاز برنامج وطني تنموي يعمل على إشراك النساء في العملية الاقتصادية بداية وصولا إلى مرحلة المشاركة السياسية.


تابعوا الوقائع على