خصوصية الصدمة والاعلام

خصوصية الصدمة والاعلام
د. رانيا اسماعيل
من الطبيعي أن يتعرض الشخص فينا لمواقف صادمة في حياته ، تؤثر عليه بنفس لحظة الموقف وتؤثر عليه فيما بعد ، وقد يستمر أثرها لسنوات رغم التدخلات العلاجية ، وهذا يقودنا للحديث عن الصدمة النفسية وكيفية التعامل معها من قبل الإعلام والناس.

فالصدمة النفسية هي استجابة لموقف ضاغط صادم يسبب الكثير من الاعراض النفسية والجسدية التي تثقل كاهل الشخص، وتجعله غير مدرك لما يحدث حوله، لذا ليس من المناسب إجراء أي لقاء صحفي أو تلفزيوني أو اذاعي مع الشخص المصدوم ، لأن هذا يعتبر اعتداء صارخ على خصوصيته في هذه الأوقات الصعبة، حتى وإن أبدى رغبته بذلك، فهو غير مدرك لما يحدث ولما يفعل فور وقوع الصدمة، و هو غير مدرك للكلمات التي قد يتفوه بها ويندم عليها لاحقا، هو بحاجة للتعبير عن مشاعر معينة تخصه أو تخص غيره قد تكون حساسة جدا، ومن غير المناسب نشرها للعامة .وتناقلها عبر وسائل الاعلام بأشكاله المتعددة .

فهو فعليا بحاجة للدعم النفسي، ولكن ليس بهذه الطريقة هو بحاجة للتعاطف لكن ليس على مستوى لا يوفر له الحماية والأمان النفسي، هو بحاجة للتعبير عن عواطفه، ولكن بشكل يحفظ له كرامته وخصوصيته، هو بحاجة أن يكشف للعالم عن مأساته، لكن ليس وهو هائم على وجهه، قلق، متوتر ، فزع، مشوش، غير مستقر عاطفيا وعقليا، وغير قادر على التعامل مع الحدث الصادم الذي يمر به، هو بحاجه لدعم مدروس حتى يستطيع أن يتعافى من هذا الحدث ويكون قادر على التعبير عما يريده هو وليس عما نريده نحن .

قد يكون الهدف من اللقاءات والمتابعات هدف إنساني، وهنا أفترض حسن النية لأنني أعرف وأعي نفسية المجتمع الأردني، فهو مجتمع محب، ودود، داعم، يدعم القضايا الإنسانية، ولكن بالمقابل هنالك أشخاص لديهم أهداف أخرى لا إنسانية، حتى تعاطفهم الذي يظهرونه للناس وللشخص الواقع تحت تأثير الصدمة تعاطف مزيف مفتعل منقوص لا يرقى لمستوى الحدث والصدمة ..

من الضروري أن نعلم بأن لبعض الأشخاص الواقعين تحت تأثير الصدمة ردود فعل خطيرة لا نتوقعها ، و قد يشعر الشخص بالخدر النفسي والانفصال عن الواقع حتى يحمى العقل نفسه ، بل قد تحذف ذاكرتهم أجزاء لا يودون تذكرها من الحدث كطريقة دفاعية لإعادة التوازن النفسي، لذا علينا أن نكون حريصين في انتقاء كلماتنا وأسئلتنا وتعليقاتنا لهم ، حتى لا نعيد تذكر هذه الأحداث بطريقة غير مهنية وغير مدروسة قد تجعل حالتهم أسوأ .

حبذا لو كان هنالك قانون يحمي الشخص الواقع تحت تأثير الصدمة من استغلال البعض لقضيته من أجل احراز شهرة لشخص مغمور، أو تحقيق مشاهدات لفيديو على أحد التطبيقات، ومن الأفضل أن يكون هنالك موكل أو شخص قريب منه للتصريح بمعلومات عن طبيعة الحدث الصادم وأثره.

تابعوا الوقائع على