لا لحكومات المهمات
د هايل ودعان الدعجة .
اكثر ما يميز الحكومات الاردنية المتعاقبة ، وتحديدا في السنوات الاخيرة انها حكومات مهمات محددة وليست عامة . وغالبا ما تكون مرتبطة برفع الاسعار ( المحروقات مثلا ) او الضرائب والرسوم او بتعديل الدستور او باقرار قوانين وتشريعات بعينها ، قد يكون لها علاقة بتركيبة المجتمع وبنيته ومكوناته وثوابته ومنظومته الاخلاقية والقيمية والاجتماعية وغيرها او قد تكون هذه المهمات مرتبطة بعلاقات واتفاقيات دولية ومؤسسات مالية عالمية كصندوق النقد الدولي او بالعلاقات مع الكيان الاسرائيلي او قد تنطوي على ملفات معينة تقتضي السرية وعدم اطلاع العامة عليها ، وغير ذلك من المهمات التي غالبا ما تكون غير شعبوية ومكلفة شعبيا للحكومات والشخصيات التي تقبل بها وتتولى تنفيذها . لذلك تكون الجهود منصبة على البحث عن اشخاص ( رؤساء حكومات ووزراء ) من نوعية خاصة ولديها الاستعداد للقبول بهذه المهمة ، وليس شرطا ان تكون من اصحاب الكفاءات . بحيث نصبح امام حكومات مهمات وليس حكومات كفاءات .
خطورة هذا النوع من الحكومات ان عملها سيبقى مقتصرا ومحصورا بالمهام المطلوبة منها والتي تشكلت من اجلها دون الاهتمام بالملفات الاخرى التي تهم الشارع الاردني كالملف الاقتصادي مثلا . اضافة الى انها قد تفتح المجال لتكريس المحسوبية والشللية والعلاقات الخاصة والشخصية عند اختيار عناصرها ، حتى وان اقتضى ذلك اجراء عدة تعديلات على الفريق الوزاري بغض النظر عن حجج ومبررات ذلك ، طالما ان المطلوب هو استثمار الفرصة ومحاولة ارضاء اكبر عدد ممكن من الاصدقاء .. مع ابقاء الفرصة مواتية لدى البعض الذي قد يذهب الى ابعد من ذلك في تفكيره في كيفية استثمارها واستغلالها من خلال تحقيقه لمصالح ومكاسب خاصة .
لذلك لا غرابة ان تتسع فجوة عدم الثقة الشعبية بالحكومات المتعاقبة ، وان لا يقتنع المواطن بادائها ، لانها ستكون بلا انجازات ، وستتركه يعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية ومالية ومعيشية ، كونها خارج اهتماماتها واولوياتها التي ستكون منصبة على المهمات والملفات التي تشكلت من اجلها . ومع ذلك ستبقى الفرصة متاحة امام عناصرها لتقلد مناصب اخرى هامة في الدولة او حتى العودة الى مناصبهم التي شغلوها كرؤساء حكومات او وزراء طالما انهم نجحوا او حاولوا القيام بالمهام الخاصة الموكلة لهم .
دون ان نغفل حاجة مثل هذه الحكومات الى مجالس نيابية طيعة وعلى ( قد الإيد ) ويسهل اختراقها ، لضمان نجاحها بتنفيذ المهام الموكلة لها من خلال اقرار القوانين والتشريعات والقرارات والسياسات المطلوبة وتمريرها . الامر الذي يسهل توفيره مع كل اسف ، طالما اننا لم نصل الى عهد الحكومات الحزبية ( البرلمانية ) التي تجسد المشاركة الشعبية في كيفية تشكيلها ، بحيث يشارك المواطن ومن البوابة الحزبية باختيار عناصرها ، طالما بقي هذا المواطن يعاني من عدم وجود حكومات ومجالس نيابية تمثله وتعبر عن مصالحه وتطلعاته وتتعاطى بمسؤولية مع الملفات والقضايا التي تهمه وتلامس همومه واحتياجاته .