الرفاعي: شجعنا القضاة على المشاركةِ السياسية بضمانِ العدالة
الوقائع الإخبارية : قال رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي ان اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أكدت ضرورة الحفاظِ على استقلال القضاء، مع تشجيع القضاة بشكلٍ غيرِ مباشر، على مشاركةِ المواطنينَ في الحياةِ العامةِ والسياسية، عبرَ ضمانِ العدالة، والفصلِ بينَ السلطات.
وقال الرفاعي خلال لقاء في نادي القضاة المتقاعدين ان هذا شَأنَهَم شَأنً مُنتسبي بعض مؤسسات الدولة وبالأخص قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية والرقابية، التي ومنذ تأسيس هذه المملكة كانت الحصن المنيع وحامية الأرض والعرض وستبقى تحت مظلة قائد الوطن لجميع الأردنيين والأردنييات، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، طالما عملوا تحت مظلة القانون والدستور.
وتاليا نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين،
الذوات الأجلاء الأكارم، حماة العدالة وسدنة الدستور،
تحية طيبة؛
• بدايةً، لا بد أن أعبرَ عن اعتزازي بالوقوفِ بينكم، وأنتم من حملتُم على أكتافكم الأمانة التي تعجز عنها الجبال.
• أهنئكم وأهنئ الوطن، بما نحتفي بهِ من مناسباتٍ وطنية، على رأسها اليوبيلُ الفضي لتسلم جلالة الملكِ المعظم سلطاتهِ الدستورية، وجلوسهِ على العرش.
• القضاة، هُم حرّاس العدالةِ وسدنةُ الدستور، أحكامُهم تحفظُ المجتمعَ والدولة، وقراراتُهم تضعُ الفِـقه الذي يفسرُ ويطبقُ المبادئَ الدستورية، فيحمونَ الحقوقَ والحريات، التي هي أساسُ ديمقراطيتنا، ويحفظونَ توازنَ المجتمع.
• القضاءَ الذي يضمنُ العدالةَ الناجزة، دون ترددٍ أو تحيّز، هو أكبرُ ضمانةٍ لكرامةِ المواطن، وسمعةِ الوطن، ورافعةٌ أساسيةٌ من روافعِ التنميةِ السياسيةِ والديمقراطية.
• والقضاةُ هم خطُ الدفاعِ الأخيرِ عن حقوقِ الإنسان، والضامنُ الحقيقيُ لالتزامِ الأفرادِ والمجتمعاتِ وأجهزةِ الدولة، ليسَ بالقوانينِ فحسب، بل بالعهودِ الدوليةِ والمعاييرِ المحليةِ والعالميةِ لحقوقِ الإنسان، فيضمنونُ أن تطورنا السياسي يحترمُ كرامةَ وقيمةَ كل فرد، ولا يكونَ على حسابِ أي فئةٍ لصالح سواها.
• كما أن دورَ القضاءِ لا غنى عنه في التنمية الاقتصاديةِ والإدارية، فعندما يستقرُ القضاء، ويأمنُ القاصي قبل الداني، والأجنبيّ قبلَ المواطن، أن حقوقهُ محفوظة، تدور عجلةُ التنميةِ ويتحركُ الاقتصاد.
• عندما يعلمُ من تسولُ لهُ نفسهُ أكلَ حقوقِ الناس، أن هناكَ قضاءً صارماً عادلاً لا يرضخُ للضغوط، ولا يقبلُ ضياعَ الحقوق، لا يعودُ إلى فِعلتهِ إن ارتكبها، ولا يفعلُها إن سولتها لهُ نفسه.
• وهنا، لا بدّ من الإشارةِ إلى ضرورةِ الاستقرار التشريعي، ودورهِ الكبيرِ في دعمِ الاستقرارِ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
• يساهِم القضاةُ في هذا الاستقرار، من خلالِ حلِّ النزاعاتِ بكفاءة، مما يعززُ مَناخَ الاستثمارِ والنموِّ الاقتصادي، وعبرَ إصدارِ أحكامٍ واضحةٍ وعادلة، تساعدُ في تأطيرِ توجهاتِ وعملِ الأفرادِ والشركاتِ والهيئاتِ الحكومية.
• وعودةً إلى دور القضاءِ في التنمية السياسية، فقد اجتهدنا في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي أنجزت مهامها بضمانةٍ ملكيةٍ، وبتعاونٍ كبيرٍ مع جميع الفاعلينَ السياسيينَ والقوى المجتمعية، وبدعمٍ من أجهزةِ الدولةٍ المختلفة، وسُلطاتِها الثلاث، وكان بينَ صفوفها حقوقيّـونَ أجلاء، اجتهدنا للوصولِ للصورةِ الأمثل من التطويرِ السياسي الذي يناسبُ حالتنا الأردنية.
• وحرصنا على أن نعملَ ضمنَ منظومةٍ من التوافقاتِ الداخلية والوطنية، فلم نتجاهلْ رأياً ولا ادخرنا جهداً، ويشهدُ الله أننا حَرِصنا على الشورى والديمقراطيةِ والعدلِ والعدالة، في كل منحىً من مناحي عملنا.
• والان وصلنا إلى مرحلةِ التطبيقِ العملي، ونأملُ أن تأتي بنتائجَ طيبةٍ تلبّي في هذه المرحلة، ولو جزءاً من الرؤى الملكية، وما يستحقُه الأردنيون، خاصة وقد وضعنا لها ثلاثَ مراحلَ متدرجةٍ تمتدُ لعقدٍ من الزمان.
• ولأننا دولةُ قانونٍ ودستور، فإن كل ما تمخّـض عن اللجنة، وبموجَبِ كتابِ التكليفِ السامي، قد أخذ صفتهُ القانونيةَ المناسبة، المشمولةَ بغطاءٍ دستوري، من حقوقٍ وواجبات.
• فالقضاءُ هو ضامن التوازن، والفيصلُ في الفصلِ بين السلطات، لذا حَرِصت تشريعاتنا ودستورنا على أن يكونَ القضاءُ مستقلاً، والقضاةُ مَصونينَ من أي ضغوطِ أوالتدخلات، ليظلوا الضامنَ للرقابةِ الفعّالةِ على سلطاتِ الفُروعِ التنفيذية والتشريعية.
• وابتعدنا في ما وَضعتهُ اللجنة، عن كلِّ ما قد يسمحُ بتغولِ إحدى السلطاتِ على شقيقاتها، أو تداخلِ وتضاربِ المصالحِ والصلاحيات، بين المؤسساتِ المختلفة.
• ولأن القضاءَ القوي هو القضاء المستقل المحايد والذي يضمن أن لا أحدَ فوق القانون، مما يُعزز الثقةَ بالعمليةِ الديمقراطيةِ ومؤسساتنا الرسمية. فلا يدَ أطولَ من يدِ القانون، ولا صوتَ أعلى من صوت العدالة.
• وبذلك تُـلهِمُ الثقةُ بالقضاءِ العادل، الثقةَ في الحياةِ السياسيةِ والديمقراطيةِ عامة، وبالعمليةِ الانتخابيةِ خاصة، من خلال ضمانِ إجراءِ الانتخابات، ومختلفِ الأنشطةِ السياسيةِ تحتَ حمايةِ القانون.
• ومع الحفاظِ على استقلال القضاء، وعدمِ انخراطهِ بالعملِ الحزبي، يُـشجعُ القضاة، بشكلٍ غيرِ مباشر، على مشاركةِ المواطنينَ في الحياةِ العامةِ والسياسية، عبرَ ضمانِ العدالة، والفصلِ بينَ السلطات، شَأنَهَم شَأنً مُنتسبي بعض مؤسسات الدولة وبالأخص قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية والرقابية، التي ومنذ تأسيس هذه المملكة كانت الحصن المنيع وحامية الأرض والعرض وستبقى تحت مظلة قائد الوطن لجميع الأردنيين والأردنييات، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، طالما عملوا تحت مظلة القانون والدستور.
• كذلك، حَرصنا فيما قدمت اللجنة، من أوراقٍ ومقترحاتٍ مرتبطةٍ بمنظومةِ التحديث السياسي، على أن يكونَ هناكَ سعيٌّ حقيقيٌّ نحوَ تثقيفِ المواطنينَ بحقوقهم القانونية، والقوانينَ الانتخابيةِ والحزبيةِ، والتعديلاتِ الدستورية.
• لأن إبقاءَ المواطنِ عموما، والناخبِ خاصة، على درايةٍ واطلاع، يجعلهُ أكثرَ قرباً من العمليةِ الديمقراطية، واطمئناناً لمُجرياتها.
• والآن يأتي دوركم كقضاةٍ متقاعدين، وخبراءَ حقوقيين، وأعضاءَ في سلكِ القضاءِ الواقف، في السعي لتوعيةِ المجتمعِ بأهميةِ هذه العمليةِ السياسية، وضماناتِ النزاهةِ والعدالةِ فيها، وأثرِها الكبيرِ الذي سينعكِسُ على حياة المواطن إن شاء الله.
• لقد شرفنا جلالة الملك المعظم، قبل 3 سنوات بأن نكون جزءا من رؤيته وتطلعاته للأردن الذي يريد، والذي يطمح له الأردنيون والأردنيات، وقد استقبل الأردنيون هذا بأن كرموني وزملائي أعضاء اللجنة بأن فتحوا لنا بيوتهم وقلوبهم وعقولهم في مئات من الاجتماعات واللقاءات، وآلاف الساعات من العمل والنقاش الذي ما زال مستمرا. وكنت وما زالت ازداد أملا مع كل لقاء وحوار يتسم بالانفتاح والسعي الصادق لما فيه مصلحة الوطن.
• فالشكر مستمرا موصولا لكل منهم على كل ما تفضلوا به، من أجل نجاح هذا الجهد الذي نسعى له جميعا.
• ويسعدني، أن أقفُ بينَ هذه القاماتِ الجليلة، لتكون هذه الأمسية خاتمة واجبي وحديثي في هذه الفترة عن هذا المسار، ونحن على بعدِ خطواتٍ من الاستحقاق الوطني والدستوري الكبير. وفي هذه الفرصة التاريخية التي يجب اغتنامها من الجميع بصورتها المثلى التي تُدعم بقرار سياسي وأمني لا شك بهم، بأن الأحزاب البرامجية هي عنوان المستقبل. متمنيا الخير والأفضل دائما لوطننا الذي يستحق.
• وختاماً، أجددُ الاحترامَ والإجلالَ لما قدمتُـموه وتقدّمونه لوطنكم ومجتمعكم، الذي يقفُ كل يومٍ عاجزاً عن إسدائكم ما تستحقونهُ من شكرٍ وتقدير. وأجّدد الدعوةَ لكم للإيمانِ بدوركمِ الكبير، في مُختَـلفِ جوانبِ التطويرِ الشمولي، وخاصةً السياسي، والاستمرارِ بأداءِ هذا الدور، حتى تحقيقِ ما تصبونَ ونصبوا إليه جميعاً في ظلّ قيادتنا الهاشمية الرشيدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته