اختبار المدارس الحقلية تسهم بتحسين الممارسات الزراعية
الوقائع الإخبارية : اعتبر خبراء زراعيون أن المدارس الحقلية للمحاصيل عالية القيمة، المعتمدة على أسلوب إرشادي تعليمي، والمنتشرة ضمن مجموعات تستهدف مزارعين بينهم عوامل مشتركة بإشراف باحثين ومرشدين، خطوة نوعية على الرغم من حداثتها، فيما اعتبر آخرون أن هذه المدارس تعتمد على الجانب النظري أكثر من العملي، وهو ما لا يتلاءم مع عقلية المزارع الأردني الذي تهمه مشاهدة النتائج ولمسها.
وفي هذا الصدد، أكد مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية، منسق المشروع، الدكتور خالد أبوحمور، إن مشروع مدارس المزارعين الحقلية نهج تشاركي بين الباحثين في المركز الوطني للبحوث الزراعية وصغار المزارعين والمرأة الريفية، لإحداث التنمية الزراعية المستدامة، حيث تعمل هذه المدارس ضمن مشروع التنمية الاقتصادية الريفية والتشغيل، والذي يعد مشروعا زراعيا تنمويا ممولا من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، وينفذ من قبل المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع (JEDCO).
وأضاف أبوحمور أن المركز يقدم خدماته من خلال مشروع مدارس المزارعين الحقلية للمحاصيل عالية القيمة، والتي تهدف إلى تحسين الممارسات الزراعية الجيدة وتبني التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى تأهيلهم للحصول على شهادة الممارسات الزراعية الجيدة، وتنفيذ الأنشطة المتعلقة بالترويج لأصناف الخضار المقاومة للجفاف في المناطق المرتفعة.
ومن خدمات المركز أيضا، وفق أبو حمور التدريب على الزراعة العضوية في البيوت البلاستيكية، والمكافحة المتكاملة للآفات، بالإضافة إلى تعميم الممارسات المقاومة للمناخ في مناهج مدارس المزارعين الحقلية، لافتاً إلى أن المشروع يعمل على تقديم الدعم الفني والتقني لصغار المزارعين، والمرأة الريفية والشباب، فضلا عن مجموعات وجمعيات المزارعين، والمصنعين والمصدرين للمنتجات الزراعية، كما يعمل على تنمية القدرات التقنية والتنافسية لصغار المزارعين والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في المناطق الريفية.
وقال إن المشروع بدأ في المركز الوطني للبحوث الزراعية منذ العام 2021 واستهدف 10 محافظات، ونفذ 155 مدرسة حقلية استفاد منها 2800 مزارع ومزارعة على امتداد الوطن.
من جهته، بين الباحث والخبير في الشؤون الزراعية والتنموية د. حسان العسوفي، أن التواصل المباشر بين الباحث الزراعي والمرشد والمزارع يعد من أهم مكونات النجاح وأفضلها لتطوير الأعمال والممارسات الزراعية، حيث جاءت منها فكرة المدارس الحقلية للمزارعين كنهج إرشادي وتعليمي في الميدان.
وأوضح العسوفي أن المدارس الحقلية هي مدارس بلا جدران، ولا تُعنى بمكان الالتقاء بقدر الاهتمام بالتواصل والتباحث مع المزارعين وفي أراضيهم وحقولهم الزراعية.
واضاف أن هذه المدارس أسلوب تعليمي جماعي له أُسسه وقواعده وأهدافه ويعلي من مكانة الأرض الزراعية نفسها، وطلابه من فئة المزارعين أنفسهم، وله برامجه وخططه ويشارك فيه الجميع ويتبادلون المعارف والممارسات.
وزاد أن المدارس الحقلية طريقة إرشادية ذات تاريخ حديث نسبيا، بدأت في أندونيسيا في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، وتبنتها منظمة الأغذية والزراعة الدولية (FAO) عالمياً، وهي منتشرة بأسلوب إرشادي تعليمي ضمن مجموعات تستهدف مزارعين بينهم عوامل مشتركة، وتعقد في حقول المزارعين بإشراف الباحثين والمرشدين الزراعيين.
وقال إنه ونظرا للنجاحات والمخرجات المتحققة، أصبحت المدارس الحقلية تغطي محافظات المملكة من شمالها إلى جنوبها، وتستهدف المزارعين والسيدات الريفيات لتطوير ممارساتهم، بهدف تحسين الإنتاج الزراعي كماً ونوعاً، وتحسين القيمة التسويقية المضافة للمنتج، من خلال اتباع طرق حديثة في أساليب التعبئة والتغليف والتسويق، ما ينعكس على تحسين مستوى الدخل واستدامته.
بدوره، بين مدير اتحاد المزارعين المهندس محمود العوران، أن المدارس الحقلية متعارف بأنها تعمل على تدريب المزارعين على نتائج البحث العلمي، ومن ثم يصار إلى تعميم التجربة.
واستدرك العوران: لكن ما هو حاصل الآن هو عبارة عن حشو مواد علمية نظرية في عقول المزارعين، مبينا أن مزارعنا تهمه المشاهدة التي يعتبرها في منزلة البحث العلمي.
وأضاف أن التغيرات المناخية أكبر مثال، حيث إن الأبحاث العلمية تتمركز باتجاه واحد هو كيفية مواجهة هذه التغيرات، والمفروض الآن أن يواكب بحثنا العلمي في المدارس الحقلية ذلك، وهذا الأمر منوط بالمركز الوطني للبحوث الزراعية، بالإضافة إلى الجامعات الرسمية، بحيث يكون هناك تعاون مشترك بين الأطراف البحثية لإنتاج أصناف تتلاءم وتتكيف مع ظاهرة التغير المناخي، وبذلك نستطيع القول إن هذا ما يحقق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.