حملات في المحافظات لتشجيع النساء على المشاركة في الانتخابات
الوقائع الإخبارية : منذ تحديد يوم الاقتراع لانتخابات المجلس النيابي العشرين في الـ10 من أيلول(سبتمبر) المقبل، انطلقت عدة مبادرات رسمية موجهة للنساء على مستوى تحفيزهن على المشاركة ترشيحا واقتراعا، لتشمل محافظات المملكة وتحت عناوين عريضة ورنانة وحملات أخرى تتعلق بمناهضة العنف الانتخابي ضد النساء، فيما لم تتضح للآن توجهات برامج الأحزاب والمرشحين، حيال تبني قضايا مركزية تتعلق بالمرأة تشريعيا واجتماعيا واقتصاديا لجهة تمكينها وإدراج قضاياها، ضمن أولويات العمل الحزبي والبرلماني للمرحلة المقبلة.
وانطلقت غالبية تلك الحملات، من قواعد البيانات الانتخابية لعدة مواسم، التي تشير إلى أن الكتلة التصويتية للناخبات النساء في المملكة، هي الكتلة الأكبر مقارنة بالذكور، إلا أن هذه الكتلة التصويتية الحاسمة، تتحول عند صناديق الاقتراع إلى النسبة الأقل من حيث نسب الاقتراع وفقا لتلك البيانات.
وفي انتخابات المجلس التاسع عشر عام 2020، بلغت نسبة تصويت الإناث
26.11 % مقابل تسجيل ما نسبته 34.12 % للذكور المقترعين وفقا للتقرير التفصيلي للهيئة المستقلة للانتخاب، بالرغم من أن كتلة الناخبات حينها بلغت نحو 2 مليون و443 ألف ناخبة، مقابل 2 مليون و197 ألف لكتلة الناخبين الذكور، من إجمالي 4 مليون و640 ألف ناخب وناخبة.
أما فيما يتعلق بإحصاءات جداول الناخبين النهائية لسنة 2024، فقد عكست أيضا كتلة تصويتية حرجة وهي الأكبر أيضا، وبواقع أكثر من 2 مليون و 689 ألف من الناخبات الإناث وما نسبته 52.5 % من مجموع الناخبين، مقابل نحو 2 مليون و425 ألف ناخب من الذكور وبما نسبته 47.4 %، أي أن النساء الناخبات يمثلن أكثر "من نص البلد" ممن يحق لهم الانتخاب.
في هذا السياق، جاءت الحملة الحكومية التي أطلقتها وزيرة التنمية الاجتماعية ورئيسة اللجنة الوزارية لتمكين المرأة وفاء بني مصطفى، تحت شعار "أنت نص البلد"، و "لتتقدم كل البلد بدها صوت نص البلد: صوتك انتخبي"، ضمن المساعي الرسمية لحث النساء على المشاركة في الانتخابات وفي عملية صنع القرار بالإدلاء بأصواتهن في عملية صنع القرار مع التركيز على "اختيار الأكفأ والأجدر" لتمثيلهن في البرلمان.
وبحسب تصريحات بني مصطفى يوم الإطلاق في 30 تموز( يوليو ) المنصرم، فإن هذا الجهد يأتي من أجل دعم جهود الهيئة المستقلة للانتخاب وفق أفضل الممارسات ورفع مستوى المشاركة الشعبية بما فيها مشاركة النساء وممارسة هذا الحق الدستوري، وفق أسس برامجية، على أن تشمل الحملة عدة أنشطة مسارات في مختلف محافظات المملكة، من بينها انعقاد مؤتمر إقليمي حول أهمية مشاركة المرأة في 12 من شهر آب( أغسطس) الجاري.
واعتمدت فيديوهات الحملة على تصوير نماذج مختلفة من النساء الأردنيات، من مختلف الفئات والخلفيات الاجتماعية والمهنية ومختلف الأعمار مع شعار "صوتك بعمل فرق" وستشمل في الأسابيع القادمة أنشطة ميدانية في المحافظات وفي الجامعات للتشجيع على المشاركة.
وسبق إطلاق هذه الحملة، إطلاق الهيئة المستقلة للانتخاب إستراتيجية تمكين المرأة في الانتخابات والأحزاب
2024 - 2026، لتعزيز مشاركة المرأة في العمل الحزبي والمشاركة السياسية والوصول للمواقع القيادية مع التركيز على النساء ذوات الإعاقة في مراحل الإستراتيجية، مع الإعلان عن منصة داخلية لرصد العنف الانتخابي تحت مسمى monitor لم تعلن الهيئة للآن عما إذا رصدت أي ممارسات تصنف ضمن العنف الانتخابي للمرأة، وفق التعريف الخاص الذي تم اعتماده من الهيئة مؤخرا.
وأكدت حينها عضوة مجلس المفوضين عبير دبابنة، بأن المطلوب في المرحلة المقبلة هو "تعزيز الإرادة الذاتية " لدى النساء بالمشاركة، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب 13 % والأعيان 15.4 % بحسب المؤشرات الوطنية التي أعدتها الهيئة المستقلة عن سنة 2023، و27.8 % كنسبة تمثيل في المجالس المحلية.
وعملت اللجنة الوطنية لشؤون المرأة منذ شهرين أيضا على برنامج مكثف في المحافظات لتدريب النساء الراغبات بالترشح للانتخابات، تم خلاله تنفيذ 17 ورشة تدريبية استفاد منها 382 مشاركة ومشاركا، ولم يتم الإعلان بعد عن عدد الترشيحات الأولية للواتي سجلن للمشاركة في القوائم العامة أو المحلية لخوض الانتخابات المقبلة، ممن استفدن من هذه الورشات.
إلى ذلك، قالت مديرة مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب المحامية إسراء المحادين، إن إطلاق عدة برامج وحملات لتمكين المرأة في العمل العام والمشاركة السياسية والتصويب تصب جميعها في صالح النساء، وإن كانت تعمل وفق مسارات متعددة ومختلفة عن بعضها البعض.
ورأت محادين التي أطلق مركزها مؤخرا مرصدا للعنف الإلكتروني ضد المرأة في حديث لـ"الغد"، بأن هناك حاجة دائمة متواصلة لتشجيع النساء على المشاركة خاصة بعد انتهاء فترة الترشح قانونيا، مشددة على ضرورة توجيه هذه الحملات والبرامج للمجتمع والنساء وعلى قاعدة "تعزيز حرية الاختيار" للمرأة في الاقتراع و"الكفاءة" لمن سيمثلها في البرلمان.
وبينت محادين بأن النساء هن كتلة تصويتية حاسمة ومؤشرة في الانتخابات، إلا أن هذه الكتلة لا يظهر أثرها في صناديق الاقتراع كما تشير الأرقام السابقة، معتبرة أن رفع الوعي بضرورة استقلالية الاختيار وحريته للمرأة ورصد "العنف الانتخابي" في حال إجبار النساء على اختيار مترشحيهن، سيكون محل بحث ودراسة لكل الجهات المعنية.
وأضافت" تعدد برامج وحملات تعزيز مشاركة النساء في الانتخابات ظاهرة صحية ومطلوبة، لأن هناك فئات متعددة يمكن العمل معها، والأساس هو رفع الوعي بحق الاقتراع وأهميته وتأثيره في الصندوق خاصة وأن التغيير في ثقافة المجتمع عند الانتخاب ستحتاج إلى عدة مواسم انتخابية ولن تكون هذه التجربة هي "المعيار النهائي".
وبشأن مؤشرات الأرقام غير الرسمية لترشح النساء في الانتخابات المقبلة على مستوى الدوائر المحلية التي كشف عنها مركز الحياة راصد، لجهة تركّز الترشيحات على "مسار الكوتا" بواقع 174 مترشحة مقابل 19 مترشحة على المسار التنافسي فقط، قالت محادين"هذه أرقام متوقعة جدا لأن البيئة الاجتماعية الحاضنة لترشح النساء لم يطرأ عليها تغيير جوهري، وعندما نقول إن المرأة لم تصل إلى البرلمان عبر التنافس خلال الأعوام من 1974 حتى العام 2003 عند إقرار الكوتا، فلن يكون من السهل أن نجد تحولات كبيرة في أرقام الترشح على مسار التنافس في هذه الانتخابات. الإصلاح التشريعي تحقق ولكن العمل اليوم يتعلق بالثقافة الاجتماعية والتحديات الاقتصادية والبيئية الصديقة للمرأة"، بحسبها.
وتلفت محادين هنا أيضا، إلى أن "نوعية" ترشيحات النساء في هذه الانتخابات تقدّمت على مستوى "النوع والمؤهلات"، حيث فرض النظام الانتخابي سواء للقوائم العامة النسبية المغلقة الحزبية، أو للقوائم المحلية النسبية المفتوحة شروطا تستوجب اختيار مترشحات بمؤهلات تمثل الحد الأدنى، لغايات تجاوز العتبة الانتخابية وحصد الأصوات للقائمة.
وترى محادين، أن لدى النساء في الفوز بالانتخابات فرصا كبيرة، لقدرتهن على التواصل مع النساء الناخبات في الأرياف والمدن والقرى وبشكل مباشر، خاصة في الحملات الانتخابية.
وتشير توقعات الجهات الرقابية إلى احتمالات وصول ما لا يقل عن 25 سيدة إلى قبة البرلمان المقبل، عبر مسار الكوتا في القوائم المحلية ( 18 مقعدا مخصصا)، وعبر المسار الإلزامي في القوائم العامة التي فرض نظامها الانتخابي على الأحزاب ترشيح سيدتين اثنتين على الأقل في أول 6 مواقع داخل القائمة العامة وسط توقعات متباينة بأن لا يحظى المسار التنافسي بحصص لافتة.