هل يمر الرجال بدورة شهرية؟

هل يمر الرجال بدورة شهرية؟
 الوقائع الإخبارية  :  -  تنتشر الكثير من المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، عن إمكانية حصول تغيرات هرمونية لدى الرجال، تؤثر على سلوكهم ومزاجهم.

وعلى الرغم من عدم ثبوت ذلك بشكل قاطع، إلا أن هناك فريق من العلماء يعتقدون أن ذلك ممكن، وإن كان يختلف جذرياً عن الدورة الشهرية لدى النساء.

الدورة الهرمونية لدى الرجال: بين العلم والجدل

وفقاً لموقع المنصة الرسمية للخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، يُعتبر التستوستيرون هرموناً جنسياً يُنتَج بشكل رئيسي في الخصيتين لدى الرجال وفي المبايض لدى النساء بكميات أقل بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى إفرازات صغيرة من الغدد الكظرية لدى الجنسين.

يلعب هذا الهرمون دوراً أساسياً في تطوير السمات الجنسية الثانوية مثل نمو العضلات وشعر الجسم وخشونة الصوت لدى الرجال، كما يساهم في الحفاظ على كتلة العظام والرغبة الجنسية ويساهم في إنتاج الحيوانات المنوية لدى الرجال.

وعلى الرغم من أن الرجال لا يمرون بدورة شهرية بالمعنى التقليدي للكلمة، إلا أن بعض الدراسات العلمية تؤكد وجود دورة هرمونية تتمثل في تقلبات مستويات هرمون التستوستيرون بشكل يومي.

وأُطلق على هذه الحالة اسم "متلازمة الرجل العصبي"، وهو مصطلح بدأ تداوله والبحث فيه منذ بداية الألفية الثالثة، ولكن حتى اليوم لا يزال هذا المصطلح غير معترف به من منظمة الصحة العالمية.

استناداً إلى 35 عاماً من الأبحاث السريرية والاستجابات مما يقارب 10,000 ذكر، عرض الباحث جِد دياموند اضطراب متلازمة الذكر العصبية، والذي يفسر التغيرات المزاجية التي تطرأ على الرجل طيلة الشهر.

بحسب كتابه، يعاني الرجل عادة من موجات اكتئابية عابرة وغضب وقلق شديدين، الشيء الذي يعرّض علاقاته الاجتماعية والأسرية لمشاكل.

وعلى الرغم من الاعتراف بوجود تقلبات هرمونية لدى الرجال، لا يزال مفهوم "متلازمة الرجل العصبي" (IMS) موضوعاً للجدل بين العلماء، إذ يشكك بعض الباحثين في وجود هذه المتلازمة كحالة طبية حقيقية، معتبرين أن الأعراض المرتبطة بها قد تكون نتيجة لعوامل نفسية أو بيئية أخرى، وليس بالضرورة لتقلبات هرمونية.

في المقابل، يرى آخرون أن هذه المتلازمة تعكس تأثيرات حقيقية لانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون على الحالة المزاجية والسلوكية للرجال.

من المهم التمييز بين الدورات الهرمونية لدى الرجال والنساء. فالدورة الشهرية لدى النساء هي عملية فيزيولوجية منتظمة ومتكررة تحدث كل 28 يوماً تقريباً، وتلعب دوراً حاسماً في الصحة الإنجابية.

كل مرحلة من مراحل الدورة الشهرية تؤثر بشكل مباشر على إمكانية الحمل والإنجاب، حيث تتضمن تحضير الرحم للإباضة واستقبال البويضة المخصبة. وبالتالي، فإن انتظام هذه الدورة وصحتها مرتبطان بقدرة المرأة على الإنجاب.

في المقابل، تختلف التغيرات الهرمونية لدى الرجال جذرياً.

مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال تتبع نمطاً يومياً، حيث تكون في ذروتها صباحاً وتنخفض تدريجياً على مدار اليوم.

هذه التقلبات اليومية لا ترتبط مباشرة بالصحة الإنجابية للرجال، ولا تؤثر على قدرتهم على الإنجاب بالطريقة التي تؤثر بها الدورة الشهرية على النساء.

بمعنى آخر، يمكن القول إنه بينما تلعب الدورة الشهرية لدى النساء دوراً محورياً في الإنجاب، فإن التغيرات الهرمونية لدى الرجال ليس لها نفس التأثير المباشر.

هذا الاختلاف الجوهري يبرز أهمية فهم السياق البيولوجي لكل جنس، والاعتراف بأن التغيرات الهرمونية لدى الرجال والنساء لها طبيعة وأدوار مختلفة تماماً.

يقول الدكتور يمان التل، استشاري الصحة الجنسية وجراحة المسالك البولية، في مقابلة مع بي بي سي عربي: "التغيرات الهرمونية قد تحدث بشكل يومي، حيث تكون مستويات التستوستيرون عادةً في أعلى مستوياتها في الصباح، ثم تنخفض تدريجياً مع مرور اليوم".

ويضيف الدكتور التل أن هذه التقلبات يمكن أن تُستغل لتحسين الأداء الشخصي عبر ما يُعرف علمياً بـ "الاختراق الحيوي"، قائلاً: "إذا فهم الرجل كيف يعمل جسده، يمكنه استغلال ارتفاع الهرمونات لتحقيق أقصى إنتاجية".

على سبيل المثال، يشير الدكتور إلى أن الأداء الجنسي قد يكون أفضل في الصباح، عندما تكون مستويات التستوستيرون في ذروتها.

ويتابع الدكتور التل: "ما يؤثر بشكل كبير على الرجل أيضاً هو هرمون التوتر المعروف بالكورتيزول. التستوستيرون والكورتيزول يُصنَّعان من الكوليسترول في الجسم. إذا كان الرجل يعيش في دائرة توتر دائمة، ويدخن، ويسهر لساعات متأخرة، فإن معظم الكوليسترول يتحول إلى كورتيزول، ما يؤدي إلى انخفاض التستوستيرون".

وعلى الرغم من عدم اعتراف غالبية الباحثين بـ"متلازمة الرجل العصبي"، إلا أن البعض يتحدث عن أعراض مرتبطة بالتغيرات الهرمونية لدى الرجال، سواء اليومية أو المرتبطة بالتقدم في العمر. وتشمل هذه الأعراض مجموعة واسعة من الأعراض الجسدية والنفسية، مثل: التقلبات المزاجية، الإرهاق العام، انخفاض الرغبة الجنسية، صعوبة التركيز، والتغيرات الجسدية مثل احتباس الماء أو زيادة طفيفة في الوزن.


تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير