نتنياهو مُتسلحاً باليمين الفاشي: إذا لم أَكن لنفسي.. فمَن سيكون لِي..؟؟

محمد خروب
يمضي مُجرم الحرب/نتنياهو قُدماً في عربدته، مُستأنفاً حرب الإبادة الجماعية (كخطوة لتنفيذ مشروع/ترامب التهجيري) على قطاع غزة المنكوب، بدعم أميركي مفتوح.. علني وصاخب، في الوقت الذي يُهدِّد فيه «مُعارضيه ومُنتقديه»... بازدراء، داخل الكيان العنصري وخارجه، مُتسلحاً بأغلبية برلمانية يمينية استيطانية فاشية (سموتريتش وبن غفير «العائد إلى ائتلاف النازيين الجُدد)، إذ تدعو/كُتل اليمين الفاشي... إلى قيام «إسرائيل الكبرى»، عبر ضمّ الضفة الغربية وتهجير أهاليها، كذلك استيطان القطاع الفلسطيني و«توزيع» سكانه على دول العالم. إضافة إلى كتلة برلمانية أخرى مُتدثرة بلبوس دينيّ ظلاميّ (شاس ويهدوت هاتوراة)، لا يهمهما سوى تحقيق مكاسب «مالية» لأنصارهما ومدارسهما ومعاهدهما الدينية، التي تضم شباباً في سن التجنيد لا يلتزمون قانون التجنيد «الإجباري»، بذريعة أنهم «دارسو التوراة».
من هنا فإن سلسلة التطورات الداخلية المُتلاحقة في الكيان العنصري، التي وصلت ذروتها بقرار نتنياهو إستئناف حرب الإبادة، بعدما بدا أن أزمة حكومية وأخرى سياسية قد تطيحه، إثر إعلانه «إقالة» الجنرال/رونين بار، رئيس جهاز المخابرات الداخلية/الشاباك. عكست من بين أمور أخرى «تنسيقاً» عالي المستوى بين تل أبيب وواشنطن، رامَ توفير مظلة سياسية/ دبلوماسية محمولة على بروباغندا إعلامية، شاركَ فيها أركان التحالف الصهيوــ أميركي. وهو ما تجلّى في تصريحات ستيف ويتكوف مبعوث ترامب للمنطقة، الذي «حمّل» حركة حماس مسؤولية رفض مقترحه «تمديد» المرحلة الأولى من صفقة التبادل. كذلك هي حال «براين هيوز» مُتحدث مجلس الأمن القومي الذي قالَ: إنه «كان بإمكان (حماس) إطلاق سراح الأسرى وتمديد وقف النار، لكنها ـ أضافَ/هيوز ـ اختارتُ الرفض والحرب».
ما سبقَ يُذكرنا بالدور المُتواطئ الذي لعبه الثنائي اليهودي.. أنتوني بلينكن وجيك سوليفان/ مستشار الصهيوني بايدن، منذ 7 اكتوبر/2023، وشروع الحلف الصهيو أميركي في حرب الإبادة. عندما كانا/بلينكن وسوليفان يبثّان (في العلَن) آمالاً كاذبة، عن وقف «قريب» للنار وعن مفاوضات جادة، فيما كانت إدارة بايدن تمنح المزيد من الأضواء «الخضراء» لآلة القتل الفاشية، وتمّد ترسانة العدو بصفقات الأسلحة» النوعية»، بما فيها قنابل الـ«2000 باوند» لضرب المدنيين الفلسطينيين والمشافي والبنى التحتية ومراكز الإيواء.
عودة بن غفير مَزهواً إلى الائتلاف الحكومي، يرفع عدد الأغلبية «البرلمانية» التي باتت حكومة نتنياهو تتوافر عليها، ما يمنحها وقتاً اضافياً أمام استحقاق قريب، وهو اقرار الموازنة الجديدة/2026 ليس فقط لأن عدم اقرارها يعني سقوط الحكومة، والذهاب إلى انتخابات برلمانية جديدة و«مبكرة»، بل خصوصاً لأن الموازنة المقترحة «لا» تتضمّن صرف أموال لكُتلتي الحريديم المُشاركتين في الائتلاف (شاس، ويهدوت هاتوراة). ما يعني التحاق «الشباب الحريدي» بالتجنيد الإجباري». وهو أمر قد يدفعهما إلى الانسحاب من الائتلاف. أضف إلى ذلك تداعيات «إقالة» جنرال الشاباك/بار، التي لم تهدأ بعد السجالات التي اندلعت اثرها، ناهيك عما بدأت وسائل الإعلام الصهيونية تكشف عن أسبابها، على النحو الذي جاء ـ على سبيل المثال ـ في ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية في خبرها الرئيس أول أمس الثلاثاء. تحت عنوان: «كتاب رئيس الشباك: «لائحة اتهام» أدت إلى إقالته.
تساءلت/يديعوت في البداية: ما هو السبب الحقيقي الذي جعلَ رئيس الوزراء يقرر اقالة رونين بار؟. يبدو أنه ـ أجابت الصحيفة ـ يكمن في «وثيقة استثنائية». كتاب من أربع صفحات بعثه رئيس الشاباك إلى نتنياهو، وأُرفقَ بتحقيق الشاباك عن الفشل قبيل 7 أكتوبر. الكتاب موضع الحديث أُرسِل إلى رئيس الوزراء في ساعات الليل من 3 آذار الجاري، والمزيد المزيد مٌن كبار المسؤولين ـ أضافت ـ في جهاز الأمن، مُقتنعون بأنه أدّى إلى القرار النهائي من جانب نتنياهو لمحاولة إقالة بار. المستشارة القانونية للحكومة تلقت الكتاب المُتفجر من رئيس الشاباك الموجّه إلى رئيس الوزراء في اليوم الأخير، وهي تدرسه كجزء من الملابسات الواقعية التي أدت إلى محاولة اقالة بار.
في الكتاب ـ أردفتْ يديعوت ـ يُقدم رئيس الجهاز تفصيلاً مُطولاً لاخفاقات الشاباك في السنوات ما قبل 7 أكتوبر، في مفهوم التفعيل، في اليوم الذي وقعَ فيه الاجتياح لدولة إسرائيل. لكن القسم الأكثر تشويقاً ـ تلفِت الصحيفة ـ هو عندما يُفصِّل بار أمام نتنياهو - في المرة الأولى التي يحصل فيها حدثٌ كهذا مباشرة أمام رئيس الورزاء - قصورات المستوى السياسي التي أتاحت مذبحة 7 أكتوبر. في الشاباك ـ إستدرَكت يديعوت ـ رفضوا التعقيب، لكن مصادر سياسية قدّرت بأن الكتاب الذي بعثَ به رونين بار، قُرأ في مكتب رئيس الوزراء، كـَ"بناء ملفِ أدلّة ضد نتنياهو»، وأدّى إلى القرار النهائي لمحاولة تنحية رئيس الشاباك.
في السطر الأخير ثمَّة حاخام يهودي اسمه «هِيلّيل» كان تساءلَ: إذا لم أكُن لنفسي، فَمَن سيكون لي؟. إذا لم أُحقق شيئاً في حياتي فمَن سيُحقق لي؟.
هذا هو حال نتنياهو الآن.