وقف مشاريع التدريب في الطفيلة يثير مخاوف الشباب من تصاعد البطالة

الوقائع الاخبارية:في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا بين أهالي محافظة الطفيلة، أوعز رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بوقف تنفيذ المشاريع الممولة من موازنات مجالس المحافظات، والتي تشمل برامج التدريب والتشغيل ودعم الأسر الفقيرة، بقيمة إجمالية بلغت 5.247 مليون دينار، ووجه كتابًا رسميًا إلى الوزارات المعنية للتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وذلك بهدف إعادة توجيه الإنفاق نحو مشاريع ذات أولوية وأثر مباشر على الخدمات الأساسية، مثل البنية التحتية والصحة والتعليم، مع إعداد دراسة تتضمن معايير موحدة لاختيار هذه المشاريع.
ويأتي هذا القرار في إطار سياسة ترشيد الإنفاق الحكومي، وسط تحديات اقتصادية تواجهها المملكة، بيد أن القرار ترك تداعيات محتملة على الشباب والأسر المستفيدة من هذه البرامج في الطفيلة، التي تعاني من أعلى معدلات البطالة في الأردن بنسبة 24.1% في الربع الأول من 2025.
وتمثلت المشاريع المتوقفة في الطفيلة ببرامج تدريب وتأهيل مهني نفذتها جمعيات ومؤسسات بالتعاون مع مجلس المحافظة، مثل جمعية الحسا الخيرية، التي قدمت دورات تدريبية لـ150 طالبًا وطالبة في مجالات الحرف اليدوية والتكنولوجيا، بتكلفة تقديرية بلغت 120 ألف دينار سنويًا، وبرنامج مركز زها الثقافي الذي درب 200 شاب وشابة على مهارات السوق، مثل التصميم الجرافيكي والتجارة الإلكترونية، بميزانية وصلت إلى 180 ألف دينار، إضافة إلى مشاريع الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية، التي شملت تدريب 100 شاب على صيانة الأجهزة الإلكترونية، بتكلفة 90 ألف دينار، وبرامج جامعة الطفيلة التقنية، التي استهدفت 250 طالبًا في دورات برمجة وتكنولوجيا المعلومات، بميزانية 150 ألف دينار، وشملت الجهات المتعاونة أيضًا مركز تدريب المهندسين الزراعيين في محطة التوانة، الذي استهدف 80 خريجًا بتكلفة 80 ألف دينار، وجمعية الإعمار الخيرية، التي دربت 70 شابة على الحرف التراثية بميزانية 60 ألف دينار، وهذه المشاريع كانت تهدف إلى تمكين الشباب وتقليل البطالة في المحافظة.
ورأى رئيس مجلس محافظة الطفيلة أحمد الحوامدة، في تصريح خاص أن قرار وقف هذه المشاريع يحمل أبعادًا إيجابية وسلبية في الوقت ذاته، فمن جهة، يعكس حرص الحكومة على ترشيد الإنفاق وتوجيه الموارد نحو مشاريع ذات أثر مباشر، مثل إنشاء طرق أو صيانة مرافق صحية، لكن من جهة أخرى، قد يؤثر على فئات الشباب والأسر الفقيرة التي تعتمد على هذه البرامج كمصدر دخل أو فرصة لدخول سوق العمل،
وأكد الحوامدة أن المجلس يعمل مع الحكومة لضمان أن تكون المعايير الجديدة لاختيار المشاريع عادلة وشاملة، مع اقتراح تخصيص جزء من الموازنة لدعم برامج تدريبية بديلة بالتعاون مع القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن المجلس قدم مقترحات سابقة، مثل مشروع تلفريك سياحي في ضانا بتكلفة 10 ملايين دينار، يمكن أن يوفر 200 فرصة عمل، لكنها بحاجة إلى دعم حكومي للتنفيذ.
وأعرب أحمد الرفوع، أحد المستفيدين من برنامج تدريبي في مركز زها الثقافي، عن قلقه من توقف هذه المشاريع، موضحًا أن دورة تصميم جرافيكي استمرّت 3 أشهر مكنته من العمل كمستقل عبر الإنترنت، حيث يحقق دخلًا شهريًا يتراوح بين 150 و200 دينار، وهو ما ساعده على دعم أسرته المكونة من 5 أفراد، مؤكدا على أن هذه البرامج وفرت أملًا لعشرات الشباب في الطفيلة، حيث تمكن 15 من زملائه في الدورة من إيجاد فرص عمل مماثلة، مشيرًا إلى أن توقف التمويل قد يدفع الشباب إلى البطالة مجددًا أو الهجرة بحثًا عن فرص أخرى، ومطالبا بإعادة النظر في القرار أو تقديم بدائل سريعة لضمان استمرار دعم الشباب.
وكانت هذه المشاريع قد تركت أثرًا ملموسًا في الطفيلة، حيث ساهمت في تأهيل أكثر من 900 شاب وشابة خلال عامين، ووفرت فرص عمل مباشرة لنحو 200 شخص، خاصة في مجالات الحرف اليدوية والتكنولوجيا، وساعدت في تقليل نسبة البطالة بنحو 1.5% في المحافظة خلال 2024، وفق إحصاءات غير رسمية، كما دعمت أسرًا فقيرة من خلال مشاريع إنتاجية، مثل المطابخ المنزلية والحرف التراثية، التي وفرت دخلًا شهريًا لـ50 أسرة بمتوسط 100 دينار، وأسهمت في تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال تعاون الجمعيات مع أسواق محلية لتسويق المنتجات، لكن توقف هذه المشاريع قد يؤدي إلى تراجع هذه المكاسب، مع تزايد الضغط على الخدمات الأساسية في ظل غياب بدائل فورية.
ومن المضاعفات المحتملة للقرار، تزايد نسب البطالة في محافظة تعاني من محدودية الاستثمارات، ،ومن المتوقع أن تؤدي الدراسة الحكومية الجديدة لتحديد معايير المشاريع إلى تأخير تنفيذ برامج التدريب لعدة أشهر، مما يزيد من التحديات أمام الشباب المتعطلين عن العمل.
ويبقى السؤال المطروح بين أهالي الطفيلة حول مدى القدرة على إيجاد توازن بين ترشيد الإنفاق وتلبية احتياجات الشباب والأسر الفقيرة، ففي حين يرى البعض أن توجيه الموارد نحو الخدمات الأساسية ضروري لتحسين البنية التحتية، يخشى آخرون أن يأتي ذلك على حساب الفئات الأكثر احتياجًا، وسط ترقب المجتمع المحلي نتائج الدراسة الحكومية، التي ستحدد أولويات المشاريع، أملا أن تشمل حلولًا عملية تعيد الأمل للشباب وتحافظ على المكاسب التنموية التي تحققت في الطفيلة خلال السنوات الماضية.