فوضى بالمخابز والمطاعم الشعبية.. زيادة أسعار الخبز 50% في مصر

فوضى بالمخابز والمطاعم الشعبية.. زيادة أسعار الخبز 50 في مصر
الوقائع الاخبارية : قفزت أسعار جميع أنواع الخبز (غير المدعم) في مصر 50% دفعة واحدة خلال اليومين الماضيين، متأثرةً باستمرار ارتفاع أسعار القمح عالميا بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، أكبر موردي القمح للبلاد، وسط استياء كبير بين المواطنين ومخاوف من رفع سعر الخبز الحكومي المدعم.

وبحسب وكلاء لعدد من شركات مطاحن الحبوب وأصحاب مخابز ومحلات مخبوزات، واصل سعر طن قمح الدقيق السياحي ارتفاعه إلى 10 آلاف جنيه (635 دولارا) الذي يستخدم في إنتاج الخبز البلدي والنواشف، وارتفع ثمن الدقيق الفاخر إلى 11 و12 ألف جنيه (765 دولارا) الذي يستخدم في إنتاج "الفينو" الخاص بالمدارس والمخبوزات الأخرى.

وزادت أسعار الدقيق بشكل ملحوظ منذ أغسطس/آب الماضي، إذ كان يتراوح سعر الطن ما بين 7 آلاف جنيه و9 آلاف جنيه (الدولار يساوي 15.7 جنيها) ارتفاعا من 5.5 آلاف جنيه و7 آلاف جنيه للطن بحسب النوع والجودة.

وتبلغ فاتورة استيراد القمح نحو 3 مليارات دولار سنويا، وتستورد مصر نحو 12 مليون طن سنويا (حكومي وخاص)، وتستهلك قرابة 20 مليون طن من القمح سنويا، من بينها نحو 9 ملايين طن لإنتاج الخبز المدعوم، الذي يُصرف على البطاقات التموينية لإنتاج ما يقرب من 270 مليون رغيف يوميا.

وقال أصحاب مخابز وأفران الخبز البلدي والأبيض، في تصريحات متفرقة للجزيرة نت، إن ارتفاع الأسعار المتواصل أحدث فوضى في الأثمنة والأوزان والأحجام نتيجة زيادة الطلب على الدقيق واختلاف سعره من وكيل لآخر، والحديث عن استمرار ارتفاع السعر، بالتالي كان لابد من تحريك سعر رغيف الخبز و"الفينو".

وبشأن الأسعار الجديدة، أشاروا إلى ارتفاع سعر رغيف الخبز الصغير من 50 قرشا إلى 75 قرشا، وبعض المخابز ألغت هذا الحجم، وارتفع سعر رغيف الخبز الكبير من جنيه واحد إلى جنيه ونصف الجنيه، وارتفع سعر "الفينو" كذلك بالنسبة نفسها أيضا، كما ارتفعت أسعار الفطائر والمخبوزات والنواشف مع الزيادة الجديدة.

إجبار لا اختيار
واعتبر رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية في القاهرة عطية حماد أن ارتفاع أسعار الخبز غير المدعم أمر اضطراري بسبب ارتفاع سعر طن الدقيق من 9 آلاف جنيه إلى 12 ألف جنيه، مشيرا إلى أن الدقيق السياحي سلعة حرة غير خاضعة للتسعير الجبري ولا الرقابة التموينية منذ عام 1980.

وأضاف، في تصريحات متلفزة، أن المخابز مجبرة على زيادة سعر منتجاتها بعد زيادة سعر الدقيق السياحي، وهو سلعة تخضع للعرض والطلب، ولكن في مثل هذه الحالة تمارس الدولة دورها في تكثيف الرقابة لمنع التخزين والاحتكار.

ولم يستبعد حماد أن يكون هناك تجار ومتعهدون ومستوردون يستغلون الأزمة العالمية، ويتربحون منها من خلال تخزين الدقيق، والتسبب في ارتفاع أسعاره، مطالبًا بتكثيف الرقابة عليهم لمنع الاحتكار.

وبسبب ارتفاع أسعار القمح، قررت الهيئة العامة للسلع التموينية، قبل أيام، إلغاء مناقصة عالمية لشراء القمح بسبب ارتفاع الأسعار، مع حالة الفوضى التي تضرب أسواق الحبوب العالمية على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا.

وتوفر روسيا وأوكرانيا معا ما يقرب من ثلث إمدادات القمح في العالم، وجاء نحو 50% من واردات مصر من القمح من روسيا العام الماضي، كما جاء نحو 30% منها من أوكرانيا، أي نحو 80% من إجمالي واردات مصر من القمح.

ومع تزايد المخاوف في الشارع المصري من ارتفاع أسعار الخبز المدعم على بطاقات التموين، سارعت وزارة التموين إلى التأكيد على ثبات الأسعار، وقال مصدر بالوزارة في بيان إن سعر رغيف العيش البلدي المدعم الذي يصرف على بطاقة التموين ثابت ولم يحدث أي تغيير فيه بالنسبة للمواطنين الذين يقومون بصرف الخبز المدعم على بطاقة التموين والبالغ عددهم 72 مليون مواطن، نافيا ما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وجود زيادة في أسعار الخبز.

الحكومة تفكر مرتين قبل رفع الأسعار
يبدو أن الحكومة المصرية -التي أكدت مرارا عزمها رفع سعر رغيف الخبز المدعم بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجه إلى 65 قرشا في حين يتم صرفه بسعر 5 قروش فقط- تتوخى الحذر في قرار الرفع، وآثرت إرجاء قرار رفع السعر تجنبا لحدوث غضب بالشارع المصري.

وقال وزير التموين علي المصيلحي، في تصريحات متلفزة، إنه تتم دراسة الرفع التدريجي للخبز مع تحديد الفئات الأكثر احتياجا لتعويضهم مع تحديد الفئات الأكثر احتياجا لتعويضهم والذين يبلغ عددهم 25 مليون مواطن.

وفي أغسطس/آب الماضي تفاعل المصريون على منصات التواصل الاجتماعي بعد دعوة الرئيس السيسي إلى إعادة تسعير رغيف الخبز المدعوم حكوميا، الذي يطلق المصريون عليه لقب "العيش"، في إشارة للاعتماد عليه بشكل أساسي في معيشتهم.

وخلال افتتاحه عددا من المشروعات بمدن الدلتا، قال السيسي إن الوقت قد حان لزيادة سعر رغيف العيش الذي يبلغ 5 قروش رغم أنه يتكلف 55 قرشا، مضيفا أنه من غير المعقول أن يكون 20 رغيفا بثمن سيجارة واحدة.

أين الحكومة؟
المفارقة أن المتحدث باسم مجلس الوزراء السفير نادر سعد نفى حدوث أي زيادة للخبز السياحي، وقال في تصريح متلفز إن أسعار الخبز لم تشهد أي تغيير بشكل عام، سواء الخبز الحر في المخابز أو المدعم، قائلا إن الحكومة لم تقترب من سعر الخبز المدعم منذ 34 عاما، ولم تتخذ قرارا بتغيير سعره حتى الآن.

وأضاف سعد أن رئيس الوزراء أكد على تكثيف حملات الرقابة لضبط أي محاولات لزيادة الأسعار أو الاحتكار أو إخفاء السلع على أمل التربح من تلك الزيادة، معلنًا عن تكثيف تلك الحملات اعتبارا من صباح اليوم الأحد.

وبشأن مخزون البلاد من القمح، أوضح سعد أن هناك ما يكفي من الاحتياجات حتى نهاية العام، وأن حجم المخزون من السلع يكفي لفترة تتراوح ما بين 4 و5 أشهر، لافتا إلى أن الدولة تنوّع وارداتها من دول مختلفة إلى جانب الإنتاج المحلي، وهو ما يجعلها غير متأثرة بالأزمة الروسية الأوكرانية، على حد قوله.

لكن مواطنين انتقدوا ما وصفوه بتقاعس الحكومة عن ضبط الأسعار، وتساءل بعضهم على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي: هل تعلم الحكومة أنه في ظل تقاعسها زادت أسعار الخبز السياحي 50% بشكل عشوائي؟

وأكدوا أن انضباط الأسعار موجود في وسائل الإعلام فقط وأمام كاميرات التلفزيون، لكن على أرض الواقع فإن كل السلع الغذائية بدءا من اللحوم الحمراء والبيضاء وانتهاء برغيف "العيش" (الخبز) تزيد بشكل مستمر وبلا منطق.

وسجلت أسعار الغذاء العالمية ارتفاعا قياسيا جديدا الشهر الماضي، وصعدت -بحسب بيان صادر قبل يومين من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" (FAO) إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.

وقال الخبير الاقتصادي في المنظمة أوبالي غالكيتي أرتشيلاج إن "المخاوف بشأن ظروف المحاصيل وتوفر الكميات المناسبة المتاحة للتصدير لا تفسّر إلا جزءا من الزيادات الحالية في الأسعار العالمية للأغذية".

اضطراب السوق
في سياق تعليقه، قال مستشار وزير التموين سابقا عبد التواب بركات إن "ارتفاع أسعار القمح أدى إلى حدوث تخبط في السوق؛ البعض قام برفع سعر رغيف الخبز السياحي 50%، وآخرون خفضوا وزن الرغيف بسبب زيادة المطاحن سعر الدقيق الزيرو الحر لأنه لا يخضع للتسعير الإجباري، عكس الدقيق الذي يستخدم في صناعة الخبز التمويني المدعم".

وأضاف للجزيرة نت أن زيادة المطاحن سعر الدقيق ترجع إلى زيادة سعر القمح في السوق الدولية بنسبة 50% نتيجة مباشرة للحرب الروسية على أوكرانيا، ونظرا لغياب الرقابة وعدم وجود مخزون إستراتيجي لدى الحكومة من القمح المستخدم في صناعة العيش الحر والحلويات والمكرونة، تسرعت شركات الاستيراد والمطاحن برفع الأسعار، رغم أن القمح الموجود في مصر حاليا تم شراؤه قبل الحرب بسعر 350 دولارا للطن.

الحكومة سوف تضطر للتدخل، بحسب بركات، بفتح الاعتماد لاستيراد القمح للقطاع الخاص ولهيئة السلع التموينية، لأن الخبز سلعة إستراتيجية وسياسية، ونقص كميته في السوق يهدد الاستقرار الاجتماعي ويعرض أمن النظام للخطر.

تفاعل شعبي
وتفاعل مواطنون على وسائل التواصل الاجتماعي بعد زيادة أسعار الخبز البلدي السياحي و"الفينو" والمخبوزات، والتي انتقلت بدورها إلى الأطعمة الشعبية مثل سندوتشات (وجبات) الفول والطعمية، وذكروا بالمثل الشائع "عض قلبي ولا تعض رغيفي".

واعتبر البعض أن زيادة رغيف الخبز أمن قومي، مذكرين بما حدث في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عندما قرر زيادة أسعار الخبز المدعم مما أدى إلى اندلاع مظاهرات عُرفت بانتفاضة الخبز وأطلق عليها السادات "ثورة الحرامية".

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير