4 أشهر من دون موازنة مالية.. شلل يضرب قطاع الأعمال في العراق

4 أشهر من دون موازنة مالية.. شلل يضرب قطاع الأعمال في العراق
الوقائع الاخبارية : عطّل الانسداد السياسي الحادث في العراق اعتماد مشروع قانون الموازنة المالية للعام الجاري 2022، فأصاب ذلك أبرز القطاعات الاقتصادية بشلل تام، فضلا عن تأثيره الواسع في حياة المواطنين، في ظل اعتماد آلاف العمّال على المشاريع الاستثمارية المرتبطة بتلك الموازنة.

وأجرى العراق انتخابات نيابية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما زالت الخلافات محتدمة بشأن طبيعة الحكومة المقبلة، حيث أمهل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قوى "الإطار التنسيقي" حتى العاشر من شهر شوال (12 مايو/أيار المقبل) لتشكيل الحكومة، في خطوة أراد منها إحراج خصومه.

لكن هذا النزاع انسحب سريعًا على الوضع الاقتصادي، والموازنة المالية للبلاد، إذ تمنع القوانين حكومات تصريف الأعمال إرسال تشريعات إلى البرلمان لإقرارها.

مخالفة صريحة للقانون
في هذا الإطار، أكد النائب السابق في اللجنة المالية أحمد حمه رشيد أن النظام الداخلي لمجلس الوزراء منع سنّ مشاريع القوانين أو إرسالها إلى البرلمان، باعتبار أن تلك الحكومة غير ممنوحة الثقة من هذا البرلمان، "ولدى إرسال هذا القانون فإننا سنكون أمام مخالفة صريحة، فضلًا عن أن نصف البرلمان لم يشارك حتى الآن في الجلسات، بسبب الخلافات السياسية".

ويؤكد رشيد  أن إقرار الموازنة إذا تأخر فإن قانون الإدارة المالية ينص على إنفاق كل شهر بشهره وفقا لبرنامج موازنة العام الماضي، حيث تتشكل الموازنات من شقين أساسيين هما: الموازنة الاستثمارية، والتشغيلية، وإذا كانت التشغيلية مغطاة بالقانون، فإن الاستثمارية تعتمد على إقرار الموازنة العامة.

على الجانب الآخر، فإن خلافا نشب بين الحكومة والبرلمان بشأن الموازنة، ففي الوقت الذي أكد فيه حاكم الزاملي نائب رئيس مجلس النواب أنه يمكن السماح للحكومة بإرسال الموازنة المالية، عبر التصويت على ذلك، أعلنت وزارة التخطيط أنها ستترك تلك المهمة للحكومة المقبلة.

وقال الزاملي -الأسبوع الماضي- إن البرلمان سيصوّت على تفويض حكومة تصريف الأعمال بإرسال قانون الموازنة إلى المجلس، في حين ردّ الوكيل الفني لوزارة التخطيط ماهر حماد، في تصريحات صحفية، بأن الحكومة الحالية لن تقدم قانون الموازنة إلى مجلس النواب، بل ستتركه للحكومة المقبلة.

وتمثل الموازنات المالية الأداة الرئيسة لتحقيق السياسات العامة للدولة، سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الخدمية، وهي بمنزلة عرض لخطط الحكومة وبرامجها السنوية، التي تعدّها استجابة للتحديات الحالية.

وتمنح الموازنات الحكومات التخطيط الأفضل لبلوغ الحد الأقصى من الإيرادات، وإعادة تنظيم توزيعها وفق أولويات الإنفاق من أجل خدمة المجتمع، والأهم من ذلك فإن الموازنة تعدّ أداة تنعكس فيها قوة ورمزية الدولة من خلال وصول الإنفاق إلى جميع الدوائر والمؤسسات وفق خطط الإنفاق التي توضع بطريقة تتوافق مع أولويات المواطن، وذلك يعني تعطل الجوانب الاقتصادية في حال عدم إقرارها.

هدر المال العام
في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي أحمد أبو عباتين أن أثر بقاء العراق من دون موازنة مالية سينعكس سريعا على الإيرادات، إذ إن تأخير إقرار الموازنة يتسبب بهدر المال العام، ونقص الإيرادات بسبب عدم تطبيق خطة الحكومة المالية المتمثلة بـالموازنة التي ستتضمن بالضرورة إجراءات تعظيم الموارد المالية، وبلوغ أقصى الإيرادات.

ويضيف أبو عباتين، للجزيرة نت، أن الضرر الآخر هو المصروفات التي دائما ما يُخطط لها وفق الإيرادات، وبما أن الخلل في الإيرادات ونقصها سيقع لا محالة، فإن ذلك سينعكس على المصروفات انعكاسا أكيدا، كما أن نقص الإيرادات سيؤدي إلى اختزال المشاريع المخطط لها من قبل الحكومة وفق أولويات المواطن واحتياجاته.

ويحذر الخبير العراقي من أن هذا التأخير سيكون له تداعيات خطيرة، إذ يؤدي بالضرورة إلى "تأخر إنجاز المشاريع المخطط لها، وربما يكون في هذه المشاريع ما هو طارئ يتعلق بالأمن الغذائي، ودعم الشرائح الاجتماعية الفقيرة، أو أمن الدولة واحتياجاتها من الأسلحة، والأجهزة والمعدات أو المشاريع الطبية والخدمية والتعليمية البالغة الأهمية التي لا تحتمل التأخير.

لكن مسؤولًا في وزارة الخطيط العراقية يرى أن تأخر إقرار الموازنة وإن كان سيضرب قطاعات متعددة فيمكن النهوض مرة أخرى، إذ سيكون هناك تراكم مالي كبير يقدّر بمليارات الدولارات في خزينة الدولة، لدى بقاء عام 2022 من دون موازنة.

ويضيف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه  أن الاستفادة من هذا الخزين المالي مرهونة بقدوم حكومة متمكنة، وقادرة على الاستفادة منه، وتعويض ما حدث في العام الحالي، واستئناف المشاريع، بسرعة قياسية، لمعالجة آثار الانسداد السياسي.

وتعرضت المالية العامة في العراق لصدمة خارجية حادة عام 2014 وعام 2020 نتيجة انهيار أسعار النفط إلى ما دون (20) دولارا للبرميل، ودخل الاقتصاد العراقي حينئذ في ركود اقتصادي نتيجة ارتباط معظم القطاعات الاقتصادية بوجه مباشر وغير مباشر بقطاع الصادرات النفطية.

تحذيرات
وتصاعدت حدّة تحذيرات الاقتصاديين من بقاء البلاد بلا موازنة مالية، وعدم معالجة آثار ذلك، خاصة أن إقرارها يحتاج إلى بضعة أشهر أخرى، في حال تجاوز الأزمة السياسية في البلاد.

هنا، يقول الخبير في الشأن الاقتصادي عبد الحسن الشمري إن "هذا التأخير سيضرب قطاع الاستثمار، وسيسهم في تفشي البطالة بين الشباب، بل سيرفع مؤشرات الفقر إلى مستويات أعلى".

ويرى الشمري في حديثه للجزيرة نت أن "معالجة آثار ذلك ستكون صعبة، وليست بالسهولة التي يتحدث عنها بعض المسؤولين، لذلك على الكتل السياسية أن تعي خطورة المرحلة الحالية، وتتجنب المجازفة".

تابعوا الوقائع على
 
جميع الحقوق محفوظة للوقائع الإخبارية © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الوقائع الإخبارية )
تصميم و تطوير