إيلون ماسك والصين.. علاقات قوية تثير علامات الاستفهام الأميركية
الوقائع الاخبارية : تثير علاقات إيلون ماسك القوية بالصين الكثير من علامات الاستفهام في العاصمة الأميركية واشنطن، ويمتلك ماسك شركتي "تسلا" (Tesla) لصناعة السيارات الكهربائية و"سبيس إكس" (SpaceX) لاستكشاف الفضاء، وهو يحاول في الوقت الراهن الاستحواذ على شركة تويتر.
ودفعت رغبة ماسك في الاستحواذ على منصة تويتر مقابل 44 مليار دولار، للسؤال عن دوافع هذه الرغبة، وإذا ما كانت الصين ستستفيد من هذه الصفقة بصورة أو بأخرى.
تويتر والمخاطر الصينية
خلال لقاء ضمن فعاليات منتدى قطر الاقتصادي، اعتبر ماسك أن ما يمثل خطرا على تويتر ليست الصين، بل الحسابات المزيفة الآلية. وأشار إلى أن الصين لا تحاول التدخل في حرية التعبير بالولايات المتحدة، وكذلك امتدح صناعة السيارات الكهربائية الصينية، وأشار إلى أن "منتجي السيارات الكهربائية الصينية منافسون جادون، وأتوقع ظهور الكثير من السيارات الكهربائية الصينية وتصديرها إلى العالم قريبا".
ويُعرف على نطاق واسع أن الكثير من الحكومات حول العالم تحاول اختراق منصات التواصل الاجتماعي لأسباب مختلفة، وقبل عامين وجّهت اتهامات رسمية أميركية لموظفين سابقين في تويتر بالتجسس لصالح الحكومة السعودية من أجل التجسس على حسابات بعض معارضيها، كما استغلت روسيا منصات فيسبوك وتويتر وغيرهما، للتأثير على الرأي العام الأميركي من أجل التأثير في نتائج انتخابات عامي 2016 و2020.
وعلى الرغم من حظر تطبيق تويتر داخل الصين، يتخوف بعض المراقبين من قدرة الصين على التأثير على تويتر حال استحواذ إيلون ماسك عليه، فربما تطلب التضييق على حسابات المعارضين الصينيين في الخارج، أو حظر ما تعتبره الصين محتوى غير قانوني، إضافة لمخاوف من السماح لدعايتها الخاصة بالانتشار من خلال تويتر دون رادع.
وبسبب التقدم الصيني الهائل في قطاع التكنولوجيا، صنّفت واشنطن عددا من شركات التكنولوجيا الصينية بأنها على علاقة مشبوهة بالجيش الصيني، وفرضت عليها عقوبات مختلفة.
وبلغ عدد الشركات الصينية المدرجة على القوائم الأميركية السوداء أكثر من 270 شركة، على رأسها "هواوي" (HUAWEI) و"زد تي إي" (ZTE) اللتان تعملان في مجال الاتصالات، وشركة "هيكفيجن" (Hikvision) لأنظمة المراقبة، وشركة "سميك" (SMIIC)، أكبر شركة صينية لصناعة أشباه الموصلات.
ويوجّه كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" (FBI) بصورة دورية اتهامات ضخمة للصين بالتجسس على بلاده باستخدام وسائط التوصل الاجتماعي، ويعرض صورة قاتمة لتدخلها من خلال عملائها في حملة واسعة من التجسس الاقتصادي وسرقة معلومات وبيانات وأبحاث شركات أميركية، إضافة إلى القيام بأنشطة سياسية غير قانونية، واستخدام أساليب الرشوة والابتزاز للتأثير على رجال أعمال أميركيين لتحقيق أهداف سياسية صينية.
وقال راي "بلغنا الحدّ الذي أصبح فيه مكتب التحقيقات الفدرالي يفتح كل 10 ساعات قضية جديدة لمكافحة التجسس تتعلق بالصين. فمن بين ما يقرب من 5 آلاف حالة مكافحة تجسس يجري العمل عليها حاليا في أنحاء البلاد، هناك ما يقرب من نصفها يتعلق بالصين".
وفي حديث للجزيرة نت، أشار خبير التكنولوجيا إلياس شيرزاد -وهو صاحب شركة متعاقدة مع عدة جهات حكومية- إلى أنه "بالنظر إلى حجم المعلومات وعدد المستخدمين الذين يمتلكهم تويتر، وبالتالي كمية البيانات الشخصية الحساسة التي يمتلكها، فمن المرجح أن يتم فحص أي مشتر لها عن كثب".
وتضمّ منصة تويتر حاليا 229 مليون مستخدم، ويطمح إيلون ماسك إلى الوصول بالعدد إلى مليار شخص.
وسبق أن اتهم مسؤولون أميركيون الصين بقرصنة شركة التأمين "أينثم" (Anthem)، ووكالة التقييم لائتماني "إيكويفاكس" (Equifax) سعيا وراء معلومات شخصية لملايين المواطنين الأميركيين.
وتخشى الجهات الأمنية الأميركية من الوصول المحتمل إلى بيانات المستخدمين، خاصة أن للصين سجلا حافلا في هذه المجال، طبقا للخبير شيرزاد.
وسيلة ضغط صينية
وتظهر سجلات هيئة سوق المال الأميركية -المعروفة اختصار باسم "إس إي سي" (SEC)- أن شركة تسلا حققت مبيعات في الصين قيمتها 3.1 مليارات دولار عام 2021، ولا يسبق أرباح الشركة في الصين إلا ما تحققه من مبيعات داخل الولايات المتحدة، والتي تبلغ أكثر من 6 مليارات دولار. ويقع مقر الشركة الرئيسي في مدينة أوستن بولاية تكساس، في حين يقع أكبر مصانعها في مدينة شنغهاي الصينية.
ويرى بعض المعلّقين أن اعتماد شركة تسلا (مصدر ثورة ماسك الأساسية) على الصين، يدفعه لعدم إطلاق أي تصريحات من شأنها أن تغضب القيادة السياسية فيها.
ومن خلال الهيمنة الصينية على سلسلة الإمدادات التي تدخل في كل مراحل تصنيع السيارة تسلا، تمتلك الحكومة الصينية نفوذا كبيرا على ثروة إيلون ماسك، لدرجة أن استحواذه المخطط له على منصة تويتر يثير قلق بعض مسؤولي القطاعات الأمنية والاستخباراتية الأميركية.
وقد استثمرت عدة حكومات -مثل روسيا والصين والإمارات- في استخدام تويتر لتعزيز مصالحها الوطنية، ويخشى المنظمون من أن يصبح ذلك أسهل من خلال الوصول إلى المعلومات الداخلية أو التأثير على مديري تويتر الجدد.
وتشرف لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة -والمعروفة اختصارا باسم "سي إف آي يو إس" (CFIUS)، وتضم ممثلين من وزارات الخزانة والعدل والدفاع والخارجية- على عمليات استحواذ جهات أجنبية على شركات أميركية، وطرح عدد من المسؤولين فيها أسئلة عن طبيعة المستثمرين الأجانب المشاركين في عرض ماسك للاستحواذ على منصة تويتر.
وفي الوقت الذي تمنع فيه القوانين الأميركية لجنة الاستثمار الأجنبي من التدخل عندما يكون المستحوذ أميركيا، كما هو الحال مع ماسك، فإنه عندما تكون هناك مصالح صينية، فإن اللجنة تجري تحليلا شاملا للغاية قائما على المخاطر بغض النظر عن جنسية المستحوذ.
ويشير الخبير إلياس شيرزاد إلى أن "الحكومة الأميركية، ولاعتبارات تتعلق بالأمن القومي، يمكنها إيقاف صفقة توتير بأكملها".
وكشف تقرير نُشر في مايو/أيار الماضي، أن الصين وضعت إستراتيجية لتصبح المصدر الرئيسي في العالم لبطاريات السيارات الكهربائية، وكشفت شركة تسلا عن أن الصين هي المصدر الرئيسي لبطاريات سياراتها.
ويسبب ذلك قلقا كبيرا لدى مسؤولي الاستخبارات الأميركية، ممن يشعرون بالقلق إزاء احتمال الضغط ولي ذراع ماسك من قبل الصين لاختراق حسابات تويتر.
وبالرغم من أن تويتر نفسه محظور في الصين، وبالتالي لا يمكن لمعظم الناس الوصول إليه، فإن بكين مهتمة في كيفية تأثيره على وجهات نظر الأجانب في البلاد، وينشط الكثير من المسؤولين والدبلوماسيين الصينيين على تويتر في السنوات الأخيرة للترويج لمواقف وسياسات الحزب الشيوعي الحاكم.