التوجيهي والإضراب.. خسائر نفسية ومالية

التوجيهي والإضراب.. خسائر نفسية ومالية
ثلاثة عوامل مهمة تلحق الضرر بطلبة الثانوية العامة وذويهم جراء إضراب المعلمين، وتطرح هذه العوامل تساؤلات كبيرة حول دور كل من الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين في تحمل مسؤولية تفادي آثارها السلبية التي تتفاقم يوما بعد يوم مع استمرار توقف العام الدراسي لليوم الرابع عشر. أول هذه العوامل أن حالة من الإرباك تصيب كل عام أكثر من 150 ألف أسرة أردنية تجهز أبناءها للتقدم إلى امتحان الثانوية العامة إيذانا بانتهاء 12 عاما من الدراسة، وتمهيدا للانتقال للدراسات الجامعية. الأسر الأردنية، وفي الوضع الطبيعي ودون مؤثرات خارجية، تعيش أصلا عاما كاملا من الترقب والخوف والرجاء، بانتظار أن يتحصل أبناؤها على معدلات تؤهلهم لمقعد جامعي يمنحهم فرصة في سوق العمل. مع حالة الإضراب التي أصابت مدارسنا الحكومية بالشلل التام، فإن عشرات الآلاف من طلبة التوجيهي يتأخرون حتى هذا اليوم في الحصول على تعليم يساعدهم على تخطي هذا العام ومنافسة نظرائهم في المدارس الخاصة، فيما يقف الجميع موقف المتفرج بدون أن يحركوا ساكنا تجاه إنهاء أزمة أتت حتى اليوم على ما معدله 90 حصة من عمر الفصل الدراسي الأول. من يتحمل مسؤولية الحالة النفسية المرعبة التي يعيشها الآن طلبة التوجيهي، فمرور كل يوم بدون دراسة يعني أن الوقت يضيق أمامهم، ما يجعلهم أكثر إرباكا، إذ سيواجهون صعوبة بالغة في تنظيم برنامجهم الدراسي وأوقاتهم اليومية، أي أنهم قد يكونون غير قادرين على إنهاء المنهاج بصورة مريحة قبيل موعد تقديم الامتحانات. النقابة تتحدث عن أنها قادرة على تعويض الطلبة الحصص الدراسية التي فقدوها جراء إضراب المعلمين، لكن لم تتحدث عن كيف سيكون ذلك، وهل سيكونون قادرين على تعويضهم عن الجانب النفسي الذي لحق بهم، وقبل ذلك؛ هل سيكون التعويض من خلال دوام أيام السبت؟ هل في ذلك شيء من العدالة؟.. لا نظن ذلك، فيوم السبت يفترض أن يكون يوم عطلة للطالب يرتاح فيه، وينظم وقته ليوم دوام جديد. ثاني هذه العوامل، أن لهذا الإضراب أثرا ماليا كبيرا على ذوي الطلبة الذين يلجؤون، رغما عنهم، إلى إرسال أبنائهم إلى المراكز الثقافية أو تأمين مدرسين خصوصيين في المنازل، لتخطي عقبة فقدان عدد كبير من الحصص الدراسية، وهذه نفقات لا تضطر لها كثير من الأسر في الوضع الطبيعي. هذا البعد المالي متفاوت التأثير بين شرائح المجتمع، لكن جميعنا يعلم أن غالبية طلبة المدارس الحكومية هم من الفئة الأكثر عوزا وغير قادرين على توفير هذه الأموال لتعويض الخسارة التي لحقت بأبنائهم نتيجة توقف التدريس في المدارس بسبب الإضراب، وتحديدا أبناء المحافظات الذين يفتقدون أيضا لمراكز ثقافية على جودة عالية توفر تعليما جيدا لأبناء المنطقة من مشتركي التوجيهي. العبء المالي سيزداد على هذه الأسر التي ستلجأ حتما إلى شراء الدوسيهات والملخصات وأوراق العمل والحصص المصورة، ناهيك عن أن الطلبة سيتلقون المنهاج على أيدي معلمين غير أولئك الذين تتلمذوا على أيديهم في المدرسة، واعتادوا على أسلوب تدريسهم. أما ثالث هذه العوامل فيتمثل في غياب العدالة عند تقديم الامتحان، فطلبة المدارس الخاصة الذين انتظموا في التدريس منذ اليوم الأول سيتقدمون للامتحان النهائي في ذات الوقت مع طلبة المدارس الحكومية الذين يعانون منذ بدء العام الدراسي حتى اليوم، ولا أحد يعلم إلى أي وقت ستمتد الأزمة، ما يعني أن هناك فروقات هائلة في التحصيل العلمي بين الطرفين وقدرة كل منهما على التعامل مع المنهاج ودراسته وفهمه وحفظه، ناهيك عن الفروقات النفسية وتهيئة كل منهما لمواجهة أهم امتحان سيتقدم إليه. معركة الامتحان بالنسبة للطرفين واحدة لكن مع فرق الأسلحة التي يمتلكها كل منهما، وهذا مناف للعدل والمساواة.

تابعوا الوقائع على