"الخدمة المدنية".. نظام غير واضح المعالم

الخدمة المدنية.. نظام غير واضح المعالم
أبدى خبراء في مجال الإدارة تحفظهم على تعديلات تضمنها مشروع نظام الخدمة المدنية الجديد، باعتباره دون جدوى، فبرأيهم؛ لن يؤدي في النهاية لاختيار موظف كفؤ. المسألة تتعدى ذلك، فبحسبهم لا يأتي النظام ضمن إطار تنظيمي واضح. مع تخوفات محقة بأن يخسر الباحث عن العمل دوره وترتيبه وقدرته على الحصول على الفرصة الوظيفية في بلد تتزايد فيه أعداد العاطلين عن العمل. النظام الذي ناقشه مجلس الوزراء الأسبوع الماضي غير واضح المعالم، وحملت التوجهات والمرتكزات العامة التي تضمنها المشروع الجديد عناوين مبهمة دون الخوض في التفاصيل أو الإجابة على تساؤلات حول القدرة على تطبيق ما جاء به، خصوصا وأن مجالس الوزراء السابقة أصدرت مشروعات وقرارات مماثلة لم يتم التقيد بها لأنها لم تأت عبر إستراتيجية واضحة محددة بإطار تنظيمي وزمني. منذ استلام حكومة الدكتور عمر الرزاز والمواطن الأردني يستمع لقرارات ومشاريع وتوجههات وخطط نهضوية وتعهدات بإصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية، لكن ومع مرور الوقت لم ير هذا المواطن سوى سراب يحسبه ماءً، فلم يرتوِ ظمؤه بل أرهقته الهرولة وراءه حتى أنهكت قدرته على العيش. ولأن الحكومة لم تحقق سوى الشيء القليل من تعهداتها، فإن المواطنين ينظرون إليها بعين الشك والريبة وذلك نتيجة حتمية لتراجع الثقة بها بالملف الاقتصادي، لذا أثار الحديث عن تعديلات نظام الخدمة المدنية وهو يعتبر بيت الباحثين عن العمل من الأردنيين، كثيرا من الأحجيات كونه طُرح بعناوين براقة دون تبيان أو تفسير أو طمأنة خريجي الجامعات. رئيس ديوان الخدمة المدنية، رئيس اللجنة الوطنية المشكلة لإعداد النظام سامح الناصر بين أن النظام ركز على الانتقال في تخطيط وإدارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية بحيث تكون مبنية على مفهوم الكفايات الوظيفية بدءاً من إجراءات وآليات الاستقطاب مروراً بتأهيل وتدريب الموظف وانتهاء بترقية الموظف ومراجعة بطاقات الوصف الوظيفي لكافة وظائف الخدمة المدنية، وتطوير خطط الإحلال والتعاقب الوظيفي بشكل علمي ممنهج وربط المسار التدريبي بالمسار الوظيفي. من يستمع لما جاء في النظام يدرك أننا أمام تطور مهم في الإدارة العامة للدولة، وهو مسعى يساهم إلى حد بعيد في إعادة الألق لأهداف نظام الخدمة المدنية، لكن جملة من التساؤلات تطفو على السطح على رأسها مثلا "كيفية ضبط أصحاب القرار من الوزراء والمديرين ومن بحكمهم، من نقل الموظف من مسار وظيفي أو مهني إلى آخر؛ بعيدا عن الاجتهاد والشخصنة؟”، وهو سؤال يعتقد أصحاب الاختصاص أن لا أحد يمكنه الإجابة عليه لصعوبة تحقيقه. كما "كيف ستكون عملية الإحلال والتعاقب وما هي تكلفتها المادية على الدولة التي تعاني من عجز في الموازنة؟”. إن وضع نظام متكامل لتقييم الموظف والمسؤول يجب التوافق عليه من الموظف ومن يمثله والحكومة، لأن أي اختلال يفشل القدرة على تحقيق أهدافه، كما أن الأصل في هذه التعديلات أن تحقق العدالة بين المتقدمين للوظيفة العامة، لذا لا بد وأن تكون بنيت على دراسات حول الاحتياجات الفعلية من الموارد البشرية في دوائر ومؤسسات الدولة وأن تراعي الاستخدام الأمثل لمخزون ديوان الخدمة المدنية. نأمل أن يحقق النظام الجديد جزءا من العدالة الوظيفية التي يحلم بها الأردنيون، وأن لا يصطدم تطبيقه على أرض الواقع بأحجيات جديدة، ليكون مصيره كمصير الذي سبقه.

تابعوا الوقائع على