الأردنيون ليسوا هكذا!

الأردنيون ليسوا هكذا!
إلى أين تتجه أزمة إضراب المعلمين؟.. بات هذا هو السؤال الذي يؤرق المواطنين في طول البلاد وعرضها، بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة أقل ما توصف به أنها حساسة جدا، وطريقها شائك ومظلم بانتظار من يوقد فيه شمعة. حتى الآن يبدو أن الحكومة والنقابة لا يلتقيان على أرضية مشتركة تؤسس لحل وسط ينهي الأزمة، في ظل تمسك كل منهما بموقفه. ليس بعيدا عن الواقع القول إن النقابة والحكومة على حد سواء دخلا في خضم بئر لا قرار لها، وهو أمر لا يجدر القبول به وقد رأينا انعكاساته أمس على أرض الواقع. ما شهدناه من مشادات وملاسنات بين أولياء أمور ومعلمين ومعلمات، وإحراق إطارات وتوجه الطلبة بالآلاف إلى المدارس ثم منعهم من دخولها، وفي أحسن الأحوال إدخالهم إلى الساحات المدرسية أو الغرف الصفية دون إعطائهم الدروس المقررة، وسواه الكثير مما بات فعلا يندى له الجبين، لا يمثل الأردن والأردنيين، ولا يمكن القبول به تحت أي ظرف، وتحت أي ذريعة، بل لا يمكن السكوت عنه والتسليم به كأمر فرض علينا لا يتزحزح يمنة أو يسرة. وصلنا مرحلة من فشل محاولات الحل، لم يعد معها مجال للسعي إلى البحث عن المسؤول والمتسبب فيما جرى من انقسام في المجتمع لا طاقة لنا بتحمل نتائجه، نحتاج الآن إلى الحكمة والإرادة الحقيقية من النقابة والحكومة على حد سواء للنزول عن الشجرة من خلال حوار يفضي إلى حل توافقي ينهي الحالة القائمة قبل تفاقمها إلى ما لا يحمد عقباه لا قدر الله. يبدو أن النقابة التي صعدت إلى أعلى هذه الشجرة عبر الاستمرار بالإضراب ورفض التنازل والتفاوض على نسبة الخمسين بالمائة، باتت عاجزة عن النزول وحدها، وهو الحال الذي تبدو عليه الحكومة أيضا وهي تصدر القرارات وتتخذ الإجراءات الإدارية، بموجب القانون، واحدا تلو الآخر. هذا الصعود الذي لا مؤشرات على إمكانية إيقافه مرشح لأن تتسارع وتيرته مخلفا وراءه دمارا في العملية التعليمية للفصل الدراسي الأول. الوقت يداهمنا، والطلاب وحدهم يدفعون الثمن في معركة لا رابح فيها مهما كانت النتائج. نحن أحوج ما نكون إلى من يثبت سلما ينزل عليه الطرفان من أعلى الشجرة بسلام وهدوء. فلندع ساعة الحساب على وقتها ولنلتفت إلى ما يحتاجه الوطن، الذي يريد عودة الطلاب إلى المدارس وانتظام الحياة التعليمية الطبيعية، ويريد الحفاظ على السلم المجتمعي، وبالتأكيد تجنب تفاقم الأزمة إلى ما هو أخطر وأبعد. بقاء الوضع على ما عليه اليوم يؤسس لانقسام شعبي كبير لن يكون في مصلحة أحد، إذ يتوجب على الطرفين أن يعيا أن هناك أنصارا لكل منهما، يؤمنون بخطواته التي يتخذها في هذه المواجهة، وهو ما يحيل إلى وجوب أخذ ذلك بالحسبان حين يقرر التصعيد. حق الآخر هو مفتاح لأن نزيل عن أنفسنا وهم احتكار الحقيقة، والسير إلى الأمام مقدمين التنازلات من أجل مصلحة الوطن.
تابعوا الوقائع على