لا بديل عن التوافق

لا بديل عن التوافق
يُسجل للنقابات المهنية أنها استبقت اجتماعها أمس لمناقشة إقرار تعديلاتها ومقترحاتها على نظام الخدمة المدنية والعلاوة الفنية الخاصة بمنتسبيها العاملين في القطاع العام، بتأكيدها على أن التفاهم هو أساس العلاقة مع الحكومة. هذه القاعدة تعكس حرص النقباء على تلبية مطالب منتسبي النقابات جنبا إلى جنب ومراعاتهم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المملكة. مجلس النقباء دعا لاجتماع أمس بهدف إقرار تعديلاته على النظام تمهيدا لرفعها للحكومة استكمالا لعمل اللجنة الوطنية المشكلة من الحكومة والنقابات لتعديله والتي بدأ عملها منذ نحو 5 أشهر. وقد أكد نقباء في تصريحات صحفية رفضهم أن يكون "الإضراب ثقافة وغاية لدى النقابات المهنية”. وهو أمر أكد عليه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أمس بقوله "نفخر بوجود نقابات فعّالة لديها دور رئيس في إيصال صوت المهنيين ونرى أن لها دوراً أساسياً في إيصال صوت مطالب المهنيين المعيشية، لكن من دون أن يؤثر ذلك على حقوق الآخرين وهو حوار موجود في كل دول العالم”. ليس من مصلحة أحد أن نشهد تشنجا في المواقف، خصوصا بعد التجربة المريرة التي عاشتها نقابة المعلمين والحكومة والشارع لنحو شهر نتيجة إضراب نفذه المعلمون ودفع الجميع ثمنا باهظا له. لا بديل عن الحوار والتفاهم لأنه السبيل الوحيد للوصول إلى حلول مرضية بين جميع الأطراف، فلا بد وأن تفي الحكومة بوعودها السابقة للنقابات خصوصا وأنها أقرت بوجود تشوهات يعاني منها نظام الخدمة المدنية، مع تفهمها لوضع النقابيين في القطاع العام وضرورة التوصل إلى صيغة توافقية لمنحهم مطالبهم. ولا بد من أن يعمل الجميع بشكل تشاركي لإزالة هذه التشوهات التي عاثت بعض جوانبها في الأرض ظلما لقطاعات عديدة. وكما أن على النقابات عدم التمترس باتجاه واحد فقط، مع ضرورة أن تحمل بجعبتها مبادرات توافقية إيجابية تتضمن بدائل وحلولا متعددة، فإن على الحكومة أيضا إيجاد مقترح معقول تقدمه كأرضية تستند عليها، خصوصا في الجانب المالي، وأن تكون قادرة على تحقيقه. كبيرة هي الدروس المستفادة من إضراب المعلمين، وأهمها أنه مهما طالت الأزمة وتشعبت واشتدت وضاق أفق انفراجها، كان الحل بالنهاية عبر التوافق وليس من خلال إدارة الظهر للآخر، وهذا التوافق هو من ساهم في إنقاذ الطلبة وذويهم والعملية التعليمية برمتها، حيث كانت الدولة بكافة مكوناتها الشعبية والرسمية تعيش حالة من الصمت والترقب والخوف من نتائج لا تحمد عقباها. رئيس الوزراء أكد وجود اختلالات في نظام الخدمة المدنية، قائلاً "إن الحكومة تعمل على معالجتها، ضمن نطاق الشراكة مع الجهات المعنية من نقابات وأصحاب اختصاص، وأنه نظام لم يطور بشكل حقيقي ليعكس العدالة بين القطاعات وداخل القطاع الواحد”، وهذا اعتراف يقطع نصف الطريق نحو الوصول إلى بر الأمان تمهيدا لمعالجتها، وهو أمر مطلبي من كافة الأردنيين، ومن شأن تحقيقه أن يعيد جزءا من الثقة المفقودة بين المواطن والحكومة.
تابعوا الوقائع على