كنت أيوب فينا

كنت أيوب فينا
أريد أن أعتذر هذا الصباح, للشهيد عبدالله المشاهرة, نعم هو شهيد فقد قتل ظلما, ومرض ظلما, ولمدة (5) سنوات وهو يعاني من التقرحات والشلل, وكان يريد بادرة من أحدهم, لكن الأيام خذلته, ومسؤولي الوطن خذلوه, وكل الأصوات العالية خذلته.

قبل سنوات, استقرت رصاصة طائشة في جسده, تسببت له بالشلل, ونتيجة لبعض الإهمال ربما, أو لسوء الحظ اكتسح العفن جسده, وأمضى العمر بين حزن وحزن.. ولكنه لم يفقد الأمل.

ظلمناك يا أخي, فقد كانت الفرصة سانحة لعلاجك لكن أحدا لم يبادر.. لو أن واحدا فقط من أصحاب القصور الفارهة, قرر أن يغير نوع السيراميك إلى صنف عادي, ووفر فارق السعر لعلاجك.. كنت ستشفى حتما ستشفى, لو أن بنكا من البنوك العتيدة وفر (2%) من حجم الجوائز التي ينفقها على المودعين, لربما جعلك تسافر إلى أفضل المشافي في العالم.. وتعود سالما لأهلك, ولو أن ميسورا من الميسورين الذين يقطنون أعالي الجبال, باع قرطا من الماس, أو عقدا من الياقوت, تملكه المدام لربما كان ثمنه كفيلا بأن يحملك إلى (مايو كلينك).. حيث الشفاء هنالك ينتظر.

لكننا يا عبدالله المشاهرة, نفرح بالرفض، ونفرح بالإضرابات, ونهلل لانكسار الحكومات, بالمقابل نترك الحياة, ونهمل الأحلام.. وما من أحد يا أخي اهتم لأنينك في اخر الليل, أو وجعك.. أو عطشك واستعصاء الماء على الدخول لجوفك المتعب.

لقد قمت بتعريتنا تماما, لكن الله سينصفك, فعنده وحده تجد العدل, وتعود كما كنت قبل الحادثة, فتى يافعا مثل سنابل حوران, تداعب الريح وليست هي من يداعبك, وتنظر بعينك لنا, وأعرف يا ابن دمي أنك تسامح.. فالمظلوم يسامح, وأنت كنت من أكبر المظلومين على هذه الأرض.

مات عبدالله المشاهرة, وتم اتلاف سجله من الأحوال المدنية, وربما استصدرت له شهادة وفاة, كتب في أولها أن سبب الموت هو: طلقة طائشة, وترك الذكريات والقليل من الأخبار الصحفية التي تحمل في ثناياها حجم الألم في قصته, والأهم أنه ترك لنا عارا.. وخزيا, فهو ضحية لطيش المجتمع, والمجتمع للأسف تركه, كي يلقى مصيره.. دون أن تخرج مسيرة لأجله أو وقفة تضامن, أو حتى صرخة..

وما هي قوة المجتمع, إن لم يقم بصون أعلى قيمة في الدنيا وهي الحياة..!!

عليك الرحمة, فقد كنت أيوب فينا.. وصبرك كان من صبره.
تابعوا الوقائع على